Flag Counter

Flag Counter

Thursday, March 18, 2021

الربيع العربي في سوريا, حرب إعلامية, إغتصاب وأسلحة كيميائية

ذكرت المؤرخة الألمانية ميريام غيرهارد في كتابها "عندما أتى الجنود" أن قوات الحلفاء قاموا بإغتصاب أكثر من 2 مليون امرأة ألمانية بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الثانية ودخولهم الى برلين. والحقيقة أن الصورة على أرض الواقع تثير الدهشة, الجنود الألمان قاموا أيضا بإغتصاب عدد كبير من النساء خلال الحملة العسكرية بارباروسا وحتى القوات الأمريكية والبريطانية إغتصبت النساء الأوروبيات خصوصا الفرنسيات خلال معارك تحرير أوروبا والتي بدأ مع عملية الإنزال في النورماندي. كل شخص يروي التاريخ من وجهة نظره.

خلال الحملة الإعلامية المسعورة التي قادتها قناة الجزيرة ضد الرئيس الليبي معمر القذافي فقد كان من المناسب توصيف قوات الجيش الليبي الوطني بأنها ميليشيات وأنها تقوم بإغتصاب النساء الليبيات. إن إستخدام مصطلح ميليشيات يهدف الى الإيحاء بأن الجيش الليبي ليس إلا عبارة عن عصابات تقوم بالإعتداء على المواطنين المسالمين وتغتصب النساء وبالتالي يتوجب التدخل من أجل حماية المدنيين. كما أن قضية العرض والشرف تعتبر مهمة في الثقافة العربية وقد تم إستغلال ذلك ببراعة عندما تم الإستعانة بإمرأة هي إيمان العبيدي زعمت أنه ميليشيات القذافي إغتصبتها جماعيا. وقد تبين فيما بعد أن إيمان العبيدي كانت إمرأة سيئة السمعة وأن ماقامت به تم الترتيب له مسبقا من أجل إعطاء زخم إعلامي للحملة العسكرية التي تستهدف إسقاط الرئيس الليبي معمر القذافي وأن إعلان خطبتها المزعومة في مدينة طبرق لم يكن إلا مهرجان دعائي حيث تم منحها اللجوء السياسي في واشنطن وتعيش في ظروف صعبة أشبه بالمتسولين والمشردين.

إن كلاب الحراسة من الإعلاميين الذين يضمنون حرية الرأي الناتوية ويصونونها ويحرسونها من الدخلاء ممن يحاولون النبش في ركام الأكاذيب سوف يوجهون تهمة إعتناق نظرية المؤامرة لأي شخص يشكِّكُ بوجهة نظرهم أن القذافي شرير ودموي وأن الجيش الليبي ليس عبارة إلا عن ميليشيات تعتدي على المواطنين وتغتصب النساء وأن الثوار الليبيين سلميين وغير مسلحين ولا ينتمون الى تنظيم القاعدة. 

أساليب البروباغندا التي تم استنساخها في مناسبات سابقة أمر ليس بجديد ونشر المزاعم الكاذبة عن الخصوم يعتبر من أعمال الدعاية الإيجابية في عرف الناتو-أطلسي. خلال الفترة التي تلت الغزو العراقي دولة الكويت, تبين أن الفتاة الكويتية ذات الخمسة عشرة ربيعا والتي شهدت أمام لجنة حقوق الإنسان في الكونغرس ليست إلا نيرا ناصر آل صباح والدها هو سفير الكويت في واشنطن. نيرة التي زعمت أنها كانت تعمل متطوعة في أحد المستشفيات خلال الغزو العراقي شهدت بأن الجنود العراقيين سرقوا حضانات الأطفال بعد أن فصلوا أنابيب الأكسجين وتركوا الرضع يموتون على الأرض الباردة. مع العلم أن تلك هي نفس الرواية التي روَّجَ لها الإعلام الأمريكي خلال الحرب العالمية الأولى من أجل التمهيد أمام الرأي العام دخول القوات الأمريكية الحرب, القوات الألمانية التي دخلت بلجيكا كانت تقتحم المستشفيات وتلقي بالأطفال الرضع على الأرض بقسوة وتقوم بسرقة الحضانات.

النساء والأطفال أمر يتم إستخدامه من أجل إثارة التعاطف الكاذب في حملات إعلامية تتوفر على جميع عناصر الكذب والتضليل من أجل التمهيد للتدخل العسكري ضد الدول المارقة أو دول محور الشر مثل إيران, سوريا وكوريا الشمالية وهي دول لديها عامل مشترك, صناعتها النفطية مؤممة أو نظامها المصرفي غير مرتبط بشبكة البنوك المركزية الخاصة التي تتبع بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي وكبار مصارف وول ستريت. خلال بداية الأحداث في سوريا فقد تم إصدار بيان الحليب وتم توقيعه من مجموعة من الفنانين منهم منى واصف, يارا شربتجي, كندا علوش ويارا صبري حيث زعم البيان أن القوات الحكومية السورية تحاصر درعا وأن ذلك تسبب في نقص المواد التموينية خصوصا حليب الأطفال. ولكن الموقعين على بيان الحليب انتقائيين تجاهلوا حصار أطفال حلب من قوات المعارضة السورية وعن القذائف التي كانت تستهدف المدنيين في دمشق وعن حصار قوات المعارضة قرى نبل والزهراء في ريف حلب وكفريا والفوعة في ريف إدلب حيث يعاني السكان من نقص المواد التموينية خصوصا حليب الأطفال والأدوية بينما كانت الموقعون على بيان حليب الأطفال يعيشون أزهى أيامهم الثورية في المطاعم الفاخرة وفنادق الخمسة نجوم.

وقد تم استخدام عدة مهرجانات إعلامية تستهدف سوريا منها المتعلق بإغتصاب النساء وقتل المدنيين خصوصا الأطفال وقضية الأسلحة الكيميائية. وفي تلك الأخيرة تم تصوير الضحايا من الأطفال وبعض النساء كأن الأسلحة الكيميائية التي يزعم المهرجون والببغاوات الإعلاميون أن الجيش السوري يستخدمها لا تقتل إلا تلك الفئات من الشعب السوري. إن تصوير الأطفال أنهم ضحايا الأسلحة الكيميائية يحقق هدفا مزدوجا, عصفوران بحجر واحد ويثير التعاطف بدون أي تحقيق في مصداقية الحدث ودوافعه والهوية الحقيقية للضحايا. إن جميع لجان التحقيق التي تم إرسالها من الجامعة العربية والأمم المتحدة قد فشلت في إيجاد دليل واحد يتمتع بأدنى قدر من المصداقية في أن الجيش السوري قد إستخدم تلك الأسلحة ضد المدنيين أو حتى العسكريين. مع العلم أن الجيش السوري لم يستخدمها ضد المسلحين في مناطق حيث لاتواجد مدني فيها مثل منطقة وادي اللجاة بالقرب من درعا حيث يتحصن فيها مسلحون يقطعون الطريق ويحاولون شن هجمات متفرقة هنا وهناك حيث تلاحقهم القوات الحكومية.

في كتاب داخل سوريا(Inside Syria) يحاول الصحفي الاستقصائي الأمريكي ريز إرليخ أن يناور في كتابه المؤلف من أحد عشرة فصلا وخاتمة حيث يملأ كتابة بالانتقادات ويتبنى وجهة النظر الناتو-أطلسية فيما يتعلق بالأحداث في سوريا بإستثناء الفصل السادس الذي كان بعنوان (Chemical Weapons, Military Offensives, and Stalemate) حيث يحاول على استحياء أن يقول أنه لا يوجد دليل قاطع على الجهة التي استخدمت الأسلحة الكيميائية في هجمات الغوطة الشرقية في دمشق وخان العسل في حلب. يحاول المناورة من أن يعترف صراحة أن الجيش السوري لم يستخدم الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين وحتى ضد المعارضة المسلحة. المثير للاستغراب أن جميع المواقع التي تحدثت عن الكتاب ووصفته بالتفصيل الممل قد تجاهلت ذلك الفصل حيث إختفت من تلك المواقع المواضيع التي تتحدث أن تشمل ذلك الجزء من الكتاب في إطار إستعراضها له. ولكن المثير للدهشة في الكتاب هو أن المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي والذي كتب تقديما أشاد فيه في الكتاب والكاتب قد أبدى استغرابه من عدم قيام جيش الإحتلال الصهيوني بتحريك قواته في الجولان المحتل حتى يخفِّفَ الضغط على المعارضة السورية الداعشية الناتوية المسلحة في أماكن أخرى حيث سوف يقوم الجيش السوري بسجب قوات من مناطق الإشتباك الى الجولان.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment