Flag Counter

Flag Counter

Sunday, August 22, 2021

قضية البيئة بين السياسة والعلم

أعادت حرائق الغابات والفيضانات التي حصلت مؤخرا في عدة دول أوروبية وعربية حالة الجدل حول مسائل بيئية على درجة من الأهمية خصوصا التغير المناخي والاحتباس الحراري. خلال أزمة فيروس كورونا التي تخللتها فترات طويلة من حظر التجول الجزئي والكلي, بدأت تقارير علمية بالحديث عن تعافي الأرض مناخيا خصوصا ثقب الأوزون الذي شارف على الإختفاء. هناك فريقان يتنازعان وجهات النظر حول أيهما على صواب: الفريق الأول الذي يؤيد أن ازدياد النشاط الإنساني منذ بداية الثورة الصناعية الأولى في إنجلترا هو المسؤول عن مشكلة الأرض البيئية, بينما يرى الطرف الأخر أن الأرض تمر بدورات مناخية طبيعية بدون أي تدخل بشري. وقد انقسم الطرفان سياسيا حيث يرفض المحافظون نظريات الإحتباس الحراري بينما يتبنى خصومهم على اختلاف توجهاتهم من أحزاب ليبرالية وديمقراطية وجهة نظر معاكسة.

إن حساسية تلك المسألة الخلافية وارتباطاتها السياسية قد بدأت تؤثر على النزاهة والشفافية ومصداقية العلماء والأبحاث العلمية. الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب من اتفاقية باريس للمناخ وهي إتفاقية شكلية وغير ملزمة بينما كان من أوائل القرارات التي قام الرئيس الحالي جو بايدن بتوقيعها هو عودة الولايات المتحدة للانضمام الى الاتفاقية. أشخاص من مناصري البيئة مثل الممثل ليوناردو دي كابريو ألقى خطبة في الأمم المتحدة دعا فيها الى زيادة سعر وقود المركبات الى 7 دولارات/غالون مما يعتبر كارثيا لأنه سوف يؤدي الى زيادة تكاليف النقل مما سوف يؤثر على الطبقات الفقيرة وليس على الممثل الهوليودي الذي تعتبر ثروته عشرات الملايين من الدولارات. بالإضافة الى أنه من الملوثين للبيئة حيث تزيد كمية الإنبعاثات الكربونية الخاصة به عن 19 طن بسبب إستخدامه للطائرات الخاصة من أجل السفر واليخوت من أجل قضاء العطلات. مؤتمرات واجتماعات للدفاع عن البيئة تساهم في تلويث البيئة حيث تترك بصمة كربونية مئات الأطنان بسبب الإستخدام المكثف للطائرات والسيارات من المشاركين في تلك الإجتماعات.

في الولايات المتحدة يتم اعتبار الخصومة حول تلك المسألة الحساسة أمرا شخصيا وتدخل فيها إعتبارات إقتصادية. شركات النفط تعتبر بأنها مستهدفة بشكل مباشر من خصومها بسبب إعتبار إستهلاك الوقود الأحفوري المساهم الرئيسي في التلوث البيئي والاحتباس الحراري. و على الجانب الأخر, هناك جمعيات الدفاع عن البيئة والتي تدعو الى الإعتماد الكامل على الطاقات البديلة وهو أمر يستحيل حدوثه. المثير للاستغراب أن بعض المنظمات والجمعيات المدافعة عن البيئة قد تتلقى تمويلا من شركات نفط وشركات الصناعات الكيميائية التي تعتبرها تلك الجمعيات السبب الرئيسي في تلويث البيئة.

شركات الصناعات الكيميائية وصناعة قطع الأخشاب والشركات الزراعية هي الوجه الآخر للمسألة الذي لا تتناوله وسائل الإعلام إلا نادرا لأن تلك الشركات تدفع الى منظمات بيئية حتى تقوم بالتركيز على الوقود الأحفوري وأنه سبب رئيسي في التلوث البيئي وقضايا مثل الاحتباس الحراري. بينما تقوم شركات التنقيب عن النفط على تمويل معاهد ومراكز أبحاث وعلماء وصحفيين من أجل الدفاع عنها. هناك الكثير من الدعايات التي تُظهر شركات النفط بأنها تهتم بالبيئة وأنها تراعي أقصى درجات الأمان والسلامة في عملياتها. حتى أنني شاهدت فيلما وثائقيا يروي القائمون عليه أن صناعة المواشي هي المسؤولة عن ظواهر التغير المناخي لأن الأبقار تطلق غاز الميثان في الجو من خلال إخراج فضلاتها وأن كمية غاز الميثان التي تطلقها تلك الأبقار تفوق الكمية المنبعثة من عوادم السيارات. كما طالب القائمون على الفيلم بأن يتخلى المستهلكون عن اللحوم بكافة أنواعها والتحول الى نباتيين. ولكن السؤال الذي لم تتم الإجابة عليه هو عن مساحة الأراضي التي سوف تحتاجها البشرية من أجل التحول الى نباتيين وأين سوف تتم زراعة المحاصيل التي سوف يتم استهلاكها؟

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment