Flag Counter

Flag Counter

Sunday, September 4, 2022

هندسة الجينات والمحاصيل المعدَّلة وراثيا, هل هي نعمة أم نقمة؟

هناك مسئلة مهمة علينا أن نفهمها ونستوعبها في بداية الموضوع وهي أنَّ الله جعل التوازن في كل مناحي الحياة التي نعيشها بلا إستثناء, طعامنا, شرابنا, عاداتنا الإجتماعية وحتى في مواضيع مثل البيئة. إنَّ أي عملية تلاعب أو إخلال بذلك التوازن سوف تؤدي الى عواقب كارثية على مستقبل الإنسان والبشرية خصوصا مع بروز ظواهر مثل الإحتباس الحراري والتغير المناخي. أحد الأمثلة هو عمليات قطع الأشجار بهدف استغلالها في صناعة الأثاث, أخشاب البناء, التدفئة وصناعات أخرى. إن قطع الأشجار بدون القيام بعمليات تشجير من أجل استبدال الأشجار المقطوعة يؤدي الى ظواهر مثل التصحر وهو زحف الرمال على الأراضي الزراعية, اختلال التوازن الجوي حيث تزيد نسبة ثاني أكسيد الكربون على حساب الأكسجين وذلك له عواقب سيئة للغاية على المناخ. مثال آخر هو زيادة الاعتماد على الوقود الأحفوري مثل النفط, الغاز والفحم يؤدي الى تلوث الهواء وزيادة الإصابة بالأمراض الصدرية.

إن الثورة الصناعية التي بدأت في إنجلترا في القرن الثامن عشر قد أدَّت الى تزايد هجرة السكان من الريف الى المدينة وذلك من أجل العمل في المصانع والوظائف المختلفة. ولكن هناك سبب أخر مهم لتلك الظاهرة يتجاهله الكثيرون وهو أنَّ صناعة الصوف الإنجليزي المشهور عالميا والتي من الممكن إعتبارها أنها كانت هي الأساس الذي قامت عليه عملية التراكم الرأسمالي في بدايتها قد أدت الى الغاء ظاهرة الأراضي المشاع والإستيلاء عليها وتحويلها الى مراعي للماشية وهجرة سكان القرى الذين كانوا يعملون في تلك الأراضي الى المدن من أجل البحث عن عمل يطعمون منه أنفسهم وأسرهم. 

إن تزايد عدد السكان في المدن وتقلص الأيدي العاملة في الزراعة ومساحات الأراضي الزراعية قد أدى الى بروز تحديات جديدة تتعلَّقُ بمسألة الأمن الغذائي. إنَّ إنتقال السكان من الريف الى المدينة فرض عليهم أنماطا حياتية جديدة حيث كانوا في السابق يعتمدون على أنفسهم في توفير غذائهم في بيئتهم الجديدة حيث الظروف مختلفة تماما. ولكن التقدم والتطور في الأساليب الزراعية وظهور أدوات جديدة تختصر الوقت والجهد ووقوة العمل قد أدى الى تزايد الإنتاج الزراعي ولكن مع تغيير في أنماط الإنتاج التي تحوَّلت في هدفها من تحقيق الإكتفاء الذاتي الى الإنتاج بهدف تحقيق الأرباح ولو على حساب صِحَّة المستهلكين.

أحد الحلول التي يتم الترويج لها هو المحاصيل المعدَّلة وراثيا من خلال الهندسة الجينية والتلاعب بمادة الدي إن أيه أو الحمض النووي. هناك محاولات مازالت مستمرة ويتم إنفاق مبالغ طائلة على الدعاية والإعلان من أجل إقناع المستهلكين أن المحاصيل المعدَّلة وراثيا آمنة للإستهلاك وأنها ضرورية من أجل تحقيق الأمن الغذائي للسكان في كوكب الأرض. ولكن الشركات التي تنتج البذور المعدَّلة وراثيا والمبيدات الحشرية التي يتم إستخدامها حصريا من أجل مكافحة الآفات التي تظهر على تلك المحاصيل تواجه معارضة متزايدة بسبب عدم وجود أدلة كافية على سلامة منتجاتها وصلاحيتها للإستهلاك البشري.

إن المحاصيل المعدَّلة وراثيا تحولت الى أكبر تهديد للبشرية والأمن الغذائي. إن الهدف الرئيسي من زراعة المحاصيل المعدَّلة وراثيا خصوصا فول الصويا والذرة هو إطعام العدد المتزايد من الحيوانات مثل الأبقار, الخنازير والدجاج في مزارع تعتمد أسلوب الإنتاج الصناعي المكثف حيث يتم تربية الحيوانات في ظروف تنعدم فيها المعايير البيئية والصحية. إنَّ ذلك يؤدي الى زيادة ظهور العدوى والأمراض بين الحيوانات وبالتالي زيادة إستخدام المبيدات الحيوية والتي تنتقل عبر السلسلة الغذائية الى المستهلكين حيث سوف يؤدي ذلك الى ظهور سلالات بكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية.

إنَّ وصف الإنسان في وسائل الإعلام المختلفة التي تروِّجُ لأجندات مشبوهة بأنه وباء وأنه السبب في تدمير كوكب الأرض لايخدم إلا أهداف عدد محدود من الأشخاص من النخبة التي تحاول تحقيق السيطرة الكاملة على كوكب الأرض ومصادر ثرواته الطبيعية. وسائل الإعلام لا تتحدث عن تدمير الغابات وتحويلها الى أراضي زراعية بهدف زراعة محاصيل معدَّلة وراثيا من أجل إستهلاكها في مزارع الماشية والدواجن التي تعتمد أسلوب الإنتاج الصناعي المكثف. كما أن وسائل الإعلام التي تتحدَّثُ عن تزايد عدد سكان كوكب الأرض وعن المجاعات المحتملة وتصف الإنسان بأنه وباء تتجاهل مساحات شاسعة من الأراضي التي تزرع بمحاصيل هدفها إنتاج الوقود الحيوي وليس إطعام سكان كوكب الأرض. إتفاقيات التجارة العالمية والشراكة بين الدول الصناعية ودول العالم الثالث خصوصا أفريقيا قد أدَّت الى تدمير الزراعة المحلية وبالتالي هجرة المزارعين أراضيهم مما يساهم في تفاقم ظاهرة الجوع وتحولها الى مجاعات واسعة النطاق. الدول الصناعية مثل الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي تقدِّمُ الدعم الى مزارعيها حتى يتمكنوا من المنافسة في أسواق الدول النامية ودول العالم الثالث, ولكنها في الوقت نفسه قامت بتوقيع إتفاقيات تجارة حرَّة مجحفة مع تلك الدول تمنعها من تقديم الدعم الى قطاع الزراعة المحلي.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة

الرجاء التكرم الضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة

النهاية


No comments:

Post a Comment