إنهيار الإتحاد السوفياتي نهاية تسعينيات القرن العشرين كان بمثابة إعلان نهاية الحرب الباردة, نهاية مرحلة وبداية مرحلة جديدة, إعادة كتابة التاريخ من النخبة الأوليغارشية من المصرفيين والمرابيين الدوليين وبداية تأسيس نظام عالمي جديد. إن محاولة فهم الأحداث وتحليلها يتطلب إعادة قراءة مابين سطور التاريخ حيث تقف البشرية أمام نقطة محورية مهمة حيث جميع تلك الأحداث في المجالات الإجتماعية, الإقتصادية والسياسية تتحكم فيها مجموعة من النخبة هم من يطلق عليهم أباطرة المال أو المرابين(المصرفيين) الدوليين. إنَّ أحد أهم أهداف تلك المجموعة هو تحطيم الأديان لأنه ليس هناك دين يدعو الى عبادة الله والمال بإستثناء اليهودية التلمودية التي تعادي كل من يقف في طريق تحقيق مصالحها وهيمنتها العالمية.
اليهودية التلمودية والجمع بين عبادة الرب والمال نشأت في الممالك البابلية والكلدانية حيث تواجد يهود المنفى وحيث كانت هناك كما يرى بعض المؤرخين ممارسات مصرفية متطورة تعلمها وأتقنها اليهود الذي كان من المحظور عليهم العمل في الكثير من المهن والأعمال باستثناء المجال المالي والمصرفي.البشرية ومنذ بدء الخليقة وضعت أمام خيارين متعارضين تماما, أول عبادة الله بينما الثاني عبادة المال ولا يمكن الجمع بين الخيارين. اليهودية التلمودية هي الديانة الوحيدة التي جمعت بينهما وبالتالي قام بتأسيس مبدأ أنه بالإمكان عبادة الرب والثراء. إن ذلك واضح في النصوص الدينية في التوراة والتلمود حيث صنع اليهود العجل الذهبي وعبدوه وخالفوا بذلك أوامر الرب ونبي الله موسى وأثاروا الغضب عليهم. كما أن عيسى عليه السلام رفض تلك الممارسات ودخل الى مبنى الهيكل وقلب طاولات الصيارفة وباعة الحمام وأخبرهم غاضبا "إن ذلك منزل أبي جعلتموه مغارة لصوص" وكانت النتيجة محاولة قتله في أكثر من مناسبة وصولا الى القبض عليه وصلبه.
ولو استمرينا في محاولة إعادة قراءة التاريخ وصولا الى مرحلة ظهور الإسلام في منطقة شبه الجزيرة العربية, سوف نجد أن ممارسة الربا(الإقراض مقابل الفائدة) كانت أمرا شائعا واحتكار يهوديا وكان اليهود يقاومون محاولات منافستهم في ذلك. إن معاداة اليهود الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم سببها الرئيسي أن الوحي الإلهي كان يحتوي على تشريعات تحرم الفائدة وبالتالي تتعارض مع مصالح اليهود المالية. إن طرح التساؤلات حول تلك المرحلة التاريخية أمر مهم للغاية على الرغم من أن جوانب كثيرة منها بقيت مجهولة الى يومنا هذا. يهود مكة ربما كانوا مسؤولين عن تمويل قوافل رحلة الشتاء والصيف لأنهم كانوا الجهة الوحيدة التي تحتكر التعامل بالفائدة و الإقراض الربوي والتجارة مجال عملهم الرئيسي وكانوا يعملون على القضاء على جميع المنافسين.
هناك ملاحظة مهمة ورد ذكرها في كتاب البروفيسور الروسي فالنتين كاتاسونوف "نهب على الطريقة اليهودية" وهي أن جماعة فرسان الهيكل كانت تمارس إقراض المال مقابل نسبة فائدة أقل من تلك التي يقدمها اليهود. إن مصير فرسان الهيكل ونهايتهم المروعة تحدث الكثير من المؤرخين عنها وعن الاتهامات المشكوك فيها بأنهم من عبدة الشيطان وضد المسيحية. إن ما كان يقوم به فرسان الهيكل من نقل الأموال وإعطاء إيصالات يقبض بموجبها التاجر ماله من مكان أخر أو دولة أخرى يعتبر نوعا من أنواع العمل المصرفي المبكر أو شكلا بدائيا للمصارف.
المرابين الدوليين نجحوا في التغلغل في الكنيسة الكاثوليكية خصوصا مع بداية الحملات الصليبية التي يعتبرها المؤرخون أول مراحل التراكم الرأسمالي الأولي فقد حصلوا على ثروات المشرق وكنوزه الهائلة وفتحت أعينهم على محاولة استكشاف طرق تجارية بديلة عن تلك التي كان المسلمون يسيطرون عليها وبالتالي يهددون احتكارات أولئك المرابين. الكنيسة الكاثوليكية مع مرور الوقت وقبول التوراة بوصفها أحد أجزاء الكتاب المقدس, قبلت بالربا الذي أصبح أمرا شرعيا في الدين المسيحي. كما أن المسيحية البروتستانتية خلال المرحلة التي أعقبت الانشقاق الكنسي الذي قام به الراهب الألماني مارتن لوثر أصبحت تصرح بأن الإنسان يخدم الله من خلال الثراء وأن الله خلق الفقر والغنى وأن التناقض في الحياة أمر طبيعي ومن قدرة الخالق.
إن المرحلة التي أعقبت الحروب الصليبية شهدت ظهور أول البنوك التي كانت تتعامل بالفائدة والقروض في البندقية, جنوه وفلورنسا والتي تطورت من شركات تأمين على سفن الرحلات التجارية البحرية الى مصارف تقدم القروض مقابل فائدة. وقد تحولت تلك المصارف مع مرور الوقت الى فكرة البنوك المركزية. إن ثورات البرجوازية المصرفية في بريطانيا ساهمت في تأسيس بنك إنجلترا المركزي حيث انطلقت الثورة الصناعية وفي فرنسا ولاحقا في الولايات المتحدة حيث تم تأسيس البنك المركزي الأول والثاني ومن ثم بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي يعتبر متحكما في الإقتصاد العالمي من خلال قرارات رفع الفائدة أو تخفيضها مما يؤدي الى زيادة أو انكماش السيولة في الأسواق المالية الدولية. إن بنك الإحتياطي الفيدرالي وجد حتى يستمر ويبقى وأي محاولات في سبيل إنهاء دوره أو تقييد صلاحياته تقابل برد فعل معادي وعنيف ومصير رؤساء الولايات المتحدة ابراهام لينكولن و جون كينيدي مثال على ذلك.
دمتم بخير وعافية
عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة
الوطن أو الموت
النهاية
No comments:
Post a Comment