Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, September 14, 2021

اللعنة السوداء, حروب وصراعات دموية

النفط وخطوط الطاقة تعتبر عوامل مشتركة في جميع الحروب والانقلابات السياسية والثورات الملونة حيث يندر أن تجد صراعا على مستوى العالم سواء كان حربا أم انقلابا دمويا إلا وكان النفط مساهما رئيسيا فيه. والأحق أن يطلق على النفط اللعنة السوداء(The Black Curse) وليس الذهب الأسود بسبب مساهمته في تأجيج نار الصراعات على مستوى العالم. شركات النفط الأمريكية والبريطانية تسارع الى أي بلد يتم الإعلان عن اكتشاف احتياطيات نفطية بكميات تجارية وذلك من أجل تحقيق هدف الهيمنة على مصادر الطاقة والتحكم بحركة الاقتصاد العالمي.

نيجيريا تعتبر أكبر منتج للنفط في إفريقيا وأحد أكثر بلدان إفريقيا إضطرابات بكافة أنواع الصراعات العرقية والدينية التي تلعب على أوتارها أصابع أجنبية. الواجهة الرئيسية للصراع هي المسلمين ضد المسيحيين ولكن نيجيريا التي استقلت عن الاستعمار البريطاني سنة 1960 لديها 300 مجموعة عرقية ودينية مختلفة. قبائل الهوسا المسلمة التي تسكن النصف الشمالي من نيجيريا في حالة صراع مستمر مع قبائل الإيغبو في الجنوب حيث تقع مكامن احتياطيات نفطية ضخمة. السودان دولة إفريقية أخرى أصابتها اللعنة السوداء حيث تقع أغلب حقول النفط في جنوب السودان الذي تسكنه أغلبية مسيحية مقارنة مع شمال البلاد ذي الأغلبية السكانية المسلمة. دولة جنوب السودان أعلنت إنفصالها سنة 2011 في استفتاء بعد حرب أهلية كانت مستمرة منذ ثمانينيات القرن العشرين.

ولعل الأمور في إفريقيا أكثر وضوحا ولكن الصراع على أوكرانيا بين روسيا ودول غربية وأوروبية على رأسها الولايات المتحدة يعتبر أكثر غموضا. وقد يعتقد البعض أن الصراع في أوكرانيا خصوصا منطقة حوض دونباس ليس إلا مجرد صراع جيوسياسي أو صراع نفوذ ولكن ذلك خطأ في التحليل. إن منطقة حوض دنيبر-دونتس (DDB) تحتوي على نفط بكميات تجارية على عكس التوقعات الجيولوجية. الصراع في منطقة آسيا يدور بشكل رئيسي حول حقول النفط وخطوط الطاقة حيث هناك عدة مشاريع من أجل إنتاج ونقل النفط خصوصا في جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابقة حيث تتواجه روسيا والولايات المتحدة بشكل مستمر. الحرب بين أذربيجان وأرمينيا حول منطقة ناغورني -كاراباخ ليس لها علاقة بصراع إسلامي-مسيحي بل بإنتاج النفط ونقله خصوصا مشروع خط(باكو-تبليسي-جيهان BTC) بطول 1100 ميل. السيطرة على تلك المنطقة ضمان من أجل أمن مشروع خط نقل النفط من حقول النفط في باكو الى ميناء جيهان التركي. 

ولكن لا يوجد صورة أكثر وضوحا يمكن أن تصف حالة الصراع على النفط أكثر من الشرق الأوسط حيث تقع أغلب احتياطيات النفط العالمية خصوصا في المملكة العربية السعودية, العراق ومؤخرا سوريا التي تم إكتشاف حقول نفط وغاز بحرية ضخمة. الصراع في سوريا ليس له علاقة بأمور يتم الترويج لها إعلاميا مثل الحرية وحقوق الإنسان, نظام جوهر علييف في أذربيجان هو أحد أكثر الأنظمة قمعا في آسيا وعلى الرغم من ذلك فقد رفعت الولايات المتحدة حظر السلاح عنه سنة 2002 تحت مسمى مكافحة الإرهاب. الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب كان واضحا حيث صرَّحَ بأن سبب تواجد القوات الأمريكية في سوريا هو النفط. خطوط نقل النفط والغاز التي اقترحتها قطر ورفضها الرئيس السوري بشار الأسد حماية لمصالح حلفائه روسيا وإيران هي سبب رئيسي يلخص حالة الصراع في سوريا. 

إن حالة الإضطرابات والصراعات في بلدان منتجة للنفط أو بلدان تمر بها خطوط نقل النفط مثل أفغانستان وسوريا تجعل مهمة شركات إنتاج النفط الغربية في نهب الموارد أكثر سهولة. هناك كميات ضخمة من النفط السوري كان يتم بيعها من طرف تنظيم داعش الى تجار أتراك. الولايات المتحدة جعلت حراسة حقول النفط في الرقة ودير الزور مهمة أساسية لها في سوريا. معاهد أبحاث غربية تحاول عدم لفت الأنظار الى دور النفط في حالة الصراع العالمي خصوصا في الشرق الأوسط ولكن الوقائع على الأرض تؤكد العكس. معاهد أبحاث عربية ترمي بحالة الصراع العرقي والاثني في دول مثل نيجيريا على شماعة التغير المناخي والاحتباس الحراري بينما واقع الصراع على مكامن وخطوط نقل الطاقة يفرض نفسه. شماعة الديمقراطية وحقوق الإنسان يتم إستخدامها في سوريا بينما قتلت الحكومة الأندونيسية مئات الآلاف تحت مسمى محاربة الشيوعية وإختفى آلاف المعارضين في تشيلي والأرجنتين خلال فترة الحكم العسكري ولكن التجاهل كان مصير تلك الأحداث.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment