Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, April 16, 2024

لماذا تقدَّمَ الغرب وتخلَّفَ الشرق حضاريا؟

في القرن العاشر الميلادي حيث بداية تفكُّك الدولة العباسية وتناثرها الى إمارات متقاتلة فيما بينها وظهور الحركات الدموية مثل القرامطة وغزو المغول البلدان العربية وسقوط بغداد(١٢٥٨م) ومن ثم بداية الحملات الصليبية(١٠٩٦م-١٢٩١م) مما أدى الى استنزاف المسلمين اقتصاديا وفكريا ودينيا خصوصا بسبب الخلافات بين السنة والشيعة. أما في أوروبا, فقد كانت نتيجة الحملات الصليبية أن فتحت عيون الأوروبيين على ثروات الشرق وظهرت مدن أوروبية تحولت الى جمهوريات وازداد في النفوذ والثراء بسبب التجارة وكان لديها أسطول بحري قوي مثل جنوة والبندقية. عصر النهضة(١٤٠٠م-١٧٠٠م) في أوروبا هو نتيجة مباشرة للحملات الصليبية حيث ازداد الاهتمام في الغرب بالاكتشافات العلمية ونتيجة المنافسة مع المسلمين كان هناك رغبة في السيطرة على طرق التجارة أو إكتشاف طرق تجارية بديلة عن تلك التي يسيطر عليها المسلمون حيث بدأت حركة الكشوفات الجغرافية(١٤٠٠م) وبدأت في أوروبا حركة فكرية وفلسفية نتيجة تراكم العلوم والمعارف وهي عصر النهضة(١٧٠٠م-١٩٠٠م)  وتزامن مع بداية الثورة الصناعية(١٧٦٠م).

وهكذا نرى أن الأحداث التي مرت بها أوروبا عبارة عن سلسلة متصلة متواصلة بينما كان العكس تماما هو ما يحصل في بلدان المسلمين حيث تكفير الفلاسفة والعلماء وحرق كتبهم والتمسك بالتقاليد والتفسير الحرفي للنصوص الدينية. ولكن هناك حدث آخر لا يقل أهمية في نهوض الغرب وسقوط الشرق في الهاوية رغم تجاهل المؤرخين له وهو سقوط الأندلس سنة ١٤٩٢م حيث نجحت جيوش مملكة قشتالة وأراجون في إجبار أبي عبدالله الصغير على تسليم المدينة بعد حصار طويل و استولى الإسبان خلال الفترة التي أعقبت سقوط الأندلس على ثروات وكنوز معرفية من وثائق ومخطوطات وكتب لا تقدَّرُ بثمن.

الثورة الصناعية التي بدأت في إنجلترا كانت السبب في نهوض أقوى دولة أوروبية والتي من خلال أسطولها البحري نجحت في السيطرة على حركة الملاحة خصوصا المضائق الحيوية وبالتالي حماية قوافلها التجارية البحرية. كما أن إنجلترا خرجت منتصرة في حربها ضد إسبانيا وفرنسا وتوسعت وأصبحت تَضُمُّ إسكتلندا, ويلز, إيرلندا ونجحت في غزو شبه القارة الهندية التي كانت أغنى و أعرق في تاريخها وأكثر ثراء من بريطانيا ذاتها ولكنها كانت تمر في حالة من الضعف وتحولت بريطانيا الى الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس حيث أصبحت تحكم على ربع مساحة الكرة الأرضية. تأسيس شركة الهند الشرقية سنة ١٦٠٠م كان مرحلة مهمة في تاريخ إنجلترا حيث تحولت تلك الشركة مع مرور الوقت الى شركة استعمارية لديها جيش خاص وأسطول بحري قوي وأصبحت تجبر الدول الأخرى على توقيع معاهدات تجارية وتفرض وجهة نظرها بالقوة وكانت هي المسؤولة عن التوسع البريطاني في شبه القارة الهندية وجزر الهند الشرقية وجميع مستعمرات التاج البريطاني حيث حصلت على تفويض ملكي باحتكار التجارة بين بريطانيا والمستعمرات. 

لو نجحنا في كتابة تاريخ العرب(المسلمين) والغرب منذ بدايته حتى يومنا هذا ومقارنته, سوف نجد أنَّ عوامل الإنحطاط مشتركة ويمكن تلخيصها بالتمسك بالتقاليد, التفسير الحرفي للدين, حروب أهلية ودينية. عالم الاجتماع ابن خلدون يصف في كتابه "المُقَدِّمة" مراحل نهوض وسقوط الدول وهي ثلاثة: الجيل الأول(البناء والعرق), الجيل الثاني(الإستقرار والهدوء), الجيل الثالث(الإنهيار والسقوط). هناك أمة تنهار وأمة أخرى ترثها وتلك هي السردية التاريخية التي لا نفَرَّ منها. الإمبراطوريات الفارسية والبيزنطية سقطت ونجح العرب في الإستيلاء على أراضي و ممتلكات واسعة ثم بدأوا في تذوق حياة الترف ودخل في الإسلام أقوام كثيرون من غير العرب حيث بدأت "العصبية" التي تميز بها العرب في بدايتهم بالضعف وأصبح أولئك الوافدون الجدد أحد أسباب الانهيار. ولكن العرب منذ ما قبل الإسلام خلال عصور الجاهلية كانت ثقافتهم تعتمد على الحروب والغزوات واستمر ذلك بعد ظهور الإسلام. ولعل من المهم ملاحظة أن ثلاثة من خلفاء الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم قد كانت وفاتهم من خلال حوادث اغتيال وعلينا أن لا ننسى حروب الرِّدَة التي تمردت بعد وفاة الرسول عليه أفضل الصلاة والتسليم وحاربها أبو بكر رضي الله عنه وقضى عليها ولكن بذور التمرد والفتنة إستمرت وإزدادت بعد مقتل الإمام الحسين وإغتيال أخيه الحسن رضي الله عنهما الى يومنا هذا حيث الصراع المذهبي بين السنة والشيعة يتصدر النقاشات والحوارات ونشرات الأخبار. 

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment