السنة والشيعة إسلام سياسي. الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم والخلفاء الأربعة رضي الله عنهم وجمهور الصحابة لم يعرفوا تلك المصطلحات ولم يأمروا بتشكيل أحزاب سياسية. هناك آية(١١) من سورة الحجرات{...وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ…} والسنة والشيعة والأحزاب من الألقاب التي تؤدي الى نشر الفرقة بين المسلمين.
السلفيون خلال الفترة التي أعقبت الربيع العربي خصوصا في مصر قاموا بتأسيس أحزاب ودخلوا البرلمان بعد أن كان بدعة والديمقراطية كفر ولم يحكم البرلمان بما أنزل الله رغم هيمنتهم رفقة حلفائهم من الإخوان المسلمين على مقاعده. ولكن السلفيين قاموا بذلك رغم أن هناك حديث نبوي صحيح ..{وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدثَاتُهَا، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ…}. كما أنه هناك حديث في الصحيحين {...إنا لا نولي هذا من سأله ولا من حرص عليه.} وفي رواية في صحيح مسلم أنه قال:"لا نستعمل على عملنا من أراده." والانتخابات والبرلمان من الطلب والحرص على المنصب والسلطة.
الإخوان المسلمين هم أصل البلاء وأصل الإسلام السياسي السني وجميع الجماعات الجهادية التكفيرية والسلفية, القاعدة وداعش تعود جذورها الفكرية الى تنظيم الإخوان المسلمين. حسن البنا أسس تنظيم الإخوان المسلمين سنة ١٩٢٨م حيث قام ببناء أول مسجد ومركز للجماعة في مدينة الإسماعيلية من خلال تبرع مبلغ ٥٠٠ جنيه مصري مصدره شركة قناة السويس البريطانية. ولكن الحكومة البريطانية مولت شراء حصتها في أسهم قناة السويس من خلال قرض قدمه بنك روتشيلد في العاصمة البريطانية لندن. حسن البنا كان يؤسس حزبا إسلاميا بتمويل من آل روتشيلد ويدعو الى خلافة إسلامية على مذهب آل روتشيلد.
الشيعة متهمون في ولائهم للجمهورية (الإسلامية) الإيرانية والتي لديها مصالح في منطقة الشرق الأوسط وفي ذلك كلام كثير وقليل. ولكن كلمة (إسلامية) وضعتها بين قوسين, تبعية الى دولة ظاهرها على الأقل إسلامي. ولكن لو نظرنا الى التاريخ سوف نجد أن إيران كانت دولة (سنية) ونجح الشاه إسماعيل الصفوي في تشييعها بالقوة والحيلة. ولكن صلاح الدين الأيوبي حول مصر التي كانت دولة شيعية والأزهر شيعي الى مذهب أهل السنة والجماعة. هل يعني ذلك حلال على صلاح الدين الأيوبي وحرام على الشاه إسماعيل الصفوي؟
وإذا كان الشيعة موالين وعملاء للجمهورية (الإسلامية) الإيرانية فإن أهل السنة والجماعة جنود في القوات المسلحة الأمريكية والغرب والتاريخ يحكي. حسن البنا وتنظيم الإخوان المسلمين كانوا مؤيدين للملك فاروق والذي كان مواليا ومدينا بعرشه الى بريطانيا وقاتل الإخوان المسلمين ضد القومية العربية والرئيس المصري جمال عبد الناصر وحاولوا اغتياله في أكثر من مناسبة وخلال فترة الستينيات والسبعينيات كانوا ضد فصائل المقاومة الفلسطينية لأنها شيوعية و يسارية علمانية وصدرت الفتاوي ضد المقاومين الفلسطينيين وقيادات المقاومة بأنهم كفار وخونة وصلاح خلف(أبو إياد) رئيس جهاز أمن الثورة الموحد والرجل الثاني في حركة فتح تحدث عن ذلك في أحد المؤتمرات. وعلينا أن لاننسى التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة وجماعة الإخوان المسلمين خلال أحداث الربيع العربي المشؤوم وأن هناك طلبات استجواب في الكونغرس الأمريكي حول أموال منحها الرئيس باراك أوباما الى جماعة الإخوان المسلمين في مصر مقابل الموافقة على تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة الى شبه جزيرة سيناء في مصر.
أهل السنة والجماعة لم يسمع لهم صوت في لبنان خلال أحداث حصار بيروت والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي لأنهم كانوا مشغولين بالقتال في أفغانستان ضد القوات السوفياتية بالتنسيق مع الولايات المتحدة وبريطانيا حيث كانت القوات الخاصة البريطانية(SAS) تقوم على تدريب (المجاهدين) في قواعد عسكرية بريطانية تقع في الأراضي البريطانية. السلاح كانت تزود به المجاهدين العرب الولايات المتحدة والتمويل سعودي ومن خلال تبرعات شعبية. زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن كان يعمل بالتنسيق مع المخابرات الأمريكية من خلال مستشار الأمن القومي الأمريكي زيغينو بريجنسكي الذي كان تلميذ المستشرق الأمريكي من أصول يهودية/بريطانية برنارد لويس.
أسامة بن لادن كان عميل أمريكي وقبل يومين من أحداث ١١/سبتمبر, نجح في اغتيال القائد الوطني الأفغاني أحمد شاه مسعود من خلال عميلين من تنظيم القاعدة نجحوا في التنكر على أنهم صحفيين وكانت القنبلة مزروعة في الكاميرا الذي من المفترض أن تصور اللقاء. أحمد شاه مسعود قائد وطني أفغاني وكان سوف يقاوم الولايات المتحدة وكان من المستحيل غزو أفغانستان من القوات الأمريكية وقوات الناتو مع وجوده في وادي بانجشير الحصين وموقعه الاستراتيجي والهام للغاية.
ولكن العلاقة بين أهل السنة والجماعة ودول الغرب لم تنتهي مع هزيمة قوات الجيش الأحمر في أفغانستان, سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي. هناك الآلاف من الإسلاميين الجاهزين المدربين المتعطشين للقتال ضد الكفار أعداء الدين فكانت وجهتهم الى يوغسلافيا حيث نقلتهم طائرات النقل هيركوليز سي-١٣٠ الأمريكية وشاركوا في حرب تقسيم يوغسلافيا حيث ظهر في القاموس السياسي مصطلح البلقنة.
وعندما قام العراق بغزو الكويت سنة ١٩٩٠-١٩٩١ ولاحقا عندما قررت الولايات المتحدة إسقاط نظام حكم صدام حسين سنة ٢٠٠٣, كان الإسلاميون في مقدمة الصفوف من أجل خدمة مصالح الولايات المتحدة والمساعدة في تقسيم العراق حيث إنتقل تنظيم القاعدة بعدته وعتاده الى العراق وقاموا بشن هجمات دموية وتفجيرات انتحارية ليس ضد القوات الأمريكية ولكن ضد المدنيين الشيعة وقاموا سنة ٢٠٠٧ بتفجير ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري مما أدى الى إنتشار موجة قتل طائفي على الهوية ونزوح غير مسبوق في مناطق عراقية مختلفة.
لبنان وبالتحديد منطقة الجنوب ساحة جدال تقليدي سني/شيعي بسبب حزب الله والدعم الإيراني بوصفه ذراع إيران في لبنان. ولكن هناك سؤال مشروع وهو "ماهو موقف أهل السنة والجماعة في لبنان والعالم من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي أراضي لبنانية؟"
لا يتحدث الكثيرون حول ذلك ولكن عند انسحاب فصائل المقاومة الفلسطينية من لبنان بعد حصار بيروت سنة ١٩٨٢, كانت وجهاتهم متنوعة فمنهم من سافر الى تونس أو الجزائر أو سوريا ومنهم كثيرون عادوا الى بلدانهم. وقد كان من المستحيل أن يحملوا أسلحتهم معهم باستثناء حالات محددة سُمِحَ بحمل سلاح فردي. المنظمات الفلسطينية درَّبت وسلَّحت أهل جنوب لبنان خصوصا القرى الحدودية وأعطتهم كافة أنواع الأسلحة الفردية, المتوسطة والثقيلة حتى يملأوا الفراغ وتستمر مسيرة المقاومة ضد العدو الصهيوني. ولكن أولئك المغفلين والحمقى باعوا سلاحهم و ذخيرتهم الى الشيعة حركة أمل وحزب الله والأخير كان حديث النشأة و أول ظهور رسمي له كان سنة ١٩٨٣ في قرية مغدوشة في جنوب لبنان والتي تبعد ٨كم عن مدينة صيدا وكانت تحت سيطرة قوات تابعة للمقاومة الفلسطينية وحركة فتح.
أهل السنة والجماعة ليس لديهم الرغبة في القتال ضد العدو الإسرائيلي بإستثناء حركة حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين ولكن تلك قضية أخرى لها أبعاد مختلفة والنقاش حولها يطول. أهل السنة والجماعة ليسوا أهل حرب باعوا أسلحتهم الى الأحزاب الشيعية وقعدوا يتفرجون مع القاعدين ويندبون حظهم وينتقدون خصومهم من الشيعة. الدول السنية العربية كانت لديها فرصة لا تقدر بثمن في جنوب لبنان ولكنهم تخلوا عنها الى
إيران وسلموها إليها تسليم مفتاح والأن الإعلام النفطي البترودولاري يعمل ضد الشيعة وإيران ويؤيد دولة الإحتلال الصهيوني ويقف مواقف مخزية ضد المقاومة الفلسطينية.
د.نبيل خليفة وهو باحث ومفكر مسيحي ماروني لبناني قام بتأليف كتاب "استهداف أهل السنة" ملخصه أن الولايات المتحدة ودول الغرب على العموم بالتعاون مع دولة الكيان الصهيوني وإيران, روسيا والصين يعملون ضد أهل السنة ويحاولون حصارهم والتضييق عليهم لأنهم يشكلون خطرا على الهيمنة الغربية في منطقة الشرق الأوسط والعالم. كلام مثير للضحك وبالتأكيد مدفوع مسبقا لأن الولايات المتحدة لو فعلت ذلك, سوف يكون كمن أطلق النار على قدميه.
الولايات المتحدة, دول الغرب ودولة الكيان الصهيوني يشعرون بالقلق من الشيعة وليس السنة. أما السبب فهو أن الشيعة لديهم قضية مركزية قوية نجحوا في استغلالها سياسيا, كربلاء واستشهاد الحسين رضي الله عنه. كما أن الشيعة لديهم مرجعية مركزية, إيران. بينما السنة ليس لديهم قضية مركزية وأينما تجر الولايات المتحدة الحبل الذي تربط به رقابهم يذهبون معها, وليس لديهم قضية مركزية و قضية فلسطين ليست قضيتهم المركزية وهم يعلنونها صراحة بدون خجل, نقاتل في الشام وعيوننا على بيت المقدس, نقاتل في الشيشان وعيوننا على بيت المقدس, نقاتل في أفغانستان وعيوننا على بيت المقدس, نقاتل في العراق وعيوننا على بيت المقدس.
مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية
النهاية
No comments:
Post a Comment