أرغب من أن أبدأ من نهاية المقدمة التي كتبها الدكتور اللبناني نبيل خليفة في كتاب "استهداف أهل السنة" وأن التنظيمات الأصولية هي جزء من جهود "أبلسة" وتشويه صورتهم أمام العالم بما يخدم إسرائيل والأنظمة (الاقلوية) الاستبدادية. المقصود بتلك الأنظمة (الاقلوية) هي إيران و سوريا.
المشكلة في ذلك الطرح الذي يمكن أن أختصر من خلاله فكرة الكتاب بأكمله أنه طرح موجه يستهدف فئة معينة بينها وذلك ينفي عنه وعن كتابه صفة الحياد. ولكنني سوف أكون أكثر تفصيلا لأن المقام يتطلب ذلك.
السنة والشيعة يمثلان الإسلام السياسي وليس الإسلام المحمدي الذي نزل بصورته النقية على الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم والخلفاء الأربعة والصحابة رضوان الله عليهم. هناك أمران رئيسيان يعبران عن الفروق بين السنة والشيعة: الأول هو أن الشيعة لديهم قضية مركزية هي إستشهاد الحسين رضي الله عنه وأهل بيته في كربلاء. الثاني هو أن الشيعة لديهم مرجعية مركزية في إيران. السنة ليس لديهم قضية مركزية أو مرجعية مركزية وهم منقسمون بين مئات الأحزاب والجماعات التي تدعي أنها الوحيدة على حق .كما أن قضية فلسطين ليست قضية مركزية بالنسبة الى السنة. القيادي في حماس محمود الزهار وفي تصريح مسرب تحدث صراحة بأن أهدافهم(حماس) تتجاوز قضية فلسطين وأن الأخيرة سواك أسنان. حماس هي فرع الإخوان المسلمين في فلسطين وتنظيم الإخوان المسلمين الذي أسسه سنة ١٩٢٨ في مصر حسن البنا هو رأس حربة الإسلام السياسي(السني) والتنظيم الذي تفرعت عنه جميع التنظيمات التكفيرية والسلفية وحزب التحرير وغيرهم.
هناك تاريخ من العلاقات المشتركة وتبادل المصالح والخدمات بين تنظيمات الإسلام السني(الأصولي) ودول الغرب على رأسها الولايات المتحدة. إن تلك التنظيمات لديهم تفسيرات مضحكة في أنهم يخدعون الولايات المتحدة والغرب من أجل أن يدخلوا جيوشهم الى بلاد الشام حيث سوف تقع المعركة الفاصلة في مرج دابق بين المسلمين والغرب.
تنظيم الإخوان المسلمين لديهم تاريخ من الاغتيالات في مصر التي كانت تستهدف خصومهم وليس قوات الاحتلال البريطاني وكانوا أداة بريطانيا في محاربة جمال عبد الناصر والقومية العربية. تنظيم القاعدة أسسه وموله عبدالله عزام وأسامة بن لادن في أفغانستان خلال الحرب السوفيتية-الأفغانية واستمرت العلاقة خلال حرب تقسيم يوغسلافيا و انفصال اقليم كوسوفو. أعضاء تنظيم القاعدة كانوا رأس حربة في قتال القوات الحكومية اليوغسلافية وهو سيناريو سوف يتكرر لاحقا في سوريا خلال أحداث الربيع العربي.
تنظيم القاعدة كان حاضرا بقوة في العراق من خلال أبو مصعب الزرقاوي الذي أسس تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين والذي تحول لاحقا الى تنظيم داعش وجبهة النصرة, الأول في سوريا والعراق والأخير كان يعمل حصريا في سوريا وانفصل عن داعش وتحول الى تنظيم يدعى فتح الشام. الصهيوني اليهودي برنارد هنري ليفي نجح في تأسيس تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين في المناطق الكردية التي كانت قوات التحالف تحميها من خلال قرار حظر الطيران خلال الفترة التي سبقت حرب الخليج الثانية. أبو مصعب الزرقاوي كان سجينا لدى القوات الأمريكية في العراق وأطلق سراحه لأسباب غامضة وتم إرساله الى المناطق الكردية حيث ظهر هناك قبل أن ينتقل مع تنظيمه الى مناطق بغداد والمثلث السني في العراق.
أعضاء تلك التنظيمات الأصولية كانوا من السنة والتمويل مصدره تبرعات أهل السنة و دول مثل قطر والسعودية والكويت وهي دول من المفترض أنها سنية. يقول الكاتب البريطاني جورج أورويل أو ينقل عنه قوله:""إن الشعب الذي ينتخب سياسيين فاسدين وانتهازيين ولصوصاً وخونة ليس ضحيةً، بل شريكاً." لماذا لا يعترض أهل السنة على محاولات شيطنتهم, ولماذا يؤيدون الولايات المتحدة خطوة خطوة وحافزا بحافر, ولو دخلت الولايات المتحدة الى جحر الضب, سوف يتبعونها.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
…يتبع
No comments:
Post a Comment