Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, April 4, 2023

هل بدأت نهاية عصر هيمنة الدولار الأمريكي؟

المشهد الجيوسياسي العالمي يعيش حالة من العبثية والفوضوية سببها الرئيسي سياسة الولايات المتحدة الخارجية التي تعتمد مبادئ الميكافيلية والغدر بالحلفاء والهيمنة المطلقة على الإقتصاد العالمي من خلال مجموعة أدوات إقتصادية, مالية وعسكرية أهمها الدولار وحاملات الطائرات العملاقة. الأزمة الأوكرانية ليست مجرد أزمة عابرة سوف تمر مرور الكرام أو تنتهي بإنتصار أوكرانيا أو هزيمتها ولكن سوف تكون أزمة رئيسية سوف تؤثر على العالم بأكمله.

الولايات المتحدة تعتمد في هيمنتها على الاقتصاد العالمي من خلال الدولار الذي نجحت في فرضه عملة احتياط عالمية سنة ١٩٤٤ حيث تم التوقيع على إتفاقية بريتون وودز والتي نصت أيضا على تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. إنَّ أي دولة تعارض مصالح الولايات المتحدة أو ترفض إملائاتها تتعرض الى العقوبات خصوصا الإقتصادية مثل حرمانها من إستخدام نظام السويفت الدولي للتحويلات المالية ومصادرة الأرصدة الحكومية في الولايات المتحدة وإغلاق السوق الأمريكي أمام شركاتها وصادراتها أو الشركات التي تتعامل مع تلك الدولة وبالتالي يشمل تأثير العقوبات دولا أخرى قد لا تكون متورطة في النزاع سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

الاقتصاد الأمريكي يعاني من التضخم وارتفاع نسبة البطالة وهناك مصطلح مناسب من أجل وصف ذلك هو الركود التضخمي, ارتفاع الأسعار وانخفاض القوة الشرائية مع إرتفاع نسبة العاطلين عن العمل. بنك الاحتياط الفدرالي مستمر في زيادة أسعار الفائدة رغم اضطراب أسواق البورصات والأسهم والأزمة الأوكرانية التي تستنزف اقتصاد الولايات المتحدة ودول أوروبا والتي بدأت تأثيراتها الكارثية تظهر مؤخرا نتيجة إرتفاع أسعار النفط والغاز. الولايات المتحدة خلال أزمة فيروس كورونا قامت بطباعة ٢ تريليون دولار وضخها في الأسواق وذلك هو السبب الرئيسي في أزمة التضخم التي يعاني منها الإقتصاد الامريكي والعالمي.

ذلك من جهة, أما  من الجهة الأخرى, فإن إستمرار قرارات منظمة أوبك+ إستمرار تخفيض إنتاج النفط أدى الى إرتفاع أسعار وهو ماله تأثيرات سلبية على الولايات المتحدة  وكذلك دول غربية منها فرنسا, ألمانيا وإيطاليا. المملكة العربية السعودية و روسيا يتعاونان من خلال منظمة أوبك+ والولايات المتحدة لا تنظر الى ذلك بعين القبول وتنوي معاقبة السعودية من خلال قانون جاستا أو قانون نوبك وتسمر في فرض المزيد من العقوبات ضد روسيا. الصين دخلت على خط الأزمة الأوكرانية بقوة حيث زار الرئيس الصيني شي جين بينغ مؤخرا روسيا والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وهناك أخبار غير مؤكدة عن تعاون عسكري بين الصين وروسيا يتعلق بالعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.

الصين بدأت في تسلم زمام القيادة الدولية ومواجهة النفوذ والهيمنة الأمريكية حيث أثمرت جهودها عن مصالحة دبلوماسية وتبادل سفراء بين المملكة العربية السعودية وإيران وتوقيع مجموعة اتفاقيات مع المملكة العربية السعودية قد تكون تتضمن بنودا تتعلق بشراء النفط السعودي مقابل اليوان الصيني وليس الدولار الأمريكي. الصين بدأت في التخلي عن الدولار الأمريكي في تعاملاتها الدولية وهي تستفيد من دروس الأزمة الأوكرانية خصوصا مصادر أرصدة البنك المركزي الروسي الخارجية. مجموعة دول الآسيان وهي تكتل اقتصادي يضم عدة دول آسيوية منها الصين وأندونيسيا تبحث عن بدائل للدولار الأمريكي في مبادلاتها التجارية التي تبلغ حاليا تريليون دولار أمريكي سنويا.

هناك دول أخرى تحاول أيضا الإفلات من مصيدة الدولار الأمريكي خصوصا البرازيل التي وقعت اتفاق تبادل تجاري بالعملات المحلية مع الصين. الرئيس البرازيلي العائد الى منصبه لولا دي سيلفا يبحث عن الإنتقام من تهم الفساد التي تم تلفيقها له والهدف هو إبعاده والى الأبد عن المشهد السياسي والسبب عضوية البرازيل في منظمة البريكس ومعارضتها مصالح الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية. الهند وفي تجاهل للعقوبات الأمريكية تستورد النفط الروسي وتتعاون مع روسيا والصين من أجل توقيع اتفاقيات للتبادل التجاري بالعملات المحلية.

روسيا تقود مع الصين الجهود الدولية للتخلص من الدولار الأمريكي وهناك إقتراح هام للغاية سوف يتم التباحث حوله خلال مؤتمر مجموعة البريكس القادم وهو عملة موحدة للدول الأعضاء وربما اتخاذ قرار حول انضمام السعودية الى المجموعة وإنشاء بنك للتنمية والتعمير تشترك فيه جميع الدول الأعضاء في منظمة البريكس. الرئيس الروسي قام باتخاذ عدة قرارات مهمة من أجل مواجهة العقوبات الأمريكية أحدها أحدها اعتماد الروبل الروسي مقابل صادرات النفط والغاز والسماح للشركات الروسية سداد ديونها مقابل بواسطة الروبل وليس الدولار. كما أنَّ روسيا والصين تقومان في أجواء من الكتمان والسرية بشراء الذهب وتخزينه من أجل حماية عملاتها المحلية من التقلبات الإقتصادية التي تلعب فيها الولايات المتحدة دورا رئيسيا من خلال طباعة الدولار والتلاعب بأسعار الفائدة.

ولكن هناك الكثير من التساؤلات عن سبب صمت الإدارة الأمريكية عن كل تلك الأحداث التي تهدد مصالحها وهيمنتها على الاقتصاد العالمي. وقد يكون ذلك هو الهدوء الذي يسبق العاصفة أو أنها تسعى الى الإنتهاء من الأزمة الأوكرانية والتفرغ من أجل مواجهة الصين التي تسعى أكثر من أي وقت مضى الى ضم تايوان ولو باستخدام القوة العسكرية. هناك تحالفات جديدة بدأت في التبلور إستعدادا للمواجهة القادمة والتي ربما تكون عسكرية والتي سوف لن تكون في مصلحة الولايات المتحدة التي سوف تجد نفسها مضطرة الى مواجهة خصومها على أكثر من جبهة أو ربما قد تكون من خلال افتعال أزمة إقتصادية عالمية حيث سوف تعيد ترتيب أوراقها على الصعيدين الاقتصادي والعسكري في مواجهة خصومها.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية

No comments:

Post a Comment