Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, March 30, 2021

القارة الأفريقية السمراء, فقر ومجاعة وثروات طبيعية

"في السياسة, ليس هناك عدو دائم أو صديق دائم, هناك مصالح دائمة"

ونستون تشرشل

أفريقيا هي القارة المظلومة وهي دليل حي على فشل جميع المؤسسات والمنظمات والهيئات الدولية في حل المشاكل التي تعاني منها القارة السمراء. إن أفريقيا هي أكثر قارات العالم ثراء ولكن المواطنين الأفريقيين هم الأكثر فقرا. الحروب الأهلية, والمجاعات والأمراض هي أمثلة على بعض المشاكل المزمنة التي تعاني منها أفريقيا. عدد سكان القارة الأفريقية يعتبر 13% من عدد سكان العالم ولكن 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. نيجيريا وهي بلد نفطي يعاني سكانه من الفقر المدقع حيث يعيش 43% من النيجيريين على 1.25(دولار وربع) يوميا. بينما تبلغ تلك النسبة في زامبيا 75%, الكونجو 88% مقارنة مع 33% من سكان الهند, 12% من سكان الصين و0.7% من سكان المكسيك. إن تلك الحقائق الصادمة سوف تزيد القارئ دهشة حين يعلم أن 15% من احتياطيات النفط العالمية تقع في بلدان أفريقية, 40% من الذهب و80% من البلاتينيوم بالإضافة الى المعادن الأخرى مثل الكوبالت والنحاس والأحجار الكريمة مثل الألماس.

في سنة 2010, بلغت صادرات النفط والثروات المعدنية من دول القارة الأفريقية 330 مليار دولار وهي تقديرات متفائلة لأنها لم تأخذ بعين الإعتبار تكلفة الفساد المستشري هي تنتشر الرشوة والمحسوبية. إن ذلك المبلغ من الثروات المنهوبة يعادل سبعة أضعاف حجم المساعدات التي تم تقديمها الى دول القارة خلال نفس السنة. إن ملف المساعدات التي يتم تقديمها الى دول أفريقية ليست عبارة إلا عن فتات من الأموال التي تبتلعها الشركات الأجنبية العابرة للقارات. خلال الفترة التي سبقت الأزمة الاقتصادية العالمية 2008, ارتفع سعر الأونصة* من معدن البلاتينيوم من 470$ خلال حقبة التسعينيات الى 1500$, سعر النحاس من 2600$ الى 6500$ للطن الواحد, برميل النفط من 22$ الى 147$ ولكن المستفيد هو الشركات الأجنبية التي تمتلك امتيازات التنقيب والتعدين وتحقق الأرباح الضخمة ومعها حفنة من المسؤولين المحليين الفاسدين.

النيجر وهي دولة أفريقية لديها حدود مشتركة مع سبعة دول أفريقية أخرى منها مالي حيث تعبث فرنسا بأمن المنطقة بإسم الحرب على الإرهاب وحيث شن جهاديون مزعومين هجمات دموية. مالي هي دولة أفريقية أخرى كانت يوما ما موطن مملكة مسلمة مزدهرة حكمها منسا موسى الذي يعتبر الرجل الأغنى على وجه الأرض بفضل مناجم الذهب حيث يقال أن الأموال التي أنفقها في رحلة الحج الى الأماكن المقدسة كانت السبب في تضخم استمر لسنين في المناطق التي مرَّ بها. نيجيريا تعتبر من أغنى دول أفريقيا بالنفط ولكن الصورة النمطية التي صنعها الإعلام الغربي عن النيجريين أنهم يحترفون فنون النصب والإحتيال وأنهم غير جديرين بالثقة. هناك مكان مميز في نيجيريا يطلقون عليه إسم فينيس أو ماكوكو(المدينة العائمة) وهي أحد ضواحي العاصمة لاجوس حيث يعيش أكثر من 200 ألف شخص بدون أدنى مقومات الحياة أو البنية التحتية, لا مياه جارية أو كهرباء أو مستشفيات. جنوب أفريقيا وهي أحد أكبر وأقوى الدول الأفريقية تعاني من الفقر, نسبة الجريمة المرتفعة, بنية تحتية ضعيفة للغاية ونقص في الخدمات الأساسية.

إن الدول الأفريقية لم تستقل فعليا حيث بقيت الشركات الغربية مسيطرة على كافة مفاصل الإقتصاد. حتى في جنوب أفريقيا, رحل الاستعمار العسكري وحل محله استعمار اقتصادي أبشع وأكثر استغلالا حيث لا يتوانى عن الدفاع عن مصالحه. الإستقلال الذي ناله نيلسون مانديلا كان شكليا حيث خضع في النهاية الى شروط النخبة المالية و الأوليغارشية الإقتصادية مقابل إنهاء نظام الفصل العنصري. في الكونغو, تعرض الشعب الى الإبادة من الاستعمار البلجيكي حيث توفي ما لا يقل عن عشرة ملايين شخص. وفي مرحلة تاريخية لاحقة, دبرت بلجيكا إغتيال الزعيم الوطني ورئيس الوزراء باتريس لومومبا الذي كان يعارض المصالح الاقتصادية البلجيكية في الكونغو. ولكن باتريس لومومبا ليس أول ضحية ولكن يكون آخر ضحية للعبث الإستعماري الغربي في القارة السمراء. فقد أطاحت فرنسا بالتعاون مع قادة في الجيش بزعيم بوركينا فاسو توماس سنكارا المعروف بلقب تشي غيفارا أفريقيا الذي حقق نقلة نوعية في بلده من المجاعة الى الإكتفاء الذاتي بل وتصدير القمح والقطن. أهالي النيجر يعانون من إنعدام البنية التحتية والخدمات خصوصا الكهرباء بينما تضيء المفاعلات النووية الفرنسية التي يتم تشغيلها بواسطة اليورانيوم المستخرج من مناجم النيجر منازل الفرنسيين. الماس المستخرج من سيراليون هو مصدر التمويل الرئيسي للحرب الأهلية.

ولكن في وسط كل ذلك هناك معجزات تنموية في دول إفريقية عانت من الفساد والحروب الأهلية مثل رواندا التي أثبتت أنه كلمة المستحيل غير موجودة في قاموسها. رواندا التي برز إسمها مؤخرا بسبب ظهور دراسات ووثائق عن مساهمة فرنسا في إرتكاب المجازر وحماية المجرمين خلال حقبة الحرب الأهلية. العاصمة كيغالي تعتبر من أنظف العواصم الأفريقية وأكثرها أمنا حيث السياحة تعتبر مصدرا مهما من مصادر الدخل القومي. بوتسوانا نجحت في الانتقال من ناتج محلي إجمالي للفرد الى تحقيق نسبة نمو سنوية تبلغ 9% حيث مستوى معيشة المواطن يماثل دول مثل المكسيك حيث تعتبر بوتسوانا رابع دولة أفريقية في تعادل القوة الشرائية للدخل القومي وأقل الدول الأفريقية فسادا بل أقل في مؤشرات الفساد من دول مثل اليونان, وإسبانيا وإيطاليا. كما تعتبر بوتسوانا مركزا رئيسيا لتجارة الألماس حيث يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للفرد أكثر من 15 ألف دولار وحيث تتصدر قائمة من عشرة دول أفريقية في التنمية متفوقة على المغرب والجزائر ورواندا.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية




No comments:

Post a Comment