Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, May 10, 2023

النظام العالمي الجديد, مورغان والقرن الأمريكي

النظام المصرفي والمالي العالمي يشبه جبل الجليد, قمته ظاهرة للعيان وأغلبه يقع تحت الماء غير ظاهر للعين المجردة. رجال البنوك أو المصرفيون أقرب الى آلهة الأساطير اليونانية القديمة, ولكنهم آلهة المال الذين يقومون بعمل الرب أو هكذا يصفون أنفسهم. في سنة ١٩١٣, قام السيناتور الجمهوري عن ولاية مينيسوتا الأمريكية تشارلز ليندبيرغ(Charles August Lindbergh Sr) بتأليف كتاب بعنوان "النظام المصرفي, العملات, صناديق التمويل - Banking, Currency and the Money Trust" حيث فضح الأجندات السياسية لرجال البنوك والمؤسسات الاستثمارية في وول ستريت ومخططهم لتأسيس بنك مركزي بهدف التحكم باقتصاد الولايات المتحدة والعالم. كما قام السيناتور سنة ١٩١٧ وفي مساعيه لفضح الدور الذي لعبه كبار رجال المال والبنوك في الولايات المتحدة في سبيل تخليها عن سياسة الحياد خلال الحرب العالمية الأولى وجنى الأرباح من تجارة وبيع السلاح لجميع الأطراف بتأليف كتيب صغير بعنوان"لماذا بلدك في حالة حرب - Why is Your Country at War" حيث تعرض لحملة إعلامية وصف خلالها بالخائن وأجبر على التقاعد من العمل السياسي.

أحد كبار المصرفيين في وول ستريت, جي بي مورغان, وفي خرق حالة الحياد الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى, كان يقوم بتمويل صفقات السلاح لبريطانيا وفرنسا وجنى من ذلك أرباحا طائلة. كما أنه كان مسؤولا عن حملة إعلامية بالتعاون مع إدارة الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون(Woodrow Wilson) لتهيئة الرأي العام الأمريكي من أجل القبول بدخول الولايات المتحدة الحرب الحرب العالمية الأولى إلى جانب دول الحلفاء. وزير الخارجية الأمريكي ويليام جينينغ برايان(William Jennings Bryan) قدم إستقالته سنة ١٩١٥ في إحتجاج على التلاعب بالإعلام الأمريكي من قبل مصارف وبنوك وول ستريت خصوصا جي بي مورغان في سبيل تخلي الولايات المتحدة عن حالة الحياد ودخولها الحرب العالمية الأولى حتى لا يتعرض مورغان للإفلاس بسبب القروض التي قدمها الى بريطانيا وفرنسا في حال خسارة الحرب لصالح ألمانيا وحلفائها والذين كانوا يحققون الإنتصارات على كل الجبهات.  وقد تضائل دور جي بي مورغان خلال الفترة التي أعقبت أزمة الكساد العظيم وانهيار سوق الأوراق المالية في وول ستريت(١٩٢٩-١٩٣٣) لصالح أسرة روكفلر والذين جمعوا بين نشاطهم في مجال النفط والبنوك ليجمعوا ثروات تقدر بالمليارات.

إن التحول في أهمية الولايات المتحدة قوة عظمى خلال الفترة التي أعقبت نهاية الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٤٥ لم يكن ممكنا إلا بالاعتماد على أمرين اثنين: الأول, الدولار عملة احتياط عالمية والذي أقرته رسميا إتفاقية بريتون وودز, بينما الدور الثاني, القوة العسكرية الأمريكي المهيمنة والتي تحولت لدعم سياسة القطب الواحد حيث سقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي ١٩٨٩-١٩٩١. ويمكن تلخيص عصر الهيمنة أو مايطلق عليه القرن الأمريكي بمقولة وزير الخارجية الأمريكي وأحد كبار اللاعبين السياسيين على مستوى العالم هنري كيسنجر بأنه "إذا تحكمت بالنفط فسوف تكون قادرا على أن تتحكم بالأمم, وإذا تحكمت بالغذاء فسوف تكون قادرا على التحكم بالشعوب, وإذا سيطرت على المال فسوف تكون قادرا على التحكم بالعالم." ولكن هناك الكثير من الآراء يرى أن مكانة الولايات المتحدة تراجعت على المستوى العالمي وأننا نشهد نهاية القرن الأمريكي إن لم يكن قد إنتهى فعلا خصوصا مع بروز دول تمثل ثقلا اقتصاديا وعسكريا خصوصا الصين وروسيا ونهاية مفهوم القطب الواحد والعودة لعالم متعدد الأقطاب. أما أسباب ذلك التراجع فيمكن تلخيصها بالتورط في حروب خارجية عبثية لم تتمكن أغلبية الشعب الأمريكي من أن تفهم الغاية والهدف منها وتراجع أداء الاقتصاد الأمريكي وحالة الانقسام الداخلية التي يشهدها المجتمع الأمريكي ودور سياسات الحكومة الأمريكية الداخلية في ذلك.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment