Flag Counter

Flag Counter

Saturday, February 10, 2024

في عالم المخابرات, كلمة السر هي الثاليوم

الرئيس الجزائري هواري بومدين, رئيس قسم العمليات الخارجية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وديع حداد, الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات(الختيار), رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون(جزار صبرا وشاتيلا) وغيرهم ممن توفوا نتيجة مرض غامض تتشابه أعراضه في بداياته أنه نزلة معوية أو نوبة برد ثم ينهار النظام الحيوي الداخلي في الجسم في أعراض مرضية أقرب الى اللوكيميا(سرطان الدم) حيث يؤدي الى التوقف التدريجي عن إنتاج كريات الدم الحمراء والوفاة نتيجة عدم توصيل الأكسجين الى أعضاء الجسم الحيوية خصوصا الرئتين والدماغ.

كانت هناك تحذيرات عديدة من إغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي مجرم الحرب آرييل شارون من عدد من القادة الإسرائيليين الذين كانوا يخشون من تبعات إصراره على الانسحاب من قطاع غزة سنة ٢٠٠٥ منهم الرئيس الإسرائيلي موشيه كاتساف ورئيس الوزراء السابق وزعيم حزب العمل شيمون بيريز الذي حذَّر من أجواء ودعوات من متطرفين يهود مماثلة للفترة التي سبقت إغتيال رئيس الوزراء اسحق رابين. كما أنَّ قناة بي بي سي البريطانية أعدت فيلما وثائقيا عن آرييل شارون من أجل أن يتم بثه بعد وفاته مباشرة. 

الرئيس الجزائري السابق هواري بومدين كان أحد أكبر الداعمين للجهود العربية في مصر و سوريا خلال الفترة التي أعقبت هزيمة ١٩٦٧ وصولا الى حرب رمضان ١٩٧٣ حيث تم إرسال طائرات حربية جزائرية الى مصر بطواقمها وشراء أسلحة من الاتحاد السوفياتي وإرسالها الى مصر و سوريا وتقديم الأموال من أجل دعم المجهود الحربي. كما كان الرئيس هواري بومدين من أوائل الداعمين للثورة الفلسطينية وكانت أول شحنة أسلحة تحصل عليها منظمة التحرير الفلسطينية مصدرها من الجزائر وبدعم من الرئيس هواري بومدين. وزير الخارجية العراقي السابق حامد الجبوري صرَّحَ في عدد من اللقائات الصحفية أن الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين بدأ في الشعور بأعراض مرضية بعد إنتهاء زيارة قام بها الى بغداد ضمن جولة خارجية تشمل العراق وسوريا وعدد من الدول العربية. في البداية كان الأطباء يشتبهون بمرض سرطان المثانة وسافر الى موسكو للعلاج حيث تحسنت حالته الصحية بشكل ملحوظ ثم عاد الى الجزائر حيث عاودت الأعراض المرضية الظهور وتوفي في أحد مستشفيات العاصمة الجزائر عن عمرة ٤٨ عاما رغم أنه لم يعاني في السابق من أي أمراض مزمنة أو أعراض مرضية.

الثورة الفلسطينية مرَّت بعدة مراحل تاريخية ومنعطفات برز خلالها عدد من الأشخاص تركوا بصمتهم الواضحة على مسار الأحداث وكان رئيس قسم العمليات الخارجية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وديع حداد أحد أولئك الأشخاص. كان وديع حداد يجيد التنكر والتخفي ويدير في الخفاء منظمة داخل المنظمة عبارة عن جهاز مخابرات كان مسؤولا عن تنفيذ العمليات الخارجية في الدول الأوروبية ضد عملاء الموساد والمصالح الإسرائيلية. كان وديع حداد أستاذاً بكل ماتحمله الكلمة من معنى وهو مبتكر سياسة مبادلة العمليات حيث كانت المنظمات الفلسطينية تخضع الى رقابة أجهزة المخابرات الأمريكية والأوروبية وبالطبع الموساد والأخير كان مخترقا عدداً من تلك التنظيمات وكان تنظيم وديع حداد يقوم بعمليات في أوروبا لصالح تلك الفصائل مثل الجيش الأحمر الياباني ومنظمة بادر-ماينهوف و الألوية الحمراء الإيطالية مقابل أن تقوم تلك التنظيمات بعمليات ضد مصالح و أشخاص إسرائيليين في أوروبا والشرق الأوسط. 

قام عدة أشخاص تابعين لتنظيم وديع حداد منهم الفنزويلي كارلوس(الثعلب) بعمليات نوعية لعل أشهرها محاولة إختطاف وزراء نفط منظمة الأوبك في فيينا سنة ١٩٧٥ وخطف طائرة إير-فرانس التي كانت في طريقها من باريس إلى تل أبيب، إلى عنتيبي أوغندا عام ١٩٧٦. فصلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وديع حداد من عضويتها بسبب رفضه التوقف عن القيام بعمليات خارجية والتي كانت عملية ١٩٧٠ خطف الطائرات الثلاثة الى الأردن من أبرزها. كانت وفاة وديع حداد في ٢٨/مارس/١٩٧٨ غامضة الى وقت قريب حيث كشف الكاتب الإسرائيلي آرون جي كلاين أن الموساد تمكن من خلال عميل عراقي كان عائدا الى بغداد من أوروبا من دس السم في شوكولاته بلجيكية من النوع الذي يفضله وديع حداد حيث بدأت أعراض مرض غامض كان الأطباء العراقيون يعتقدون أنه تسمم في الدم بينما أطباء من ألمانيا الشرقية حيث سافر وديع حداد للعلاج وصلوا الى استنتاج غير مؤكد أنه سرطان الدم(اللوكيميا). إنَّ أعراض المرض التي ظهرت على وديع حداد هي الأعراض ذاتها التي ظهرت على هواري بومدين وآرييل شارون وحتى ياسر عرفات الذي يشاع أنَّ نقطة ضعفه كانت أيضا الشوكولاتة البلجيكية وأن شارون لم يكن سوى المنفذ للقرار الذي تم إتخاذه على أعلى المستويات في دولة الكيان الصهيوني بإعتيال ياسر عرفات ثم تم التخلص من شارون وبالتالي إخفاء جميع أثار تلك الجريمة. ولكن بعض المصادر تشير الى أنَّ العميل الذي نفَّذ عملية إعتيال وديع حداد هو الذي دس السم للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات, فلسطيني وليس عراقياً وأنه كان الى وقت قريب يشغل منصبا مهما ومن قادة الصف الأول في السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة فتح ومن المقربين من الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ويقيم حاليا ربما في أحد دول أوروبا الشرقية.

هناك خطأ شائع في عدد من المواقع التي نسخت الخطأ من بعضها البعض بما يشبه العدوى أن السم المستخدم في عمليات الاغتيال التي ذكرتها في بداية الموضوع هو الليثيوم وهو أحد المعادن وعلاج التسمم بالمعادن ممكن وبسيط و أعراضه معروفة. ولكن على الحقيقة فإن السم المستخدم هو الثاليوم وليس الليثيوم أو البولونيوم-٢١٠ الذي وصفت قناة الجزيرة في فيلم وثائقي عن وفاة ياسر عرفات أنه السم الذي يتم إستخدامه في إغتياله في محاولة من أجل إخفاء آثار الجريمة والفاعل الحقيقي.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment