Flag Counter

Flag Counter

Thursday, March 4, 2021

أسباب سقوط الإمبراطورية العثمانية

رسمت معاهدة لوزان التي تم توقيعها بتاريخ 24/يوليو/1923 بين تركيا ومجموعة من الدول الأوروبية بينها فرنسا,الإمبراطورية البريطانية,اليابان وإيطاليا نهاية الإمبراطورية العثمانية حيث قام مصطفى كمال أتاتورك بتاريخ 3/مارس/1924 بإلغاء الخلافة رسميا وبدء مرحلة الدولة القومية. وغالبا ما يتم إلقاء اللوم في تفكك وانهيار الإمبراطورية العثمانية على جمعية الإتحاد والترقي تارة والعرب تارة أخرى بأنهم تحالفوا مع الإنجليز وخانوا دولة الخلافة. والحقيقة التي لا يرغب أنصار الخلافة العثمانية خصوصا من المنتسبين الى حزب التحرير المحظور وحزب الإخوان المسلمين أن هناك عوامل وأحداث قد جرت قبل ظهور جمعية الإتحاد والترقي وأي نزعات انفصالية بفترة زمنية طويلة.

أول تلك العوامل وذلك رأي شخصي أن النزعة العثمانية قد كانت طاغية في البلاد التي دخلها العثمانيون ومنها بلدان عربية مثل مصر وبالتالي لم يهتم العثمانيون بترسيخ أركان دولة ثابتة في البلدان التي سيطروا عليها. فقد كانت غايتهم جمع الجزية والأموال والغنائم وأن تقام شعائر الولاء للخليفة العثماني وينادي به من على المنابر حتى لو كان ذلك اسميا. العثمانيون لم يهتموا بالاستيطان في تلك البلدان بل احتفظوا بحاميات فيها من أجل قمع أي تمرد والإشراف على جميع الضرائب والجزية. وحتى أقوم بتبسيط المسألة, لم يهتموا بإحداث أي تغيير ديموغرافي حقيقي في تلك البلدان التي كانت تحت سيطرتهم.

ثاني تلك العوامل أن العثمانيين لم يسيروا سيرة العدل في أهل البلدان التي كانت تحت سيطرتهم مما أدى الى تمرد الأهالي حيث كانت حركات التمرد في الغالب مدعومة من قوى أوروبية ترغب في الثأر من الدولة العثمانية وتفكيكها. فقد قام العثمانيون بجمع العمال المهرة وكل أصحاب الحرف ونقلوهم كرها عنهم الى إسطنبول ومدن أخرى فيما يعرف اليوم (تركيا) مما أدى الى تدهور الأحوال المعيشية وانحطاط الفنون والآداب والعلوم في مناطق أوروبا والدول العربية حيث حكم العثمانيون.

ثالث تلك العوامل أن العثمانيين لم يهتموا بأي تنمية حقيقة في الدول التي سيطروا عليها مثل بناء المدارس والمستشفيات والجامعات ومشاريع البنية التحتية مما أدى الى تدهور الأحوال المعيشية في تلك البلدان. وزاد الطيب بِلَّة أن العثمانيين فرضوا التجنيد الإجباري على أهالي البلدان التي تحت حكمهم وكانوا يقومون بمصادرة المحاصيل خلال أوقات الحروب من أجل إرسالها الجيوش العثمانية في جبهات القتال المختلفة مما أدى الى إنتشار المجاعات وتعطيل الحياة الإقتصادية والإجتماعية بسبب حملات التجنيد التي كانت لا ترحم أحدا. وكما هو معلوم فإن أغلب العاملين في الحقول ومهنة الزراعة كانوا من الرجال مما أدى الى نقص المحاصيل وإنتشار الجوع. 

رابع تلك العوامل أن العثمانيين قد حاربوا اللغات المحلية والعادات والتقاليد والأديان في البلدان التي كانت تحت سيطرتهم خصوصا في البلدان العربية حيث حاربوا الكتاتيب وفرضوا اللغة التركية. حتى في الوطن العربي ارتكبوا مجازر طائفية وفي أوروبا قتلوا مئات الآلاف من الأرمن واليونانيين والبلغار وغيرهم من القوميات والعرقيات. وقد كان العثمانيون يتفاخرون بقطع رؤوس خصومهم أو إستخدام العقاب بالخازوق من أجل عقاب المتمردين.

خامس تلك العوامل يتمثل في الجيوش المغولية التي اكتسحت العالم  بداية من جنكيز خان وهولاكو وتيمورلنك الذي نجح في هزيمة السلطان العثماني بايزيد الصاعقة وأسره في معركة أنقرة مما أدى الى مرحلة من الضعف والتمزق مرت بها الإمبراطورية العثمانية بعد وسَّعت سيطرتها خلال عهد بايزيد الأول الملقَّب (الصاعقة)

سادس تلك العوامل أن التوسعات العثمانية في أوروبا قد فقدت زخمها مع فشل سليمان القانوني في حصار فيينا سنة 1529 ومحمد الرابع في حصار فيينا الثاني سنة 1638. إن معركة موهاكس سنة 1526 كانت أخر إنتصار مهم ومؤثر حققه العثمانيون في أوروبا. إن تلك التوسعات قد فقدت زخمها بسبب بعد المسافة عن مركز التموين والإمداد وعدم اهتمام السلاطين العثمانيين بتأسيس أي تواجد عسكري فعال على طول الطريق من اسطنبول الى فيينا مثل قلاع محصنة تعتبر مراكز تموين وإمداد أو مدن جديدة محصنة بأسوار منيعة. فقد كانوا يكتفون بهزيمة عسكرية لقوات خصومهم وتوقيع اتفاقية تفرض فيها الجزية وهي إتفاقيات غالبا ما يقوم الحكام المحليون بخرقها.

سابع تلك العوامل  أن سليمان القانوني تخلى عن حنكته المعهودة خلال حملة فيينا الأولى ولم يقم بتوجيه ضربة قاضية الى الدولة الصفوية قبل إرسال قواته الى حملة فيينا مما أدى الى تركه ساحته الخلفية مكشوفة حيث شنت الجيوش الصفوية حملات عسكرية على العراق ونجحت في السيطرة على بغداد مما أجبره على سحب قواته من فيينا من أجل تحصين الأناضول من أي محاولة غزو صفوي محتملة.

ثامن تلك العوامل وآخرها والذي يرفض الكثير من المؤرخين وأنصار الخلافة العثمانية الاعتراف به هو الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبه محمد الفاتح وسليمان القانوني في توجيه جهودهم نحو القسطنطينية وأوروبا بدلا من التركيز على هدف واحد وهو غزو إيطاليا وإسقاط الفاتيكان والذي لو نجح أحدهم في القيام به لكان ذلك يعني سقوط أوروبا بأكملها بأيديهم. ولقد كان ذلك من الممكن عبر حملة بحرية تنطلق من اليونان وبرية تنطلق عبر البلقان وصولا الى إيطاليا.

إن جميع تلك الأحداث والعوامل قد جرت قبل وقت طويل من ظهور جمعية الإتحاد والترقي أو من تمرد العرب فيما عرف (الثورة العربية الكبرى). العثمانيون وبدلا من استمالة أهالي البلدان العربية بأن تترك لهم بلدانهم حتى يحكموها في مقابل تحالف عسكري مع الإمبراطورية العثمانية, فقد تم إرسال قوات عثمانية للسيطرة على بلدان يدين أغلبية أهلها بالإسلام مثل مصر وسوريا ودخلتها الجيوش العثمانية دخول الفاتحين للبلدان الأوروبية. ولم يوقف تلك الجحافل العثمانية إلا قوات السعديين حكام المغرب بقيادة عبدالله غالب وذلك في معركة وادي اللبن سنة 1558 حيث كانت قوات العثمانيين بقيادة حسن باشا ابن خير الدين بربروسا. إن تخلي سليمان القانوني عن فتوحاته الأوروبية وقيامه بالتوجه بدلا منها الى دول المغرب العربي قد أدى الى إضعاف السعديين في مواجهة البرتغاليين والإسبان وسقوط المغرب العربي بعد أن سقطت الأندلس سنة 1491م وذلك بسقوط غرناطة معقل دولة بني الأحمر.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية



No comments:

Post a Comment