Flag Counter

Flag Counter

Thursday, August 17, 2023

هل المسيح موجود؟

هناك الكثير من الأسئلة حول العقيدة المسيحية التي بقيت حتى يومنا هذا من دون إجابة واضحة مثل "هل الإنجيل محرف؟", "هل قام يسوع المسيح من الموت؟" أو "هل المسيح هو الله؟". كما أنه هناك أسئلة أقل أهمية أو تداولا بين المهتمين بتاريخ العقيدة المسيحية, على سبيل المثال "من دحرج الحجر؟" أو "من هو التلميذ الذي كان يحبه يسوع, يوحنا أم العازر؟."

وقد بقيت تلك الأسئلة بدون إجابة حاسمة لأن هناك ثغرات واسعة في العقيدة المسيحية التي لم تظهر هكذا فجأة بين يوم وليلة ولكنها كانت نتيجة الحروب, الإضطهاد والمجامع الكنسية مما يؤدي الى تغيرات جذرية ورئيسية على فترة زمنية تقدَّرُ بعدة قرون.

ولكن السؤال عن يسوع المسيح وهل هو موجود سؤال على درجة من الاهمية إن لم يكن أهم سؤال في تاريخ الديانة والعقيدة المسيحية لأنه سؤال يطرحه الملحدون و يهدفون من خلاله الى إثبات أن المسيح ليس إلا أسطورة مختلقة وبالتالي فإن الديانة المسيحية هي بدورها مختلفة وبدون جذور تاريخية.

هناك كتاب من تأليف البروفيسور بارت إيرمان بعنوان "هل المسيح موجود؟ حوار تاريخي حول يسوع الناصري" والذي  سوف أناقشه وأناقش أفكاره في موضوع منفصل في مدونة مائة كاتب وكتاب ولكن في هذا الموضوع سوف نستعرض باختصار الخطوط الرئيسية وأناقش بعض الأفكار حول وجود يسوع المسيح أو يسوع الناصري من الناحية التاريخية والأسباب التي قد تدفع بعضهم الى إنكار ذلك.

 هناك صعوبة في إثبات شخصية يسوع المسيحي تاريخيا وذلك يعود الى عدة أسباب. أقدم نصوص العهد الجديد وهي رسائل بولس الرسول لا تقدم لنا أي معلومات عن يسوع المسيح سوى ما ذكره بولس عن ظهور المسيح له وهو في طريقه الى دمشق من أجل القبض على تلاميذ الرب(أع ١:٩) وسمع صوتا قائلا له "شَاوُلُ، شَاوُلُ! لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟"(أع ٤:٩) وفي رسالته الى رومية حيث أشار الى المسيح أنه من نسل داوود من جهة الجسد(رومية ٣:١) ولكنه بذلك يناقض الأناجيل كما في متى و لوقا أن يسوع المسيح هو بذرة زرعها الرب مباشرة في رحم مريم.

الأناجيل الأربعة وهي المصدر الرئيسي عن حياة يسوع المسيح تعاني من عدة مشاكل نقدية تجعل من تكوين فكرة محددة وتاريخية عن يسوع المسيح مهمة غير واضحة المعالم. هناك سؤال عن الهوية الحقيقية لمن كتب الأناجيل وفقدان النسخ الأصلية و فجوة زمنية بين تاريخ صلب المسيح وكتابة أول الأناجيل وحتى هذه الأخيرة إختلف عليها بعض علماء تاريخ المسيحية المبكرة, هل هو إنجيل القديس متى أو إنجيل القديس مرقس.

ولكن على الرغم من ذلك فإنَّ الأناجيل الأربعة هي مصدر رئيسي لإثبات أنَّ يسوع المسيح شخصية حقيقية. كما أنه هناك عدد من الأناجيل التي لم تعترف بها الكنيسة ولم يتم ضمها الى قائمة الأسفار القانونية يتحدث مؤلفوها عن يسوع المسيح. انجيل توما الابوكريفي يتحدث على سبيل المثال عن رواية نفخ الطين الى طائر وهي رواية تتقارب مع رواية القرآن الكريم. الأناجيل الأربعة تقدِّم مجموعة من المعلومات المتقاطعة التي تتم روايتها مستقلة عن بعضها البعض والتي تثبت بما لايدع مجالا للشك أن يسوع المسيح هو شخصية تاريخية حقيقية كانت موجودة خلال القرن الأول الميلادي.

هناك نقطة هامة للغاية وهي أن يسوع المسيح كان شخصية مغمورة في حياته ودعوته وعدد أتباعه ولم يكن بذلك الصيت الذي يجعل من رسالته في مراحلها الأولى رسالة عالمية. كان أحد الأشخاص الذين خالفوا قوانين الهيكل والحاكم الروماني وتم عقابهم بأن صلبوا حتى الموت. يسوع المسيح لم يكن ابن الله وصانع المعجزات الوحيد خلال تلك الفترة الزمنية وحادثة صلبه لم تكن حادثة نادرة بل أمرا متكرِّرأ في تلك الفترة الزمنية المضطربة. إن ذلك أدى الى غياب الحديث عن يسوع المسيح في مؤلفات عدد من المؤرخين القدامى سواء كانوا يهود, وثنيين أو رومانيين.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment