Flag Counter

Flag Counter

Saturday, April 15, 2023

السودان في عين العاصفة ومخطط الشرق الأوسط الجديد

الولايات المتحدة لم ولن تتوقف عن تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد أو سايكس-بيكو٢ الذي رسم خطوطه وخرائطه المستشرق اليهودي البريطاني برنارد لويس والحديث في هذه المناسبة عن السودان والذي سوف يتم تقسيمه الى أربع دويلات: الجنوب المسيحي الذي انفصل سنة ٢٠٠٥ وأطلق عليه جمهورية جنوب السودان, الشمال السوداني في العاصمة الخرطوم والمناطق المحيطة فيها, دارفور وأخيرا النوبة التي سوف يتم ضم أجزاء من مصر إليها وقد تم إختيار الأشخاص الذين سوف يعينون في المناصب الهامة والتفاوض مع أحدهم في العاصمة السويسرية لوزان والذي سوف يصبح رئيس تلك الدويلة.

وكما هناك مقولة شائعة "إذا عُرِفَ السبب, بَطُلً العجب", فإن السودان غني بأراضيه الزراعية وثرواته الطبيعية خصوصا النفط واليورانيوم والذهب. هناك لقب شائع يطلق على السودان وهو "سلة غذاء الوطن العربي" حيث أراضيه التي يمكن زراعتها بمحصول القمح سوف يكفي دول الشرق الأوسط مع فائض للتصدير الى الخارج. الشركات الأمريكية سارعت الى وضع يدها على الأراضي الزراعية الخصبة في جنوب السودان بعد الإنفصال و بأبخس الأثمان. كما أنَّ مواقف السودان من القضايا العربية والقضية الفلسطينية معروفة حيث دعم النضال الفلسطيني وعقدت في العاصمة الخرطوم قمة اللائات الثلاثة سنة ١٩٦٧.

إنَّ دولة مثل السودان غني بتلك الثروات الطبيعية والأهم ثروته البشرية من الممكن أن يشكل خطرا على المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة التي تسعى الى تنفيذ "أرضك يا إسرائيل من الفرات الى النيل". السودان هو ساحة مصر الخلفية و حليف مهم في مواجهة الأطماع الأثيوبية في نهر النيل حيث تم بناء سد النهضة والبدء في مرحلة الملئ الرابع وذلك يخدم أهداف دولة الكيان الصهيوني التي تسعى الى حصار مصر من عدة جوانب والأهم منها هو موارده المائية.

أول تقسيم السودان هو وصول الإخوان المسلمين الى السلطة سنة ١٩٨٩ تحت قيادة عمر البشير عسكريا و حسن الترابي سياسيا ودينيا وذلك من خلال ما يسمى الجبهة الوطنية للإنقاذ وثورة الإنقاذ الوطني. كانت السياسة التي بدأ في تنفيذها ثنائي البشير والترابي في السودان تستهدف المسيحيين خصوصا في جنوب السودان تحت مزاعم تطبيق الشريعة. كما أن الوضع الاقتصادي بدأ في التدهور حيث كان الدولار الأمريكي يساوي ٣ جنيه سوداني خلال فترة حكم الصادق المهدي وأصبح خلال بضعة سنين من وصول البشير الى السلطة يعادل ٢٠٠٠ جنيه سوداني.

إن بداية تمرد جنوب السودان في عهد عمر البشير إنطلق من بلدة بور في جنوب السودان وهي مسقط رأس قائد المتمردين جون قرنق وامتد الى جميع اراضي الجنوب وصولا الى إتفاق نيفاشا واستفتاء سنة ٢٠٠٥ حيث إختار أهالي الجنوب الإنفصال تحت مسمى جمهورية جنوب السودان. قائد تمرد الجنوب جون قرنق توفي سنة ٢٠٠٥ في حادث تحطم مروحية كان يستقلها عائدا من أوغندا تحوم حوله الكثير من الشبهات وهناك مقولات تترَدَّدُ هنا وهناك أنه كان يتفاوض على حكم ذاتي للجنوب وأنَّ توجُّهَهُ خلال المفاوضات لم يكن إنفصاليا وهو ما لا تقبل به دوائر صنع القرار الأمريكية التي كانت متورطة في الشأن السوداني بالتعاون مع دولة الكيان الصهيوني وأذرعهم الأمنية والعسكرية.

الربيع العربي وصل الى السودان متأخرا سنة ٢٠١٨ حيث بدأت مظاهرات في مدن عطبرة وبورتسودان احتجاجا على الغلاء وإرتفاع الأسعار وكان السبب الرئيسي هو قرار حكومي بزيادة أسعار المشتقات النفطية خصوصا البنزين والديزل. الجيش السوداني تدخل وعزل عمر البشير في إبريل/٢٠١١ بعد عدة أشهر من الاضطرابات والمظاهرات و وضع البشير قيد الإقامة الجبرية وتم اعتقال جميع الوزراء في الحكومة. كما تم تشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة الفريق أول عبد الفتاح برهان الذي تولى أيضا منصب وزير الدفاع خلفا للوزير السابق الفريق أحمد عوض بن عوف.

إن جذور الأزمة الحالية التي يمكن أن نعتبرها بداية حرب أهلية تعود الى الخلافات التي تفاقمت بين وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح برهان وقائد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حسان دقلو(حميدتي) التي لعبت دورا رئيسيا في فض الاشتباكات والاعتصامات وارتكاب تجاوزات ضد المتظاهرين والشعب السوداني. قوات الدعم السريع عبارة عن إعادة تسمية ميليشيات الجنجويد التي تأسَّست رسميا سنة ٢٠١٣ وشاركت في المعارك ضد الإنفصاليين في دارفور والنيل الأزرق وكردفان. ولكن الخلافات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وصلت الى ذروتها منذ أيام قليلة بسبب تعزيزات وصلت الى الأخيرة عبارة عن ١٠٠ عربة مسلحة  حاصرت بها مطار إستراتيجي في مدينة مروي حيث تتمركز قوات عسكرية وجوية مصرية في إطار تدريبات مشتركة.

الإشتباكات العنيفة متواصلة في مروي, أم درمان والعاصمة الخرطوم ومدن أخرى بين قوات الجيش السوداني والدعم السريع الذي تنشر بعض وسائل الإعلام والمصادر أن قائده حميدتي يتلقى الدعم من الولايات المتحدة. 

الأيام القادمة سوف تكشف عن الكثير من الأحداث والمفاجئات والسودان في حالة ضعف وهناك قوى إقليمية و دولية سوف تستغل ذلك. ولكن ومن الواضح أن السودان يتجه الى تقسيم أخر في مسلسل مخططات الشرق الأوسط الجديد وسايكس-بيكو ٢ التي رسم ملامحها عراب السياسة الخارجية الامريكية اليهودي برنارد لويس.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment