Flag Counter

Flag Counter

Saturday, April 8, 2023

الأزمة الإقتصادية القادمة وسقوط الرأسمالية

الأزمة الإقتصادية هو مصطلح يتم الحديث حوله ومناقشته في وسائل الإعلام المختلفة من خلال الصحف والإذاعة وشاشات التلفاز حيث يمتد تأثيرها مع مرور الوقت من محلي الى عالمي عابر للحدود والقارات.

لقد شهدت الأزمات المالية والإقتصادية نقطة تحول جذرية مع موافقة الكونغرس الأمريكي سنة ١٩١٣ على إنشاء البنك المركزي في الولايات المتحدة تحت مسمى بنك الاحتياط الفيدرالي. الحرب العالمية الأولى سنة ١٩١٤ لم تكن وليدة الصدفة بل لها جذور وأسباب وعوامل اقتصادية ساهمت في تسارع أحداثها وصولا الى توقيع اتفاقية فرساي سنة ١٩١٨ وإعلان إستسلام ألمانيا القيصرية.

إنَّ من شروط عملية التوسع الرأسمالي التي كانت بدايتها الحقيقية من خلال حركة الكشوفات الجغرافية ذات الأهداف الإستعمارية والإقتصادية هي البحث المستمر عن أسواق جديدة من أجل تصريف فائض الإنتاج نتيجة الثورة الصناعية التي بدأت من بريطانيا خلال القرن الثامن والتاسع عشر. الحركة الإستعمارية التي كانت أحد نتائجها الاستيلاء على ثروات العالم الجديد الزراعية خصوصا التوابل في جزر الهند الغربية والذهب والفضة في أمريكا اللاتينية وبداية ظهور المذاهب الإقتصادية المختلفة وصولا الى الرأسمالية التي رسم كتاب "ثروات الأمم" مبادئها وملامحها الأساسية.

الأزمات المالية والإقتصادية في الولايات المتحدة بدأت تتجاوز في تأثيرها الحدود الإقليمية خلال الفترة التي أعقبت إنشاء بنك الاحتياط الفيدرالي سنة ١٩١٣ حيث بدأت النخب المالية الأمريكية في وول ستريت في تنفيذ مخطط السيطرة على الإقتصاد العالمي من خلال أحداث الحرب العالمية الأولى ومبادلة صادراتها من السلاح والمعدات الى الدول الأوروبية مقابل الذهب. الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت أصدر في تاريخ ٩/مارس/١٩٣٣ قانون الطوارئ الخاص بالبنوك(Emergency Banking Act) والذي تم تمريره في الكونغرس ومنح الرئيس الأمريكي بموجبه بنك الاحتياط الفدرالي صلاحيات واسعة في إقراض البنوك والإشراف عليها. كما أنه وفق ذلك القانون الذي منح الرئيس الأمريكي صلاحيات واسعة, أصدر بتاريخ ٥/أبريل/١٩٣٣ الأمر التنفيذي رقم ٦١٠٢ أو قانون الاستحواذ الذي حظر على المواطنين الأمريكيين إمتلاك السبائك والمجوهرات والعملات الذهبية وشهادات الاستثمار في الذهب و أجبرهم على تسليمها مقابل ٢٠ دولار/أونصة تحت طائلة غرامة مالية تبلغ ١٠ آلاف دولار وعقوبة بالسجن قد تصل الى عشرة سنين.

سنة ١٩٤١, أعلنت الولايات المتحدة الحرب على اليابان بعد هجوم البحرية اليابانية على ميناء بيرل هاربر وتدمير عدد من السفن الحربية الأمريكية وبذلك دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية رسميا رغم المعارضة الشعبية. الولايات المتحدة لم تكن تقبل العملات الورقية مقابل إمدادات السلاح والنفط التي كانت تقدمها الى دول الحلفاء خصوصا بريطانيا ولم تقبل إلا الدفع مقابل الذهب حصرا وبالتالي تراكمت لدى الحكومة الأمريكية كميات من السبائك الذهبية منذ سنة ١٩٣٣ جعلت من فرض وجهة نظرها في اتفاقية بريتون-وودز ١٩٤٤ أمرا ممكنا. الإتفاقية كانت تنص في بنودها على أن الدول الموقعة سوف تقبل الدولار عملة احتياط عالمية مقابل مبادلته بالذهب بسعر ٣٥ دولار/للأونصة. كما نصت الاتفاقية على إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

إن سوء حالة بلدان القارة الأوروبية التي خرجت من الحرب العالمية الثانية مدمرة و مستنزفة إقتصاديا أجبرتها على قبول بنود إتفاقية بريتون وودز بسبب حاجتها الى أموال خطة مارشال لإعادة الإعمار والتي كانت قيمتها ١٣ مليار دولار لم تكلف الولايات المتحدة إلا ثمن الحبر والورق الذي تمت الطباعة عليه. ولكن تورط الولايات المتحدة في الحرب الباردة مع الإتحاد السوفييتي وحرب فيتنام أدى الى طباعة كميات من الدولارات جعلت الغطاء الذهبي وفق إتفاقية بريتون وودز ضعيفا ويقل عن ٤٠% مما ادى الى استنزاف مخزون الذهب لدى الحكومة الأمريكية بسبب مطالبة دول أوروبية تطبيق بنود الاتفاقية ومبادلة الدولار مقابل الذهب وفق معادلة سعر ٣٥ دولار/أونصة وإعلان الرئيس ريتشارد نيكسون سنة ١٩٧١ إيقاف العمل بالغطاء الذهبي و تعويم الدولار الأمريكي في أسواق الصرف أمام العملات الاخرى.

المشكلة التي يعاني منها الاقتصاد العالمي بشكل عام هو التعقيد والتشابك بين مختلف الدول حيث من الممكن أن تؤدي أزمة اقتصادية في الولايات المتحدة الى أزمة عالمية كما حصل سنة ٢٠٠٧-٢٠٠٨. النظام الإقتصادي العالمي ومنذ سنة ١٩٧١ أصبح قائما على الهواء, عملات ورقية ومضاربات البورصات والأسهم بدون أي اقتصاد إنتاجي حقيقي حيث تتم طباعة الدولار من الولايات المتحدة بدون حسيب او رقيب وتصدير التضخم الى دول العالم. 

الولايات المتحدة تواجه أزمة حقيقية تهدد عملتها الدولار والنظام الإقتصادي الرأسمالي في المجمل حيث بدأت دول مثل الصين والبرازيل وروسيا في عقد اتفاقيات من أجل التبادل التجاري بالعملات المحلية. كما انه سوف يتم البحث رسميا عن بديل للدولار الأمريكي خلال مؤتمر مجموعة دول البريكس القادم وقد يكون عملة موحدة جديدة لمجموعة الدول الأعضاء في المنظمة. السعودية بدأت في التلميح بأنه ونتيجة للعلاقات المتردية مع الولايات المتحدة فإنها تفكر في الانضمام الى منظمة البريكس وبيع النفط مقابل عملات أخرى والتخلي عن حيازتها من سندات وزارة الخزانة الأمريكية وهو ماتقوم به الصين منذ سنين ليست بقليلة حيث توقفت عن شراء تلك السندات وبدأت في شراء الذهب بديلا عنها. الأجواء ملبدة بالغيوم بسبب الأزمة الأوكرانية وهناك ملامح أزمة إقتصادية قادمة خصوصا مع إعلان إفلاس بنوك أمريكية كبرى كان يعتقد في السابق أنها أكبر من أن تفشل وهي "سيليكون فالي" و " سيغنتشر" و"سيلفر غيت."

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية

No comments:

Post a Comment