Flag Counter

Flag Counter

Sunday, December 10, 2023

صفحات من تاريخ رأسمالية الكوارث وأوليغارشية الأثرياء

في كتاب "الرأسمالية في القرن الواحد والعشرين," يصف الخبير الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي إتساع اللامساواة والفروقات الطبقية التي أصبحت سنة ٢٠١٠ تعادل المستويات التي وصلتها في الفترة الزمنية(١٩٠٠-١٩١٠). ١% من من الأشخاص البالغين الذين يعيشون على كوكب الأرض, ٤٥ مليون شخص من ٤.٥ مليار(إحصائيات ٢٠١٠) يمتلكون ٥٠% من مجموع الثروات بينما يمتلك ٠.١% من مجموع الأشخاص البالغين الذين يعيشون على كوكب الأرض مجموع ٢٠% من الثروات.  

إن أحد الأسباب الرئيسية التي يتحدث عنها توماس بيكيتي في كتابه هي التهرب الضريبي خصوصا الملاذات الضريبية أو مناطق الأوفشور. الحل كما يرى الكاتب من وجهة نظره هو إجراء دولي صارمة يؤدي الى إغلاق مناطق الأوفشور أو على الأقل ربما فرض ضريبة على الثروات بالإضافة الى الضريبة المفروضة على الدخل وأرباح الشركات. 

البروفيسور فالنتين كاتاسونوف وهو أحد أشهر الخبراء الاقتصاديين في روسيا والعالم تحدث باستفاضة عن مشكلة الملاذات الضريبية في كتاب "استعباد العالم, نهب على الطريقة اليهودية" حيث كتب عن بعض الحقائق المثير للإهتمام منها أنه ليس هناك إحصاء دقيق فيما يتعلق بعدد مناطق الأوفشور وأنَّ كل منظمة أو دولة لها معاييرها في تحديد مناطق الملاذات الضريبية(الأوفشور).

صندوق النقد الدولي لديه سجل يحتوي على ٢٦ منطقة أوفشور منها قبرص, بنما, ماكاو والكثير من المناطق في بريطانيا العظمى. منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OECD) وضعت سنة ٢٠٠٠ قائمة تضم ٤١ دولة تقلَّصت الى ٣٩ دولة سنة ٢٠٠٩ منها دول في القائمة السوداء حيث ترفض التعاون وهي: ليخنشتاين, أندورا وماكاو. شبكة العدالة الضريبية التي أطلقت سنة ٢٠٠٣ وتهتم بكثير من الجوانب الدولية للتنظيم المالي أطلقت قائمة سنة ٢٠٠٧ تضم ٦٩ منطقة أوفشور وقد انخفضت لاحقا الى ٦٠. روسيا نشرت سنة ٢٠٠٧ قائمة تضم ٤٢ منطقة أوفشور بينما نشر بنك روسيا المركزي قائمة تضم أسماء ٤٨ دولة ومنطقة يمكن وصفها بأنها مناطق أوفشور. جزر كايمان هي أحد أكثر مناطق الأوفشور شهرة حيث تحدث عنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما حيث أنه في بناء يدعى أوغلاند في شارع تشيرتش تسجيل أكثر من ١٨٠٠٠ شركة حيث وصفها باراك أوباما بأنها "أكبر عملية غش ضريبي في العالم. 

إن الأرقام عن حجم التهرب الضريبي والأموال التي يتم إيداعها في مناطق الأوفشور مخيفة ومفزعة حيث كانت تزداد بمعدل ٦% سنويا وبلغت في نهاية عقد التسعينيات ٥ تريليون دولار/سنة. حاليا تبلغ التقديرات في حجم أموال الأوفشور ١١.٥ تريليون دولار حيث بلغ التهرب الضريبي ٢٢٥ مليار دولار(إحصائيات ٢٠١٠). سويسرا هي أضخم مركز/دولة أوفشور حيث بلغ حجم الأموال التي تم إيداعها ٢.٢ تريليون دولار.

إنَّ إستخدام مناطق الأوفشور ليس محصورا بالإحتيال الضريبي ولكن خلال الأزمة المالية ٢٠٠٨, كان هناك قسم كبير من أموال التحفيز الاقتصادي التي تم دفعها وفق خطة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما قد تم إرسالها بطريقة أو بأخرى الى حسابات في مناطق الأوفشور و ملاذات ضريبية. أما خلال الأزمة الإقتصادية ١٩٩٧ (أزمة النمور الآسيوية), فقد تم الكشف أن عددا كبيرا من البنوك والشركات المالية التي أعلنت إفلاسها مدينة بمبالغ كبيرة الى شركات أوفشور تابعة لها.

الولايات المتحدة والدول الأوروبية تعلن على العلن أنها تحارب الأوفشور والتهرب الضريبي ولكنها في الوقت نفسه ليس لديها مشكلة مع ملاذات الأوفشور التي تنتهي أموالها بطريقة أو بأخرى في بنوك أمريكية أو أوروبية. اقتصاديات البلدان النامية أرسلت ما يزيد عن ٨ تريليون دولار الى مناطق الأوفشور. الصين والمكسيك على رأس قائمة الدول التي تخرج منها الأموال الى مناطق الأوفشور ٧٤.٢ تريليون دولار و ٥٠٤ مليار دولار على التوالي, بينما تبلغ الأرصدة الخاصة التي يتم الإحتفاظ بها في أي وقت في مناطق الأوفشور ما لا يقل عن ١٠ تريليون دولار. إنَّ توزيع الأرصدة التي يتم إيداعها في مناطق الأوفشور تظهر التالي: الولايات المتحدة ٢.١٨ تريليون دولار, جزر كايمان ١.٥٥ تريليون دولار, بريطانيا ١.٥٣ تريليون دولار وحتى في ألمانيا, هولندا, وإيرلندا هناك ملاذات ضريبية يتم إيداع مليارات الدولارات سنويا.

إن مناطق و ملاذات الأوفشور هي عبارة عن واجهة للمرابين(المصرفيين) الدوليين و نشاطاتهم المشبوهة حيث يتم التلاعب بالاقتصاد العالمي وحيث يتم صنع الأزمات. الفشل سوف يكون مصير أي جهود من أجل محاربة الملاذات الضريبية ومناطق الأوفشور بدون إصلاح اقتصادي حقيقي يشمل القضاء على البنوك المركزية و إيقافها نهائيا وقوانين إصلاحات ضريبية حقيقية تتوقف عن إلقاء العبء الضريبي على ذوي الدخل المحدود ومتوسطي الدخل ويكون هناك قوانين تضمن توزيع ضريبي عادل على الجميع حيث أن الأنظمة الضريبية الحالية تجعل من الممكن تهرب الأغنياء عن دفع الضرائب بدون أي عواقب.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment