Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, September 14, 2021

الرأسمالية لن تنهار والعولمة لن تختفي في القريب العاجل

الرأسمالية لن تنهار, العولمة لن تختفي في القريب العاجل. هناك العديد من التحليلات التي تربط بين إنهيار الولايات المتحدة وإنهيار منظومة العولمة. ولكن الحقيقة على أرض الواقع أن أي منهما لن ينهار. العولمة والرأسمالية وجهان لعملة واحدة, لا يمكن الفصل بينهما. الرأسمالية والعولمة يكملان بعضهما البعض, الأولى تهدف الى تحقيق الأرباح وتراكم الثروة بينما الثانية تهدف الى تشغيل رأس المال المتراكم وتحقيق المزيد من الأرباح وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة, اليد الخفية ودعه يعمل دعه يمر. الحركة الاستعمارية هي جزء لا يتجزأ من الرأسمالية هدفها الأساسي البحث عن أسواق جديدة للإنتاج الرأسمالي المتراكم. 

عالم الإقتصاد الأمريكي من أصل نمساوي جوزيف شومبيتر تحدث عن أحد أهم مبادئ الإقتصاد السياسي وهو التدمير الخلاق(Creative Destruction) وهو مصطلح يختلف عن الفوضى الخلاقة(Creative Destruction) والذي يعتبر مصطلحا سياسيا بحتا. ولكن جوزيف شومبيتر جانب الصواب في توقعاته أن الاشتراكية سوف ترث النظام الرأسمالي المنهار حيث اعتبر أن الاشتراكية هي نتيجة حتمية لازدهار النظام الرأسمالي ووريثة شرعية له. خلال الأزمة المالية العالمية(٢٠٠٧) برزت دعوات الى عدم التدخل الحكومي وترك البنوك تنهار وتحمل عواقب أعمالها ورهاناتها المحفوفة بالمخاطر في أسواق المال ولكن حكومة الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن رفضت تلك الدعوات ومن ثم الرئيس باراك أوباما الذي أقرَّ حزمة تحفيز مالية تجاوزت ٧٠٠ مليار دولار من أموال دافعي الضرائب مما أدى الى تعرضه لإنتقادات وصفته بأنه إشتراكي وأن الإشتراكية تسيطر على الولايات المتحدة.

إن الأمثلة على مبدأ التدمير الخلاق في إطار الرأسمالية والعولمة أكثر من أن تحصى. على سبيل المثال إنهيار صناعة أفلام التصوير التقليدية وحتى صناعة كاميرات التصوير الرقمية بعد القفزة المذهلة في تكنولوجيا الهواتف الذكية. مثال أخر تطور صناعة السيارات وإنتشار استخدامها مما أدى الى تهميش وسائل نقل أخرى مثل القطارات والعربات الكهربائية. الرأسمالية لديها سلاحان رئيسيان تستطيع أن تهزم بهما جميع خصومها بلا منازع: الأول هو الوقت, بينما الثاني هو العولمة. فيتنام التي قاومت الغزو الفرنسي ومن ثم الأمريكي سقطت ضحية الغزو الغير مباشر وهو العولمة وإتفاقيات التجارة الحرَّة ولم يتبقى من ذكريات المقاومة ضد الإستعمار سوف قصص تروى في كتب التاريخ. الثائر الأممي الكوبي من أصول أرجنتينية تشي غيفارا تحول الى سلعة تباع صورته على القمصان والقبعات. كل ما سبق ذكره فرض نفسه محمولا على أجنحة العولمة التي جعلت من المقبول تحويل كل شيء الى سلعة تباع وتشترى حتى لو كانت كرامة الشعوب وتراثها.

الحرب على الإرهاب تم تعليبها في إطار العولمة حيث الهدف الأول والأخير هو تحقيق الأرباح دون أي اعتبارات أخلاقية. لقد تحولت الحرب على الإرهاب الى صناعة قيمتها عشرات المليارات من الدولارات والقضية تجاوزت الغزو العسكري المباشر من دولة ما ضد دولة أخرى. صناعة وتجارة الأسلحة خصوصا الفردية, صناعة الأمن والحراسات الخاصة, أجهزة الكشف عن المعادن التي أصبحت شائعة حتى في المجمعات التجارية. وفي سبيل إستمرار الحرب على الإرهاب وتحقيق المزيد من الأرباح يتم تجنيد أعداد ضخمة من المرتزقة مدفوعين بدوافع دينية وإرسالهم الى بلدان بعينها حيث يتبعهم أعداد ضخمة من الجنود يتم تجنيدهم من صفوف الفئات المهمشة والأكثر فقرا ضحية سياسات إقتصادية معلومة أدت الى ازدياد الفقر والبطالة في تلك المجتمعات.

الاستعمار التقليدي انتهى زمنه حيث يمكن اعتباره ضحية أخرى من ضحايا قوى التدمير الخلاق وحل محله حروب الجيل الرابع والخامس وربما السادس والسابع حيث يمكن تدمير بلد ما عن بعد بدون ارسال جندي واحد وبإستخدام القوة الناعمة مثل حقوق الإنسان, الحريات وحتى الحركات النسوية والمنظمات الغير حكومية. هناك استعمار حديث وعصري. ثورات ملونة برتقالية, توليب, الزرقاء, الزعفران أو الربيع العربي الذي يمكن أن نطلق عليه ثورة حمراء وحتى ثورات قوس قزح التي ترفع أعلام الرينبو وهي ليست إلا مجرد أدوات يقع ضحيتها البلهاء والمغفلين والحالمين الذي يعلنون الندم لاحقا وأنه تم خداعهم وإستغلالهم. اتفاقيات التجارة الحرة ليس فيها من المصداقية إلا الإسم فهي ليست إلا أحد أدوات الاستعمار الحديث التي تهدف الى تدمير النخب الإقتصادية الوطنية لصالح الشركات العابرة للقارات التي سوف تتكفل برعاية نخب أخرى تقبل بأن تقتات على الفتات مقابل رعاية مصالح تلك الشركات.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment