Flag Counter

Flag Counter

Friday, May 12, 2023

الخالدون في الإمبراطورية الرومانية, الفيلسوف أبولينوس ويسوع المسيح

كنت قد تحدَّثت في عِدَّة مواضيع سابقة عن تاريخ المسيحية والكتاب المقدس وأن الأناجيل الأربعة قام بتأليفها أشخاص مجهولون وأنَّ النسخ الأصلية للمخطوطات مفقودة وأن هناك الكثير من التناقضات و وجهات النظر المختلفة في الكتاب المقدس خصوصا العهد الجديد. كما تحدَّثتُ في أحد المواضيع عن المسيح الإله وهل كان هو نفسه يؤمن بذلك أو يعتقد أنه الإله أو إبن الله.

هناك أمر مهم عند قرائتنا للأحداث التاريخية حيث يتم إصدار الأحكام بدون الرجوع الى الظروف والبيئة في الفترة الزمنية التي وقعت فيها تلك الأحداث. إن ظهور المسيح الإله والتحول في شخصيته من يسوع(النجار) الى يسوع(المسيح) الى المسيح(الرب) لم يكن أمرا مستغربا خلال تلك الفترة الزمنية حيث كانت  عبادة القديسين(البشر الآلهة) أمرا اعتياديا.

هناك على سبيل المثال الفيلسوف بليناس الحكيم من بلدة (Tyana) والذي كان هو نفسه يعبد عدة آلهة رومانية بينما أتباعه يعتبرونه خالداً(Immortal). أحد أتباعه المخلصين قام بتأليف كتاب(Life of Apollonius of Tyana) من ثمانية أجزاء عن أبولينوس وذلك خلال القرن الثالث الميلادي(220-230) حيث روى قصصا عن معلمه نقلا عن شهود عيان وتلاميذ مرافقين له. بليناس الحكيم الذي عاش في بقعة أخرى بعيدة جغرافيا عن المكان الذي ولد وعاش فيه المسيح ربما كانت من وجهة نظر أتباع المسيح أنَّ بليناس الحكيم كان منافسا محتملا من خلال الروايات والقصص عن معجزاته التي كان يرويها أتباعه.

هناك تطابق مدهش بين سيرة حياة يسوع المسيح و بليناس الحكيم حيث زار مبعوث سماوي والدة بليناس قبل أن تلده وأخبرها أنَّ إبنها سوف يكون الإله الخالد الي لايموت. ولادة بليناس الحكيم لم تمر هكذا بدون معجزات سماوية كما روى أحد أتباعه نقلا عن تلاميذه وشهود عيان. وعندما أصبح شخصا بالغا, بدأ رحلته التبشيرية من قرية الى قرية يدعو الى التخلي عن الحياة الأرضية المادية والعمل من أجل الحياة الروحية والأبدية. وقد بدأ مع مرور الوقت تزايد أتباع بليناس الحكيم الذي أصبح يعتقد أنه إله(الرب) وأصبح يقوم بعمل المعجزات مثل شفاء المرضى والمصابين بالعمى والشلل وإخراج الشياطين وإقامة الأموات.

وحتى نرى مدى التطابق بين سيرة حياة المسيح و بليناس الحكيم, فقد قبضت عليه السلطات الرومانية بعد أن أثار شكوكها وصدر عليه الحكم بالإعدام(بليناس الحكيم). ولكنه أخبرهم خلال محاكمته أنهم قادرين على قتل الجسد وليس الروح ومن ثم صعد الى السماء(بليناس الحكيم) ولاحقا ظهر على الأقل لأحد اتباعه والذي نقل ذلك الحدث الهام لأتباع أخرين الذي قاموا بتأليف الكتب عنه(بليناس الحكيم). إن التطابق كان واضحا حتى في قصة ميلاد بليناس التي تتشابه في تفاصيلها مع قصة ميلاد المسيح في إنجيل لوقا حيث ظهر  أحد آلهة المصريين القدماء (Proteus) وأخبر والدة بليناس خلال حملها أن إبنها وأخبرها أن ابنها هو الإله نفسه(Myself) وأن عليها أن تذهب الى حقل مع خادماتها حيث إستيقظت هناك على أصوات أجنحة البجع تحلق حولها وحيث ولدت أبولينوس.

إنَّ التشابه بين سيرة حياة بليناس والمسيح يكاد يكون متطابقا مع إختلاف في الفترة الزمنية التي عاش فيها كليهما, بليناس عاش خلال النصف الثاني من القرن الأول ميلادي بينما يسوع المسيح خلال النصف الأول من القرن الأول الميلادي. بليناس كان ينتقل من قرية الى قرية يلتقي المسؤولين الرومان ويلقي الخطب في المعابد الرومانية حيث يقيم خلال رحلاته. كما أنه كان لديه عدد من التلاميذ المقربين والأتباع من بينهم شخصيات رفيعة وموظفين حكوميين في الدولة الرومانية. إن فلسفة بليناس قادت أتباعه الى استنتاج أنه ليس مجرد شخص خالد لا يموت بل هو الإله نفسه. الإمبراطور الروماني كاراكلا بنى له معبدا مقدسا في بلدته (Tyana) بينما احتفظ الإمبراطور سيفيروس ألكسندر بأيقونة بليناس بين أيقونات الآلهة التي يحتفظ بها في منزله. أما الإمبراطور أوريليان الذي كان يعبد إله الشمس, فقد كان يوقِّرُ بليناس الحكيم ويعظمه بوصفه خالداً لايموت.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment