Flag Counter

Flag Counter

Thursday, May 4, 2023

هل كان المسيح يؤمن بأنه هو الإله؟

هناك حالة جدلية مستمرة الى يومنا هذا بخصوص تلك النقطة المهمة والحساسة في تاريخ المسيحية وهي ألوهية المسيح, هل كان المسيح يعتقد بأنه الإله أو الرب؟ وماهي الأسباب التي أدَّت الى تطور عقيدة الإيمان بالمسيح(كريستولوجي) من شخص كان يعمل نجاراً الى يسوع المسيح ومن ثم الإله(الرب)؟ إن النقاش حول هذه المسألة في التاريخ المسيحي قد أدى الى عقد مجمعات كنسية وانشقاقات في الكنيسة الكاثوليكية(القويمة) ومذابح دموية وحروب راح ضحيتها ملايين من الأبرياء.

الإجابة على ذلك السؤال هي أن المسيح لم يدعو نفسه بلقب الألوهية في العهد الجديد من الكتاب المقدس باستثناء إنجيل القديس يوحنا الذي يختلف عن باقي الأناجيل الثلاثة(الإزائية) حيث ذكر مجموعة من القصص التي لم يرد ذكرها في الأناجيل الثلاثة الأخرى منها قصة تحويل الماء الى خمر والمرأة الزانية.

إنَّ الحصول على إجابة ذلك السؤال ليست عملية بسيطة من الناحية التاريخية لأننا في حاجة الى مصادر يمكن أن نتبعها الى الفترة الزمنية التي عاش فيها يسوع المسيح. أما بالنسبة الى الاناجيل و روايات العهد الجديد الأخرى فهي تنتمي الى التراث المسيحي الذي تم تناقله شفويا وليس هناك أي سجل مكتوب للأناجيل حتى سنة ١٨٠م بعد وفاة المسيح وأقدم نسخة كاملة من العهد الجديد كانت ضمن المخطوطة السينائية والفاتيكانية حيث يعود تاريخ المخطوطتين الى القرن الرابع والخامس ميلادي.

إنَّ رسائل بولس الرسول في العهد الجديد من الكتاب المقدس هي أقدم مصدر مكتوب عن التراث المسيحي حيث يعود تاريخ كتابتها الى ثلاثين سنة بعد وفاة يسوع المسيح على الصليب. وقد يكون هناك رسائل أو كتابات أخرى أقدم من ذلك ولكن لم يصل الينا منها شيئ يذكر, على الأقل حتى وقتنا الحالي. رسائل بولس لا تعطينا الكثير من التفاصيل عن حياة يسوع المسيح ورحلاته و نشاطه التبشيري ودعوته الى ملكوت الرب ومملكة السماء ولا تذكر أنه المسيح كان يؤمن بأنه هو الإله. كما أن بولس لم يشاهد يسوع المسيح لكنه عاصر التلاميذ الحواريين الإثني عشر وكان بينه وبينهم خلافات حادة موضوعها مسائل مثل الختان وهل دخول الجنة يكون بالإيمان أو العمل أم بكليهما وليس سبب الخلاف كان النقاش حول الألوهية.

المصدر الأخر الذي يمكن الإستعانة به هو الأناجيل الأربعة وهي أفضل مصدر تاريخي يمكن أن نحصل عليه لأنه الأقدم الذي تحدث عن حياة يسوع المسيح وتفاصيل دعوته التبشيرية ومعجزاته. ولكن على الرغم من ذلك, هناك عدة مشكلات تتعلق بالأناجيل تعترض طريقنا. 

المشكلة الأولى هي أنَّ مؤلفي الأناجيل ليسوا شهود عيان على الأحداث لأنهم جميعهم تركوا المسيح وهربوا عند القبض عليه في بستان جثسيماني (متى ٥٦:٢٦) و (مرقس ٥٠:١٤) وكانوا خائفين ومختبئين في العِليَّة بعد هروبهم من البستان ولم يشهدوا على واقعة الصلب(يوحنا ١٩:٢٠). تلاميذ المسيح كانوا أميين أو بالكاد يعرفون القرائة والكتابة باللغة الآرامية و مؤلفي الأناجيل هم أشخاص من المتعلمين ولديهم معرفة باللغة والآداب اليونانية.

المشكلة الثانية ان تاريخ كتابة الأناجيل يعود الى عدة عقود بعد وفاة يسوع المسيح. إنجيل مرقس كتب سنة (٦٥ ب.م - ٧٠ ب.م), متى و لوقا (٨٠ ب.م - ٨٥ ب.م), يوحنا (٩٠ ب.م - ٩٥ ب.م) وتلك فترة زمنية طويلة قد تؤثر على المصداقية وعلى سلامة النص المكتوب. ولكن هناك آراء أخرى ترى من وجهة نظرها أن إنجيل متى هو أقدم الأناجيل وتلك آراء من أشخاص خبراء في اللغة العبرية واليونانية القديمة ولهم وزنهم العلمي والبحثي.

المؤلفون المفترضين للأناجيل لم يكونوا شهود عيان على الوقائع التي كتبوا عنها, يتحدثون اللغة اليونانية وليس الآرامية الشائعة في فلسطين حيث ينتشر الجهل والأمِّيَة وبالتالي من أين حصلوا على الأخبار والحوادث التي كتبوا عنها؟

إن الإجابة على السؤال عنوان الموضوع في هذه الفقرة وهو أنَّ تلاميذ المسيح كانوا يبشرون وينشرون الأخبار عنه من خلال رواية القصص والحكايات عن حياته ومعجزاته وعلى وجه الخصوص قيامة المسيح من الموت وهي مركزية وفي غاية الأهمية في العقيدة المسيحية وأهم معجزة من معجزات يسوع المسيح. ولو أننا أخذنا في إعتبارنا الظروف التاريخية والدينية العامة في فلسطين وفي البلدان التي بشَّر فيها التلاميذ وتلاميذهم حيث كانت الأخبار عن أنبياء أخرين ومعجزاتهم منتشرة, فقد برزت الحاجة الى الإيمان بالمسيح الإله وقيامته من الأموات وأنَّ من يؤمن بذلك سوف ينال الحياة الأبدية ويدخل ملكوت المسيح ومملكة السماء. وقد كان ذلك كما ذكرت من أنَّ يسوع المسيح لم يدعي الألوهية إلا في إنجيل يوحنا وليس في الأناجيل الإزائية الثلاثة أو رسائل بولس.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment