Flag Counter

Flag Counter

Saturday, September 17, 2022

ديمقراطية خطف الأطفال في السويد و رأسمالية الكوارث

هناك مقولة لأحد الحكماء:"أنَّكَ إذا كنت تصدق كل ما تقرأه, لا تقرأ أبدا." هنا الكثير مما نقرأه ونشاهده ونسمعه عن السويد, دولة الرفاهية والخدمات الاجتماعية, الشعب الذي يصنَّفُ أنه أحد أسعد الشعوب في العالم, دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان. ولكنَّ تلك المقولات قد تروق لمن يبحث عن الدولة الفاضلة, دولة بدون سلبيات أو أخطاء وقد تكون مملكة الأرض الفاضلة التي بشَّرَ بها يسوع المسيح أتباعه الأقرب الى ذلك الصورة. أما بالنسبة لي فإنَّ كل تلك الصور البراقة لا تهمني, المهم هو محاولة البحث عن الحقيقة أو عن المعلومة الصحيحة. 

نظام الرعاية الإجتماعية في السويد "السوسيال" يثير الكثير من النقاش الجدلي منذ عشرات السنين ومازال. سنة ١٩٨٣م, نشرت مجلة دير شبيجل الألمانية مقالا بعنوان "الأطفال المعتقلين في دولة الرفاهية السويدية." كما أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أدانت السويد عدة مرات بسبب مشكلات تتعلق بحقوق الإنسان ولكن السويد كانت تدفع الغرامات من أموال دافعي الضرائب هكذا وبكل بساطة, تستمر انتهاكات حقوق الإنسان في دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ولكن رأسمالية الكوارث التي تستغل أزمات الآخرين وبطريقة بشعة لا ترحم حيث تتوالد الأنظمة التي لا تهتم إلا للربح وليس للإنسان. هناك أنظمة مماثلة لنظام السوسيال في السويد في جميع دول العالم ولكنه يختلف في تعليماته من دولة إلى أخرى. في الولايات المتحدة هناك نظام يشبه السوسيال من حيث المبدأ ولكنه يختلف في أنه يتعامل مع فئة أخرى معاكسة تماما للأطفال, كبار السن. القانون يدعى نظام الوصاية حيث من حق شخص ما لا على التعيين أن يتقدم الى المحكمة المختصة بطلب الوصاية على شخص أخر قد لا تربطه به أي علاقة ويفرض وصايته عليه وله حرية التصرُّف بأموال الموصى عليه وحساباته البنكية ومعاشاته التقاعدية وأمور حياته اليومية بأبسط دقائقها تحتاج الى موافقة مسبقة من الوصي.

الفيلم الأمريكي (I Care a Lot) يحكي قصة نظام الوصاية(Legal Guardian) الأمريكي وهو من بطولة الممثلة روزاموند بايك والممثلة إيزا غونزاليس والذي ينتهي بمقتل بطلة الفيلم رميا بالرصاص على يد أحد الأبناء الذي منحتها المحكمة حق الوصاية القانونية عليه رغم أنه كان تحت رعاية ابنه ورغم اعتراض الإبن.

الحقيقة أن نظام السوسيال في السويد هو أشبه بنظام الوصاية القانونية الأمريكي في توحشِّه وبحثه عن الربحية ومنفعة موظفين حكوميين يستفيدون منه ماديا, ولكن مع الفرق أنه مخصَّص أو يركز على الأطفال والمراهقين. نظام السوسيال في السويد هو أقرب إلى نظام عصابات المافيا المتخصص في الإتجار في البشر. إنَّ دخول طفل أو مراهق الى نظام الرعاية الإجتماعية يعني أنه أصبح تحت الوصاية القانونية الكاملة للموظفين الحكوميين البيروقراطيين الذي يمكن أن يودعوه في منازل الرعاية الحكومية أو الخاصة أو في رعاية أسرة قد تقوم بتشغيله بدون أجر في مزرعة تمتلكها على سبيل المثال. وزارة الشؤون الاجتماعية السويدية نفت ما ينشر على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي حول السوسيال وصرَّحت بأن تلك المعلمات المضللة لها عواقب وخيمة.

إنَّ الضجة التي تتم إثارتها حول نظام السوسيال ليست ذات دوافع دينية بحتة كما يصرِّح مسؤولون سويديون وبعض العرب ممن ليس لديهم أي فكرة عن الموضوع إلا ما يسمعونه من مصادر حكومية سويدية لا يأتيها الباطل من أمامها ولا من خلفها. هناك حالات موثقة وهناك فيديوهات ينجح أطفال مختطفون في نشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي بل وهناك حالات إهمال طبي لأطفال في رعاية نظام السوسيال بعضها أدى إلى الوفاة. كما أن حالات الخطف والإتجار بالبشر التي تمارسها السوسيال يسقط ضحاياها أشخاص دينهم المسيحية و أشخاص من أصول سلافية روسية أو من دول أوروبا الشرقية. ولكن لأن المهاجرين المسلمين والعرب هم الأغلبية في السويد فذلك هو سبب التركيز عليهم. 

إن شعار السوسيال في حماية الأطفال وضمان الأفضل لهم هو شعار زائف كاذب حيث تمثل الحالات التي يتولى نظام السوسيال رعايتها قمة الفشل. هناك الكثير من الحالات التي تكون في رعاية نظام السوسيال فترات زمنية طويلة أصبحت تتعاطى المخدرات والتدخين وتمارس العنف وكثير من الحالات التي يتم إيداعها السجن بسبب ارتكابها جرائم تكون في رعاية نظام السوسيال. نظام السوسيال يعمل ضد إرادة الأطفال أنفسهم وهناك كثير من الحالات التي تعرضت للاختطاف من موظفي السوسيال لم تكن معرضة الى أي عنف أو معاملة خاطئة في منازل أسرهم بل يتم تهديد الطفل نفسه وتلقينه ما يتفوه به أمام الشرطة وموظفي الخدمات الإجتماعية وحتى تهديد الأسرة لو حاولت متابعة أبنائها أو معرفة مصيرهم.

مارك ستاين هو كاتب وناقد أمريكي من أصول كندية ومؤلف مجموعة من الكتب التي أثارت الكثير من النقاش والجدال ودعاوى قضائية ضده في كندا من مؤسسات وهيئات إسلامية. هناك مقولة ذكرها بتكرار في كتبه وهي:"The Government that give you everything is big to take everything from you" وترجمتها أن:"الحكومة الكبيرة التي يمكن أن تعطيك كل شيء, يمكن أن تأخذ منك أيضا كل شيء." إنَّ ذلك ينطبق على دولة السويد حرفيا حيث كلما زادت الخدمات الحكومية التي يتم تقديمها الى المواطنين, كلما زاد التدخل الحكومي في حياتهم وحياة أطفالهم. 

المشكلة أنه رغم الوفرة العددية للمهاجرين من عرب ومسلمين ومن دول أخرى ورغم غلبة العنصر العربي والمسلم على أعداد المهاجرين واللاجئين في السويد, إلا أنه ليس هناك من هيئة موَحَّدة تمثلهم أو تدافع عنهم في مثل تلك المواقف. كما أنه ورغم تواجدهم في السويد منذ عشرات السنين فإنهم فشلوا في الإنخراط في المجال السياسي بشكل فعال أو تأسيس حزب سياسي يدافع عنهم وعن مصالحهم أو ترشيح أحدهم الى البرلمان بإستثناء بعض الجهود الفردية والتي تتعرض الى المعارضة ومحاولة إفشالها من عناصر عربية أنفسهم بسبب خلافات قد تكون شخصية أو دينية أو عرقية ورثوها عن آبائهم وأجدادهم منذ أيام إقامتهم في بلدانهم الأم.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية


No comments:

Post a Comment