Flag Counter

Flag Counter

Sunday, May 14, 2023

بارت إيرمان وتاريخ المسيحية, عرض ونقد

بارت إيرمان أستاذ الدراسات الدينية في جامعة كارولاينا الشمالية-تشابيل هيل وهو غني عن التعريف في مجال مقارنات الأديان ولديه أكثر من عشرين كتاب في ذلك المجال لعل أهمها "Jesus Interrupted" و "Misquoting Jesus" وكتب أخرى بعضها أكاديمي يتم تدريسه في أقسام الدراسات الدينية في الجامعات الأمريكية.

هناك الكثير من التساؤلات التي يطرحها بارت إيرمان في كتبه حول العهد الجديد خصوصا الأناجيل وتاريخ المسيحية.أحد تلك الأسئلة هو من هم المؤلفون الحقيقيون للأناجيل؟ أو هل هناك رسائل منحولة تنسب الى بولس الرسول أو الى رسل آخرين أو تلاميذ المسيح؟ هل من الاحتمال ان هناك اختلافات في الأناجيل لا يمكن التوفيق بينها أو تناقضات لايمكن تفسيرها؟

من دحرج الحجر؟ يمثل أحد الإختلافات بين الأناجيل التي يصعب التوفيق بينها. إنجيل متى(٢٨: ١-٤) يروي لنا أنَّ ملاكا منظره كالبرق ولباسه أبيض مثل الثلج هو من دحرج الحجر وأنَّ الشهود على تلك الحادثة هم مريم المجدلية ومريم(الأخرى). بينما في إنجيل مرقس(١٦: ١-٨) الشهود هم مريم المجدلية, مريم أم يعقوب وسالومة هم الشهود ولم يذكر من دحرج الحجر ولكن عندما دخلت النسوة الثلاثة الى القبر فقد شاهدن شاباً جالسا على اليمين يرتدي حلة بيضاء. إنجيل لوقا(٥٥:٢٣, ٤:٢٤) ذكر أنَّ نساءً كنَّ قد أتين معه من الجليل هم الشهود على الحادثة وأنَّ الحجر كان قد دحرج وأن رجلين بثياب براقة ظهرا للنسوة. بينما إنجيل يوحنا(١:٢٠) أن مريم المجدلية هي أول من زارة القبر وأنها وجد الحجر قد تمت دحرجته ولم يذكر هوية من دحرج الحجر.

من دحرج الحجر؟ ومن هم الشهود على تلك الحادثة؟

إنَّ التناقضات كما ذكر الدكتور بارت إيرمان في كتاب "Jesus Interrupted" يمكن العثور عليها حتى داخل الأناجيل نفسها. على سبيل المثال فإن معجزة تحويل الماء الى خمر (يوحنا: ١٢-٢) هي أول معجزات المسيح ولكنه في (يوحنا ٢٣:٢) قد صنع عدة معجزات في أورشليم. بينما في يوحنا(٤: ٤٦-٥٤) قد شفى إبن خادم الملك الذي كان مريضا. ويتساءل الدكتور ايرمان ساخرا:" Huh? One sign, many signs, and then the second sign?"

إن ما قام به المسيح حين قلب طاولات الصيارفة وطرد باعة الحمام من الهيكل والتي ورد ذكرها في إنجيل مرقس(١١) خلال الأسبوع الذي يسبق الوفاة, و إنجيل يوحنا(٢) في بداية رحلته التبشيرية التي استمرت ثلاث سنين, تمثل تناقضا غير مباشر(إختلاف) ولكنه يبقى دون تفسير معقول يجعل من التوفيق بين الروايتين أمرا ممكنا.

ولكن بارت إيرمان يذكر اختلاف آخر بين إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا لا يمكن التوفيق بينهما وهي وفاة المسيح على الصليب. المسيح صلب وتوفي في إنجيل يوحنا(١٤:١٩) خلال اليوم الذي يتم الإستعداد فيه من أجل عشاء الفصح, بينما في إنجيل مرقس(١٤), صلب المسيح صباح يوم عيد الفصح وليس في اليوم الذي يسبِقه. والسؤال الذي يطرح نفسه هو, هل تناول المسيح عشاء الفصح مع تلاميذه(مرقس ١٤) أم لم يتناول(يوحنا ١٩)؟

هناك إختلاف في رواية ميلاد المسيح كما ذُكِرَ في إنجيل متى وإنجيل لوقا وهي اختلافات لا يمكن التوفيق بينها بأي حال من الأحوال خصوصا في الجانب التاريخي.

إنجيل متى (١٧:١)" فَجَمِيعُ الأَجْيَالِ مِنْ إِبْراهِيمَ إِلَى دَاوُدَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً وَمِنْ دَاوُدَ إِلَى سَبْيِ بَابِلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً وَمِنْ سَبْيِ بَابِلَ إِلَى الْمَسِيحِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ جِيلاً" المشكلة هي من نص إنجيل متى نفسه لأن عدد الأجيال من سبي بابل الى المسيح هو ثلاثة عشر جيلا وليس أربعة عشر.

إنجيل متى وهو كما يصف المؤرخون هوية مؤلفه اليهودية يسعى الى إثبات نسب المسيح الى داود تحقيقا للنبوءة التوراتية أن المسيح مخلص بني إسرائيل يكون من نسل داود ابن سليمان. بينما يجعل لوقا(٣: ٢٣-٣٣) نسب المسيح الى آدم وليس داوود ربما تأكيدا على رسالته العالمية وأنها لا تقتصر على اليهود.

إن الإحصاء المسكوني الذي ورد على ذكره لوقا(٢: ١-٧) ولكن ليس هناك مصدر تاريخي مستقل ومحايد يؤكد ذلك. كما أن السجلات الرومانية خلال فترة حكم الإمبراطور أوغسطس قيصر لا تحتوي على أي إشارة الى إحصاء مسكوني(عالمي) على الرغم من أن هناك عددا لا بأس به من الوثائق التي تعود الى تلك الحقبة التاريخية قد تم العثور عليه. هناك خطأ تاريخي آخر تحدث عنه بارت إيرمان وهو أن ولادة يسوع كما ذكر لوقا كانت في فترة حكم اليهودية الملك هيرودس بينما كان كِيرِينِيُوس هو والي سوريا. ولكن كِيرِينِيُوس حكم سوريا(٦ ب.م) بعد عشرة سنين على وفاة هيرودس.

هناك الكثير من التفاصيل التي لم أذكرها وتركتها للقارئ حتى يتوسع فيها ويزيد من معرفته في مجال مقارنات الأديان. ولكن خلاصة القول أن الأناجيل تحتوي على الكثير من التناقضات الغير قابلة للتوفيق فيما بينها وحتى أن بعض الأناجيل تحتوي على تناقضات ومعلومات مغلوطة داخل صفحات الإنجيل نفسه.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment