Flag Counter

Flag Counter

Thursday, March 25, 2021

عن كرة القدم, السياسة وحقوق الإنسان

إن الجدال حول المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في سوريا هو جدل سفسطائي لايمكن من خلاله الوصول الى إجابة حاسمة. الأسلحة الكيميائية وحقوق الإنسان ليست إلا مجرد شماعات أو أدوات في أيدي الدول الغربية حتى تبتز بها الدول المارقة والتي يمكن تعريفها أنها الدول التي تعارض سياسات ومصالح الدول الغربية. الدول المارقة أو محور الشر هي دول مغضوب عليها أمريكيا لأنها إما تمتلك أسلحة دمار شامل أو إقتصادها مغلق على الشركات الغربية أو البنوك والصناعة النفطية فيها مؤممة. السياسة عبارة عن لعبة مصالح وترامب أعلنها صراحة أنه يريد حصته من النفط السوري. إن الرئيس السابق لم يكن يبحث عن النفط بالمعنى الحرفي للكلمة ولكنه كان يبحث عن موطئ قدم. هل تذكرون فيلم "300"؟ الملك الفارسي طلب من ليونايدس ملك إسبرطة بعضا من التراب والماء رمزا للخضوع.

خلال بطولة كأس العالم المقامة سنة 1978 في الأرجنتين والتي فازت فيها الأخيرة, إستخدمت البطولة أداة سياسة بمعرفة الفيفا وموافقتها. الأرجنتين التي كانت تحت الحكم العسكري تلقت معاملة تفضيلية حيث كانت تلعب مبارياتها ليلا بعد معرفة نتائج الفرق الأخرى وفازت في النهاية بالكأس بعد إتهامات بالفساد ودفع الرشاوي للفرق الأخرى. ديكتاتور تشيلي أوغستو بينوشيه وصل الى الحكم عبر إنقلاب عسكري دموي حيث إختفى عشرات الآلاف من المواطنين ولم يعرف مصيرهم حتى يومنا هذا ورغم ذلك قامت الولايات المتحدة بحمايته حتى وفاته. اللجنة العسكرية في الأرجنتين لم تكن بأفضل حالا حيث كانت مسؤولة عن إختفاء عدد يقدر بثلاثين ألف شخص وهي مأساة جسدها النجم المبدع أنطونيو بانديراس في فيلم "Imagining Argentina". بطولة 2022 التي من المقرر إقامتها في قطر تم شرائها وتفجرت عدة فضائح دفع رشاوي حيث تحولت الفيفا الى أكثر المنظمات الرياضية فسادا. وعلينا أن لا ننسى تملق حكام قطر الى اللوبي الصهيوني خلال منافسات التصويت والدعاية التي قدمتها قطر دفاعا عن موقفها في استضافة البطولة.

ولكن هناك حلفاء تخلت عنهم الولايات المتحدة وتركتهم الى مصيرهم رغم إخلاصهم إلا أنهم ارتكبوا هفوات لم تغفرها الإدارة الأمريكية. ولعل أشهرهم الشاه محمد رضا بهلوي الذي وقَّعَ إتفاقية شط العرب مع العراق سنة 1975 بدلا من أن يعلن الحرب حيث كان البلدان يعانيان من المشكلة الكردية. كما أن شاه إيران كان على وشك إتخاذ خطوة بتأميم الصناعة النفطية في إيران بعد أن رفضت الشركات الأمريكية والبريطانية زيادة نصيب الحكومة الإيرانية من عائدات النفط. الرئيس السوداني السابق جعفر النميري تم رفض طلبه اللجوء السياسي في الولايات المتحدة رغم دوره الكبير في ترحيل يهود الفلاشا الى دولة الكيان الصهيوني ودفن النفايات النووية الأمريكية في أراضي السودان. ولا ننسى الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف الذي تخلت عنه الولايات المتحدة رغم أنه قام بتحويل باكستان الى حديقة خلفية للولايات المتحدة بإسم الحرب على الإرهاب.

إما قضية الأسلحة الكيميائية وأسلحة الدمار الشامل فهي أكثر من مضحكة. خلال الحرب العراقية-الإيرانية, باعت دول غربية منها الولايات المتحدة وفرنسا أسلحة كيميائية الى الجيش العراقي الذي لم يتوانى عن إستخدامها ضد الجيش الإيراني ويشاع على نطاق واسع أنه إستخدمها ضد الأكراد. ولاحقا, فرضت الأمم المتحدة مدفوعة بالإرادة الأمريكية على العراق الحصار وقام بتجويع شعبه وقصف البنية التحتية من جسور ومنشآت بذريعة أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل. وقد حاولت الولايات المتحدة أن تستخدم ذريعة أسلحة الدمار الشامل ضد سوريا ولكن محاولاتها بائت بالفشل. دولة الكيان الصهيوني ودول أخرى مثل الهند وباكستان تمتلك السلاح النووي ودول غربية مثل الولايات المتحدة أيضا تمتلك كافة أنواع أسلحة الدمار الشامل. ولعل السبب الذي جعل القوى الغربية تمتنع عن شن هجوم عسكري على كوريا الشمالية هو امتلاكها أسلحة الدمار الشامل.

بريطانيا تقدمت مؤخرا بمشروع ضد سوريا في الأمم المتحدة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وهو مشروع قرار فاشل مسبقا بسبب الفيتو الروسي والصيني وذلك أمر جيد. إن روسيا والصين تدركان المثل القائل:"أكلت يوم أكل الثور الأبيض" ولا تثق الدولتان في الوعود الغربية حيث هناك مخططات غربية من أجل تفتيت الدولتين وتقسيمها بإستخدام جماعات الإسلام السياسي التي تقاتل في سوريا والتي ينتمي الكثير من أفرادها الى الصين وروسيا. إستخدام الأقليات المسلمة في الدول المارقة هو أمر ليس بجديد وهو فكرة قديمة منذ أيام الاحتلال الإنجليزي في مصر. الدول الغربية إنتهكت ومازالت تنتهك حقوق الإنسان خصوصا في مستعمراتها السابقة. إن ذكريات الحرب الأمريكية على فيتنام في السبعينيات والتدخل في أمريكا اللاتينية خلال الثمانينيات مازالت حاضرة في الذاكرة. ومن ثم التدخل في العراق وفضيحة السجون والمعتقلات الأمريكية خصوصا أبو غريب. صبي أمريكا المدلل وخادمها الأوروبي المطيع قمع بقوة الإيرلنديين وضرب بعرض الحائط قوانين حقوق الإنسان واستخدم القوة القاتلة والجيش ولعب على وتر الخلافات الدينية بين الكاثوليك والبروتستانت من أجل تعزيز مواقفه والسيطرة على إيرلندا.

لماذا يقبل العرب أن يحاضرهم الغربيون عن حقوق الإنسان ولا يجرؤون على الانتقاد وتوجيه أصابع الإتهام الى الجهات المسؤولة عن انتهاك حقوق الإنسان على مستوى عالمي؟ الولايات المتحدة تستهدف حتى حلفائها مثل السعودية وتبتزهم بإسم حقوق الإنسان. الصحف الأمريكي التي انتقدت مقتل جمال خاشقجي ذاكرتها مثل ذاكرة الأسماك نسيت أو تناست أن الحكومة الأمريكية إغتالت مواطنين أمريكيين بدون محاكمة وصحفيين تجرأ بعضهم على تخطي الخطوط الحمراء ونشر قصص يندى لها الجبين عن متاجرة الحكومة الأمريكية بالمخدرات من أجل تمويل صندوق أسود يتم الإنفاق من خلاله عن عمليات التدخل في أمريكا اللاتينية. لماذا يتجرأ إعلاميون وصحفيون سعوديون وقطريون على سوريا بينما لم يرد على سبيل المثال إعلامي قطري على الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حيث سخر من قطر وأميرها. أين كانت محطة الجزيرة ولم لم ترد على أوباما؟

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment