Flag Counter

Flag Counter

Saturday, May 10, 2025

ستالينغراد, ولا خطوة الى الوراء

كانت معارك الجبهة الشرقية هي التي حسمت نتيجة الحرب العالمية الثانية وليس إنزال النورماندي كما تروج وسائل إعلام غربية تحاول صنع وهم الانتصار الزائف على حساب دماء وتضحيات الآخرين. معركة ستالينغراد كانت أم المعارك في الجبهة الشرقية في عملية غزو الإتحاد السوفياتي بارباروسا(ذو اللحية الحمراء)  تاريخ ١٩٤١/٦/٢٢. ستالين خلال الثمانية أشهر التي سبقت العملية بارباروسا بل وحتى اللحظات الأخيرة لم يكن يميل الى تصديق التقارير التي تتحدث عن غزو ألماني محتمل. ستالين كان يعتقد ويشاركه في ذلك سفيره في ألمانيا أنها عبارة عن حملة تضليل بريطانية بإشراف ونستون تشرشل شخصيا هدفها دفع الإتحاد السوفياتي الى مواجهة عسكرية مع قوات الفيرماخت وإضعاف الدولتين. المثير للاستغراب الأوامر التي أصدرها ستالين الى قوات الجيش الأحمر مع بداية تقدم القوات الألمانية في أراضي الإتحاد السوفيتي, عدم استفزاز القوات الألمانية وزيادة المشكلة تعقيدا. الوثائق التاريخية التي كشف عنها المؤرخون وأرشيف الإتحاد السوفيتي وألمانيا النازية الذي رفعت عنه السرية كشف عن حقائق مثيرة للإهتمام في العلاقة بين ستالين و هتلر وعملية التضليل الواسعة التي مارسها الأخير في محاولة خداع ستالين وإخفاء نواياه الحقيقية.

ستالين كان يدرس فكرة إطلاق عملية هجومية وقائية ضد ألمانيا النازية وصولا الى السيطرة على العاصمة برلين. قيادة الجيش الأحمر عندما أيقنت أن هناك احتمال غزو ألماني بدأت بتحريك قواتها في المناطق الحدودية مع دول البلقان في محاولة لاستدراج القوات الألمانية وكسب الوقت .الشتاء الروسي كان عدو القوات الألمانية الأول والوقت الذي أضاعته قوات الفيرماخت في البلقان كان أحد أسباب خسارتها الحرب على الإتحاد السوفياتي. قادة القوات الألمانية نصحوا هتلر بأن هناك هدفين مهمين يعتبران أولوية في الحملة بارباروسا, الأول السيطرة على العاصمة موسكو والثاني احتلال حقول النفط في القوقاز. الجيش الألماني كان على بعد ٤٠٠ كم فقط من العاصمة موسكو عندما داهم فصل الشتاء القوات الألمانية ونجحت خطة ستالين في كسب الوقت بإشغال القوات الألمانية على جبهة البلقان. معركة ستالينغراد لم تكن موجودة في المخطط الأصلي للعملية بارباروسا وبالتالي فقد كان على القيادة الألمانية بناء على أوامر هتلر بتخصيص فرق عسكرية كانت متوجهة الى القوقاز وأوكرانيا وإرسالها الى ستالينغراد. القضية كانت شخصية لأن المدينة تحمل إسم الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين والذي أصدر الأوامر بعدم سقوطها مهما كان الثمن. الجيش الألماني السادس بقيادة الجنرال باولس كان رأس الحربة في الهجوم على المدينة بمعاونة قوات من حلفاء ألمانيا من دول المحور.

الشتاء الروسي هزم قوات نابليون رغم أنها نجحت في الوصول الى العاصمة موسكو ولكن قوات روسيا القيصرية كانت تتبع سياسة الأرض المحروقة ولم تترك للقوات الفرنسية ما يمكن أن تستفيد منه. كما أن خطوط الإمداد الطويلة للقوات الفرنسية تعرضت الى هجمات وكمائن مباغتة وحرب عصابات أنهكتها. القوات الألمانية خلال الحملة بارباروسا وجدت نفسها في شتاء ١٩٤١م في موقف مماثل, شتاء قارس و خطوط إمداد طويلة. الجيش الألماني الذي كان يعتقد أن الحملة لن تستمر أكثر من أربعة أسابيع لم يكن في جهوزية قتالية تؤهله الى مواجهة الشتاء القارس بينما كان ذلك الشتاء البيئة الطبيعية التي يعيش فيها المواطن والجندي الروسي. الجنرال فريدريك باولس وجد نفسه في موقف حيث حصل على ترقية إستثنائية وكان عليه أن يقود قوات الجيش السادس رغم عدم حصوله على خبرة سابقة في قيادة الفرق العسكرية. إن تعيين باولس في منصبه وحصوله على تلك الترقية الإستثنائية كان في ظروف عصيبة للغاية في حملة القوقاز وأوكرانيا بسبب الهجمات المضادة من قوات الجيش الأحمر بقيادة الجنرال تيموشينكو مما أدى الى تراجع القوات الألمانية للمرة الأولى في الحرب العالمية الثانية. هتلر بنفسه وصل الى الجبهة الأوكرانية بواسطة طائرته الكوندور حتى يعلم تحديدا ماذا حصل بسبب خذلان جنرالاته له. هتلر كان يبحث عن تحقيق نصر يسمع العالم دويه حتى يحافظ على كبريائه وسمعة الجيش الألماني.

قوات باولس نجحت في حصار ستالينغراد وقصفت مواقع الجيش الأحمر بالمدفعية, الطيران والدبابات وتغلغلت في أحياء المدينة ولكنها لم تنجح في الاستيلاء عليها بالكامل. قوات الجيش الأحمر قاومت بشراسة وقاتلت من شارع الى شارع, من منزل الى منزل ومن غرفة الى غرفة ونجحت في أن تجبر القوات الألمانية على دفع ثمن كل متر مربع تنجح في السيطرة عليه. التكلفة البشرية للطرفين كانت باهظة ولكن قوات الجيش الأحمر كانت قادرة على التعويض والحصول على إمدادات على عكس القوات الألمانية. القناصة السوفيات نجحوا في إصطياد الضباط والجنود الألمان مما أدى الى نزيف مستمر يوميا. حرب العصابات, الكمائن والهجمات الليلية والمفاجئة كانت نتيجتها إشغال قسم كبير من القوات الألمانية داخل المدينة. العملية العسكرية المضادة "أورانوس" بقيادة الجنرال جورجي زوكوف نجحت بإستخدام عنصر المفاجأة خلال فصل شتاء نوفمبر/١٩٤٢ في محاصرة القوات الألمانية التي تحاصر مدينة ستالينغراد و المتوغلة داخل المدينة وقعت في فخ لن تتمكن من الخروج منه حتى إعلان الهزيمة وإستسلام الجنرال باولوس في فبراير/١٩٤٣. الجيش الأحمر خسر خلال معركة ستالينغراد ما يزيد عن مليون جندي ونصف مليون جريح إصابتهم خطيرة. الجيش الألماني السادس بقيادة الفيلد مارشال باولس خسر غالبة قواته وأصبح في حكم الغير موجود عمليا خصوصا بعد فشل عدة محاولات ألمانية لامداده بالمؤونة و الوقود والذخيرة.

دمتم بخير وعافية

عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة

الوطن أو الموت

النهاية

 



No comments:

Post a Comment