Flag Counter

Flag Counter

Monday, November 8, 2021

هل كان دخول العثمانيين الى مصر فتحا مبينا أم إحتلال؟

يروِّج العثمانيون الجدد فكرة أن دخول قوات سليم الأول الى مصر والشام بعد إنتصاره على المماليك في معركتي مرد دابق والريدانية هي فتح مبين وإنتصار عظيم للإسلام والمسلمين. كما يروج أولئك الحمقى والمغفلون بروباغندا الإمبراطورية الفاضلة وحامية حمى الإسلام والهدف هو تحصين التاريخ العثماني وعثمنة التاريخ الإسلامي بما يخدم أهداف الدولة التركية المعاصرة ورئيسها رجب طيب أردوغان. إن غزوات العثمانيين ومعاركهم في أوروبا لا يعتدُّ بها لأن هدفها كان الغنائم والجزية ولم يكن هناك أي محاولة من أجل تأسيس وجود دائم في تلك المناطق وبسبب ذلك فقد كانت الممالك النصرانية الأوروبية تعود أقوى في كل مواجهة جديدة مع الجيوش العثمانية.

إن عثمنة التاريخ العثماني هي أمر انتشر في الآونة الأخيرة حيث يكون الحديث عن أمجاد العثمانيين ومعاركهم مع تضخيم الإيجابيات والتقليل من السلبيات. مسلسل ممالك النار تعرض الى انتقادات عنيفة من مناصري السلطنة العثمانية الزائلة لا أعادها الله بينما يتم تقديم المديح إلى مسلسل مثل قيامة ارطغرل و السلطان عبد الحميد الثاني وغيرها من المسلسلات الفانتازية وفق معايير مزدوجة. إن المسلسلات التركية المدبلجة تعتبر من أهم أدوات القوة الناعمة التي يستخدمها العثمانيون الجدد واتباعهم.

مسألة الصراع العثماني المملوكي هي مسألة معقدة أشبه بحقل الغام. السبب المعلن للخلاف هو أنَّ المماليك قد تحالفوا مع الصفويين ضد الدولة العثمانية وبسبب ذلك قرَّر سليم الأول إسقاط دولتهم. ولكن المعلومة التي يتم تجاهلها هو أن وفاة السلطان محمد الفاتح قد أدَّت الى صراع بين إثنين من الأشقاء الأقوياء هم بايزيد وجِم سلطان حيث هرب الأخير الى مصر في حماية السلطان قايتباي المملوكي والذي وإن قبل حمايته إلا أنه رفض تزويده بقوات من المماليك من أجل قتال شقيقه بايزيد. وقد فرَّ جِم سلطان الى جزيرة رودس ثم الى بابا الفاتيكان في إيطاليا حيث توفي في ظروف غامضة.

إن تلك الحادثة برأي الشخصي هي ما عجَّلَ بالصراع بين العثمانيين والمماليك وهو صراع كان واقعا لا محالة ولكن ماهي إلا مسألة وقت. القتل بين بايزيد و قايتباي توقف بعد وساطة حاكم تونس بل وظهرت بوادر إتفاق حول القيام بعمل ما من أجل مسلمي الأندلس. وعندما توفي السلطان بايزيد في عهد السلطان المملوكي قانصوه الغوري, أقام الأخير صلاة الغائب على روحه وأظهر الحزن والحداد. سليم الأول الذي خلف والده بايزيد بدأ حكمه بقتل جدِّه لأمه أمير إمارة (ذي القدر) الحدودية بينه وبين المماليك وبدأ تحركاته زاحفا بجيشه الى الشام. وهنا يبرز دور الحاكم المملوكي على حلب خاير بك الذي كان يتخابر مع العثمانيين وانسحب بقوات الميسرة المملوكية في معركة مرج دابق وأشاع أنَّ السلطان قانصوه الغوري قد قُتِلَ في المعركة مما أدى الى تراجع قوات الإحتياط المملوكية التي كانت مهمتها مساندة الجيش لو تعرض الى أي هزيمة.

وقد حاول أهالي دمشق وحاميتها مقاومة القوات العثمانية الغازية ولكن العثمانيين أعملوا فيهم السيف وهو ما فعلوه مع أهالي غزة في طريقهم إلى مصر. بل وتكرَّر الأمر في القاهرة التي دخلتها القوات العثمانية بعد معركة الريدانية الذي توعَّدَ سليم الأول أن يلعب بأهلها بالسبف وهو ما حصل حيث أحدثوا في أهل القاهرة مقتلة عظيمة ونهبوا بيوتها بذريعة البحث عن المماليك. وقد قاد طومان باي المقاومة ضد العثمانيين بعد مقتل السلطان قانصوه الغوري إلا أنه سقط أسيرا في أيديهم وتم إعدامه شنقا على باب زويلة.

إن أهالي القاهرة الذين كانوا يردِّدون:"يا رب يا متجلي أهلك العثمانلي," يستحيل أن يكتبوا الى سليم الأول بأن يقدم إليهم ويخلصهم من ظلم المماليك حيث أوقعت قوات سليم الأول مذبحة عظيمة بين الأهالي. إن تلك أحد الأكاذيب التي يروِّج لها العثمانيون الجدد ولكنها ليست الأخيرة في غزو العثمانيين مصر. كذبة أخرى هي أن سليم الأول تمكن من أسر الخليفة العباسي المتوكل في مرج دابق وأخذه معه الى دمشق حيث تنازل له عن الخلافة وهي واقعة لم يذكرها أي من الكتاب المعاصرين للحدث ولا تثبتها وثائق تاريخية ذات مصداقية.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية




No comments:

Post a Comment