Flag Counter

Flag Counter

Thursday, February 1, 2024

عملية طوفان الأقصى والصراع بين الشرف أو العلف

هناك مثل هندي شائع "عندما تتشاجر الأفيال’ يتكسر العشب" وفي قراءة أخرى "يموت العشب وذلك ينطبق على الأحداث الأخيرة في فلسطين المحتلة وعملية طوفان الأقصى ٧/أكتوبر/٢٠٢٣.  وقد ظهر عدد من قادة الفصائل الفلسطينية خصوصا حماس والجهاد الإسلامي يتحدثون عن معرفتهم المسبقة بأن المدنيين سوف يكونون ضحية الحرب و وقود للمعركة ولكن القضية غالية وتتطَلَّبُ التضحية. كما ظهر خالد مشعل وأبو عبيدة وهم يتحدثون عن البقرات الحمراء التي نجحت دولة الكيان الصهيوني في العثور عليها واستيرادها الى فلسطين المحتلة من أجل ذبحها والتمهيد لهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل. 

المفكر والصحفي العماني علي بن مسعود المعشني تحدث في عدد من اللقاءات التي تم نشرها على موقع مشاركة الفيديوهات (يوتيوب) عن ثقافة العلف والشرف أو الصراع بين العلف والشرف, الصراع بين أنصار المال وأنصار الكرامة. ولكن على الرغم من إحترامي لذلك المفكر الكبير إلا أنني أعترض على ذلك المفهوم لأنه لايجوز ممارسة تعميم قوالب نمطية على كل من يختلف معنا في الرأي حتى لو كان ذلك الإختلاف في قضايا مصيرية وحساسة. هناك حدود في الإختلاف حتى لا تصبح الخيانة مُجَرَّدَ وجهة نظر.

المدنيون في قطاع غزة هم ضحايا عملية طوفان الأقصى الحقيقيون والروايات التي يرويها أولئك الأشخاص تصلح أن تكون سيناريو أكثر الأفلام السينمائية رعبا أو الأفلام التي تعبِّر عن قصة حقيقية أو أحداث واقعية. أكثر من ٢٥ ألف شهيد نصفهم من الأطفال بالإضافة الى آلاف المفقودين والجرحى والألم النفسي الذي لن ينساه الناجون وضحايا أحد أكثر عمليات التطهير العرقي والمجازر الدموية وحشية وتطرف في التاريخ. روايات عن عمليات جراحية منها بتر الأطراف بدون تخدير أحدها طبيب كان مضطرا لإجراء عملية بتر قدم إبنته في أحد المنازل وعلى طاولة المطبخ بدون تخدير. مشهد آخر يصور طبيبا أثناء عمله في أحد المستشفيات أحضروا له جثامين بعض الشهداء الذين لم يكونوا سوى أفراد من أسرته أو إبنه وزوجته, أو طبيبة تعمل في المستشفى تكتشف أن أحد جثث الشهداء هي جثة أختها. عمليات ولادة قيصرية بدون تخدير وأخرى جراحية منها استئصال شظايا بدون تخدير. مرضى غسيل الكلى والقلب والسرطان بدون أي علاج أو أدوية رغم أن حالتهم تتدهور يوما بعد يوم وغيرها من القصص والروايات وشهادات الناجين من القصف لعل أكثرها إيلاما هي شهادات الأطفال.

الحصار الذي يتعرض له أهالي قطاع غزة ليس فقط من دولة الإحتلال الصهيوني العنصرية لكن من دول عربية ترغب في تصفية القضية الفلسطينية التي أصبحت السبب في صداع مزمن وحالة احتقان شعبي تهدد أنظمة حكمهم مع استمرارها لأكثر من ٧٠ عاما وعدم وجود أي حل قريب في الافق رغم جولات الصراع الأكثر جنونا حيث أولوية القتل الصهيوني دائما تصب حممها من الطيران والمدفعية والدبابات على المدنيين. الفصائل الفلسطينية لا تنشر خسائرها كما أن جيش الإحتلال الصهيوني أيضا لا ينشر خسائره وأغلب البيانات تتعلق بالمدنيين الفلسطينيين أو الأسرى من الإسرائيليين أو بعض الجنود الذي تعترف المصادر العسكرية الصهيونية بسقوطهم وأخرهم كمين سقط فيه ٢١ قتيلا من قوات جيش الدفاع الصهيوني دفعة واحدة ولكن تلك حادثة أكبر من قدرة الإعلام الصهيوني إخفائها. كما أن جيش الإحتلال الصهيوني يرتكب جرائم في الضفة الغربية باستمرار خصوصا هدم منازل الناشطين الفلسطينيين وعمليات الاغتيال والاعتقال العشوائي والاقتحامات المتكررة في المدن والبلدات الفلسطينية وذلك بالتزامن مع الجرائم التي يرتكبها في قطاع غزة.

عملية طوفان الأقصى و ردود الفعل الإسرائيلية استقطبت وسائل الإعلام الغربية والعربية التي نجحت في تحويل مأساة الشعب الفلسطيني, دماء الشهداء وصرخات الجرحى الى مجرَّد منتجات رقمية حيث يتم التركيز على الأطفال وتسويق ذلك كما تقوم أي شركة تجارية بتسويق منتجاتها. ولكن جيش الإحتلال الصهيوني إقتحم سنة ٢٠٠٢ خلال أحداث انتفاضة الأقصى الثانية مخيم جنين في الضفة الغربية و هدمه على رؤوس السكان بيتا بيتا وتم تنفيذ عمليات إعدام ميدانية ضد مدنيين فلسطينيين ولم يتحرك المجتمع الدولي ولم يتم تقديم شكاوي الى محكمة العدل الدولية أو الأمم المتحدة ولم تتحرك تلك المشاعر الإنسانية في دول الغرب التي وذلك رأي شخصي تتحرك بالريموت كنترول عندما يحركها بعضهم من خلف الستارة في مسرحية يشارك فيها الكثير من الممثلين والقليل من محركي الدمى أو المخرجين.

الصراع مع دولة الإحتلال الصهيوني هو صراع عقول أكثر من أن يكون مجرد صراع مسلح أو معركة حصيلتها صفر حيث لا مكان للأغبياء أو البلاهة السياسية أو التهريج السياسي والإستعراض. حركة حماس كانت ترفض حل الدولتين ويتم توجيه الاتهامات الى ياسر عرفات وحركة فتح بالخيانة بسبب قبولهم أو موافقتهم مبدئيا أو سعيهم نحو حل الدولتين والأن حماس تعلن قبولها حل الدولتين الذي رفضته دولة الاحتلال الصهيوني ومازالت. هل ماقامت به حركة حماس هو براغماتية سياسية أو نفاق سياسي خصوصا أنَّ الحركة نجحت في إستغلال الأجندات الدينية في تحقيق نصر إنتخابي سنة ٢٠٠٦ ثم إنقلاب عسكري على الشرعية الإنتخابية سنة ٢٠٠٧ في قطاع غزة والضفة الغربية حيث فشلت في الأخيرة بسبب سيطرة السلطة الوطنية وحركة فتح على مجريات الأحداث في الضفة الغربية.

وعند هذه النقطة وفي ختام الموضوع, هناك مسألة مهمة الحديث حولها فيه مغالطات كثيرة وهي أن القضية تتطلب تضحية وأن الثمن غالي ولكن القضية مهمة, أول القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وأن هناك شعوبا ناضلت وتعرضت الى أبشع أنواع الظلم والقهر منها الجزائر وجنوب إفريقيا على سبيل المثال ولكنها نجحت في النهاية في طرد الاستعمار المحتل ونالت استقلالها. الدول العربية خصوصا مصر وقفت الى جانب الثورة الجزائرية بالمال والسلاح والدعاية السياسية. كما أنه كان هناك تعاطف دولي في الوطن العربي, آسيا, إفريقيا وحتى دول أوروبية مع جنوب إفريقيا من أجل إنهاء نظام الفصل العنصري وذلك بما يختلف عن الظروف الحالية في فلسطين حيث هناك مطالبات فلسطينية وعربية بالإنتهاء من المقاومة وطي تلك الصفحة نهائيا والى الأبد.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية







No comments:

Post a Comment