Flag Counter

Flag Counter

Saturday, September 24, 2022

لبنان, سويسرا الشرق الأوسط والماضي الجميل

لبنان عبارة عن بلد تجميعة أقرب إلى لعبة الليغو أو الألغاز حيث تحتاج الى أن تجمع القطع المختلفة حتى تصل الى حل اللغز. والحقيقة أنه منذ استقلال لبنان سنة ١٩٤٣م, مازال اللبنانيون بعد ٢٣ سنة من الإحتلال الفرنسي يحاولون العثور على تلك القطعة المفقودة والتي هي سبب كل مشاكل بلدهم. إنَّ عدم قدرة اللبنانيين أو طبقتهم السياسية حتى أكون أكثر دقة على العثور على ذلك الجزء المفقود قد أدى الى مرورهم بلدهم ومازال بعدة محطات مؤلمة ودموية في بعض الأحيان. ولكن قبل الدخول في التفاصيل, لابدَّ من الحديث عن ذلك الماضي الجميل حيث كان لقب لبنان سويسرا الشرق الأوسط والعاصمة اللبنانية بيروت هي باريس العرب.

لبنان على الخارطة السياسية للوطن العربي لم يظهر أو يبدأ في الظهور إلا سنة ١٨٦٠م حين قرَّرَت الدولة العثمانية التي كانت تلقَّبُ بأنها رجل أوروبا المريض فصل جبل لبنان عن سوريا وتأسيس متصرفية جبل لبنان خلال الفترة التي أعقبت أحداث المذابح الشهيرة بين الدروز والموارنة والتي إمتدَّت الى دمشق وقتل فيها ٢٠ الف مسيحي تقريبا. فرنسا فرضت على الدولة العثمانية منح المنطقة وضعا خاصاً وأنزلت قواتها في لبنان وإعتبرت نفسها حامية المسيحيين الموارنة بينما تدخلت بريطانيا الى جانب الدروز. الجاسوسة البريطانية هستر ستانهوب لعبت دورا رئيسيا في إشعال تلك الفتنة حيث كانت تعمل مع مكتب المخابرات البريطانية في منطقة جبل لبنان.

إنّ أهم ما تميزت به لبنان خلال الفترة التي أعقبت الاستقلال هو قطاعها المصرفي حيث تم إقرار قانون السرية المصرفية سنة ١٩٥٦م فقد نجحت لبنان في جذب مليارات الدولارات من الاستثمارات في قطاعها البنكي. نكبة فلسطين سنة ١٩٤٨م كانت محطة أخرى مهمة في تاريخ لبنان بعد الاستقلال. إنَّ نزوح اللاجئين الفلسطينيين الى لبنان كان سلاح ذو حدين فقد حصلت طفرة إقتصادية في لبنان بسبب رؤوس الأموال الفلسطينيين. يوسف بيدس مؤسس بنك انترا وهو رجل أعمال لبناني من أصل فلسطيني كان أحد رواد العمل المصرفي في لبنان حتى انهيار البنك وإفلاسه سنة ١٩٦٦م في ظروف غامضة ثم وفاته سنة ١٩٦٨م في فرنسا. ولكن في الوقت نفسه فإن النزوح الفلسطيني الى لبنان قد أدى الى تآكل التركيبة السكانية الهشَّة والإخلال بالتوازن الديمغرافي فقد كان الفلسطينيون من السنة الذي تحافوا مع الدروز ضد المسيحيين الموارنة حيث أدى إستمرار الإضطرابات والإشتباكات المسلحة الى الحرب الأهلية اللبنانية(١٩٧٥م-١٩٩٠م).

القطاع المصرفي اللبناني الذي كان السبب الرئيسي في الازدهار الاقتصادي وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي في لبنان أصبح هو مشكلة لبنان وسبب رئيسي في انهيار اقتصادها حيث تعجز الدولة حاليا عن دفع ديونها الخارجية بينما كانت إلى سنة ١٩٧٤م بدون ديون خارجية و موازنة بدون عجز. هناك  إنهيار في سعر صرف الليرة والبنوك تحجز على أموال المودعين مع سماحها لهم بسحب مبالغ محدَّدة من ودائعهم الدولارية وفق سعر صرف رسمي لا يعكس القيمة الحقيقية لسعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية.

لبنان الذي يعتمد نظام المحاصصة الطائفية بموجب إتفاق الطائف ١٩٨٩م الذي أنهى الحرب الأهلية ولكنه أصاب لبنان بما يشبه حالة شلل في العمل الحكومي سببها التجاذبات السياسية. السياسيون اللبنانيون الذين يتقاتلون على حصة في الموازنة والمشاريع الحكومية عاجزين حتى على الإتفاق على خدمة جمع القمامة و الخدمات الأساسية مثل الكهرباء. هناك من يلقي اللوم على الشيعة في المشاكل التي يعاني منها لبنان ولكن على أرض الواقع فقد دخل الشيعة على خط اللعبة السياسية في السبعينيات حيث لم يكن لهم قبل ذلك أي تأثير. هناك حالة من الغليان في الشارع اللبناني حيث تزداد نسبة البطالة وينعدم أي أفق للحل السياسي للأزمات التي يعاني منها لبنان.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment