Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, March 24, 2021

الربيع السوري, صناعة الإعلام والتلاعب بالرأي العام

في كتابه "سوريا درب الآلام نحو الحرية" (ص 84 ملحق 6) يؤكد عزمي بشارة أن قضية أطفال درعا تم إستخدامها من أجل أغراض دعائية وسياسية تعبوية وأنه لم يثبت أنهم تعرضوا الى الحرق وقلع الأظافر. والحقيقة أن موقع البي بي سي الإخباري أكد أن رواية أطفال درعا كاذبة وأن المعارضة السورية لم تنشر دليلا واحد أو أسماء الأطفال أو صور تثبت تعرضهم الى التعذيب. ولكن المعارضة السورية في الوقت نفسه تحدثت بالتفصيل عن قضية حمزة الخطيب الذي قتل في درعا خلال مظاهرات في منطقة مساكن الضباط حاولت المعارضة المسلحة إستخدامها ستارا من أجل إقتحام المنطقة تنفيذا لفتاوي أحمد صياصنة خطيب الجامع العمري في درعا. المعارضة السورية قامت بإستغلال قضية حمزة الخطيب بنفس الأسلوب الذي قامت من خلاله المعارضة المصرية بإستخدام قضية خالد سعيد, نشروا صورة له بعد أن تشريح تشريح الجثة أصولا وزعموا تعرضه الى التعذيب وقطع عضوه الذكري. حتى أن صورة حمزة الخطيب التي تم إعتمادها له حين كان يبلغ عمره 12 أو 13 عاما حيث أخفت المعارضة حقيقة أن عمره الحقيقي 17 عاما وأن منزله يبعد عن مكان مقتله مسافة 70 كم.

قد ينتظر الشارع العربي أكثر من خمسين سنة حتى يتم الإفراج عن وثائق تلك الفترة من تاريخ سوريا حتى يكتشف رجل الشارع أو المواطن العادي كم هو مغفل وأحمق حيث يمكنه البدء في البكاء على الأطلال أو كما يقول البعض على اللبن المسكوب. الصورة النمطية التي حاولت وسائل الإعلام الرئيسية أن تغسل العقول بها هي أن الإعلام الحكومي في سوريا يفتقد الى المصداقية بينما إعلام المعارضة السورية "لا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه"(سورة فصلت 42) أحد الروايات الأكثر شيوعا خلال تلك الفترة أن قوات الأمن السورية إقتحمت الجامع العمري في درعا وقامت بالإعتداء على حرمة الجامع وعلى المصاحف. وقد تبين لاحقا أن الرواية الحكومية حول تحويل الجامع العمري الى مخزن سلاح ومستشفى ميداني هي رواية صحيحة تماما حيث كان هناك قناصة يطلقون النار من أسطحه على قوات الأمن. خلال لقاء تلفزيوني مباشر ضم المعارض السوري هيثم مناع وعراب التطبيع السعودي-الصهيوني الجنرال أنور عشقي, إعترف الأخير أن المعارضة السورية قد خالفت نصائحه وقامت بتخزين السلاح والذخائر في المسجد العمري الذي كان مركز عمليات أكثر منه مكانا للعبادة.

قنوات الإعلام العربي المتصهين وعلى رأسها الجزيرة القطرية والعربية السعودية قامت بأداء دورها بمهارة في شيطنة الحكومة السورية ومؤيديها. وقد تضمنت تلك الحملات الإعلامية شهوداً مزعومين يجلسون في بيوتهم بينما يتحدثون الى تلك القنوات عبر هواتف متصلة بالأقمار الصناعية ويستخدمون مؤثرات صوتية بينما يدلون بشهادات كاذبة. كما تضمنت الحملة الإعلامية مشاهد مفبركة لإعتداء رجال الأمن على المتظاهرين السلميين حيث تم تصوير بعضها في مصر حيث قبض الأمن المصري سنة 2016 على خلية إعلامية تتبع تنظيم الإخوان المسلمين وتقوم بتصوير فيديوهات في مدينة بورسعيد على أنها مجازر ضد المدنيين في مدينة حلب. إن ذلك قد تزامن ذلك مع تحقيق الجيش السوري تقدما نوعيا في عملياته العسكرية الهادفة الى تحرير المدينة. وسائل الإعلام العربية المتصهينة أطلقت هاشتاغ #أنقذوا_حلب حيث لم يتبقى صحفي أرزقي إلا ونشر مقالا أو تحدث عن الموضوع منهم الصحفي السعودي خلف الحربي في جريدة عكاظ(5,ديسمبر,2016) والذي تحدث عن القتلة القادمين من العراق, إيران, لبنان وأفغانستان ونسي أو لنقل تناسى الحديث عن القتلة الذين قدموا من السعودية والكويت والبحرين ونيجيريا وأكثر من 100 دولة عضو في الأمم المتحدة.

وعندما نتحدث عن وسائل الإعلام ودورها في صناعة الأزمات والتلاعب بالرأي العام, لا يسعنا إلا أن نستحضر أقوال وأراء الأمريكي إدوارد بيرني, مؤسس علم العلاقات العامة وأحد أقرباء عالم النفس الشهير سيغموند فرويد, حيث صرَّحَ في كتابه "بروباغندا بما يلي:"يعد التلاعب الواعي والذكي بأفكار وعادات الجماهير المنظمة من أهم عناصر المجتمع الديموقراطي، بحيث يكون هذا التلاعب بمثابة الحكومة غير المرئية، والتي تتشكل فيها السلطة الحقيقة للحكم." والسؤال الذي يطرح نفسه, هل هناك إعلام حر وشفاف؟ والإجابة هي (لا) حيث يعتقد البعض أن الإعلام الموجَّه هو أمر حديث الظهور. الإعلامي الأمريكي ورئيس تحرير صحيفة نيويورك تايمز(1860) جون سوينتون صرَّح بأنه ليس هناك صحافة حرة ومستقلة وأنه لايوجد صحفي يتجرأ على أن يكتب آرائه النزيهة وأن مهمة الصحفي هي تدمير الحقيقة وخدمة قوى المال وممارسة البغاء لصالح الأذكياء. وسائل الإعلام الرئيسية التي تتفاخر بإحكام الحصار على الشعب السوري عبر سياسة التجويع والعقوبات الإقتصادية تتجاهل الوسيلة التي وصلت من خلالها أطنان من الأسلحة الثقيلة والدبابات ومئات من سيارات الدفع الرباعي والشاحنات الجديدة خصوصا نوع تويوتا والتي وصلت الى المعارضة التكفيرية السورية من أماكن تبلغ في بعدها الولايات المتحدة.

إن صناعة الرأي العام والتلاعب بعواطف ووعي ومشاعر الجماهير هو عملية مستمرة من أجل دفع التهديدات التي تواجهها الحضارة الغربية أو الدفاع عن مصالح تلك الحضارة متمثلة في مصالح الولايات المتحدة وحلفائها خصوصا بريطانيا وفرنسا. إن عهد محاكم التفتيش لم ينتهي ولكنه يتخذ مسميات أخرى وصفات أخرى بإسم حماية الحقيقة وحرية التعبير وربما معاداة السامية أو نظرية المؤامرة وهي الكليشية الأكثر شيوعا التي يتم إلقائها ضد أي شخص يحاول البحث عن الحقيقة بين ركام من الأكاذيب والروايات الملفقة.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment