Flag Counter

Flag Counter

Monday, May 5, 2025

الشركات العابرة للقارات تبيع الوهم وتسرق وعي المستهلك

المستهلك هو الضحية ويتعرض الى الخداع وغسيل الدماغ من خلال الدعاية الذكية والمصطلحات البراقة. الشركات العابرة للقارات تحولت من صناعة منتجات حقيقية الى علامات تجارية توصف بأنها عالمية بينما عمليات التصنيع الحقيقية تكون في بلدان أخرى توصف بأنها دول العالم الثالث. العولمة واتفاقيات التجارة الحرة جعلت من ذلك تيارا مهيمنا حتى على مستوى الحكومات خصوصا خلال الفترة منذ بداية الثمانينيات و انتخاب جورج بوش الإبن في منصب رئيس الولايات المتحدة. إن تلك الفترة الزمنية شهدت صعود التيار اليميني المحافظ في بريطانيا, مارغريت تاتشر(السيدة الحديدية) والولايات المتحدة حيث نجح رونالد ريغان في الإنتخابات الرئاسية وبدأ في البلدين تطبيق أجندات اقتصادية نيوليبرالية توصف بأنها متطرفة. الشركات العالمية أو تلك التي توصف بأنها عابرة للقارات بدأت في البحث عن دول تتوفر على عمالة منخفضة الأجور حيث نقلت مصانعها بينما حافظت على عملياتها الحيوية الغاية في الأهمية في البلدان الأم. شركات مثل مايكروسوفت حافظت على نواة صلبة من حملة الأسهم والموظفين في الولايات المتحدة بينما نقلت جميع تلك الوظائف التي توصف بأنها هامشية أو غير ضرورية الى بلدان أخرى مثل الهند. ولكن هناك نموذج آخر قدمته شركات قامت بنقل مصانعها الى دول مثل الصين أو فيتنام أو بنغلاديش أو أنها تعمل من خلال شبكة من الشركات البديلة في تلك الدول تقوم بصناعة المنتجات لحساب الشركة الأم وفق مواصفات معينة. إن تلك العمليات حيث تتم صناعة المنتجات من خلال متعاقدين فرعيين تسمح للشركة الأم من التهرب من أي التزامات قانونية أو أخلاقية خصوصا الأجور المنخفضة أو المعاملة السيئة للعمال.

الصين فضحت تلك الشركات العالمية وذلك بسبب الحرب التجارية التي أعلنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على العالم من خلال الرسوم الجمركية ولكن الهدف الرئيسي كان هو الصين. المصنعين والتجار الصينيون عرضوا بضائع ماركات عالمية تباع بمئات و آلاف الدولارات مقابل تكلفة صناعتها الحقيقية التي لا تزيد عن 50 دولارا أو ربما مائة دولار. قناة بي بي سي الكندية ومن خلال أحد برامجها فضحت قيام شركات عالمية بالتلاعب بالمستهلكين من خلال صناعة نوعين من المنتجات التي قد تبدو متشابهة, الأول للبيع في متاجر العلامات التجارية الفاخرة والثاني للبيع في متاجر التنزيلات ولكن أقل في الجودة حتى وإن حملت الإسم التجاري وإن اختلط ذلك على مستهلك عديم الخبرة تعرض الى الخداع  بأنه قام بشراء بضاعة الماركة التجارية مقابل سعر منخفض للغاية حيث يعتقد أنه حقق صفقة جيدة موفرا مبلغا كبيرا من المال.

الشركات تحولت من صناعة المنتجات الى صناعة الأفكار. بنغلاديش تعتبر مركز صناعة ماركات الملابس العالمية حيث بالكاد يحصل العمال على قوت يومهم حيث يعملون 12 ساعة في اليوم مقابل دولارين أو ثلاثة دولارات ويعيشون في ظروف غير إنسانية في أماكن لا تتوفر على أبسط مقومات العيش تعتبر مدن صفيح على أطراف المدن. هناك مصطلح متاجر تستغل العمال بطرق غير إنسانية مقابل أجور منخفضة للغاية تدعى (Sweat Shop) حيث ساعات العمل الطويلة, الأجور المنخفضة و ظروف الأمان غير متوفرة وحوادث العمل تقع بوتير متكررة بسبب ذلك. رسالة من عمال يتعرضون للاستغلال في مصانع شركة زارا في تركيا وجدت مطوية بعناية في أحد منتجات الشركة. المكسيك تعتبر مركزا رئيسيا للعديد من الشركات الأمريكية بداية من صناعة قطع السيارات الى الملابس وهناك دول أخرى في أمريكا اللاتينية تصنع الملابس لحساب شركات عالمية. إن قضية استغلال عاملات مصانع الملابس في المكسيك كانت محور أحد أفلام هوليود الذي قامت بدور البطولة فيه الممثلة جينيفر لوبيز بدور صحفية تحقق في مقتل أحد العاملات في ظروف غامضة. ولكن تلك قصة حقيقة والقضية ليست مجرد فيلم يتحدث عن رواية وهمية. هناك حوادث تقع و معاملة تمييزية ضد النساء خصوصا أن هناك مصنعين وكلاء ومتعاقدين مع شركات عالمية في بلدان مثل الفلبين يرون من وجهة نظرهم أن طرد موظفة بسبب الحمل أمر لا يستحق الاهتمام من وسائل الإعلام.

الشركات تنفق أموال طائلة في الدعاية التسويق وتقوم على توظيف المشاهير من نجوم السينما, الرياضة والإعلاميين في الدعاية. ولعل أحد أكثر مشاهد الدعاية شهرة ذلك الذي قامت بتصويره شركة بيبسي بمشاركة عدد من نجوم الصف الأول في الولايات المتحدة وعلى رأسهم المطربة بريتني سبيرز. هناك فيديو سوف أرفق همع الموضوع يصور عددا من الإعلانات الجريئة أحدها قامت بتصويره شركة بيبسي حيث عقدت مقارنة مع شركة كوكاكولا الأمر الذي أغضب الأخيرة. إبنة دونالد ترامب المقربة منه إيفانكا تمتلك شركة أزياء وملابس تصنع منتجاتها في الصين على الرغم من شعارات والدها خلال حملته الانتخابية سنة ٢٠١٦ و ٢٠٢٤ "نجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى-Made America Great Again" وحتى الهدايا التذكارية التي طبع عليها ذلك الشعار مطبوع عليها "صنع في الصين." كما أن الشركات ليس لديها أي رادع أخلاقي يمنعها من ممارسة الكذب في تسويق منتجاتها و أصبح ذلك سمة غالبة حتى لدى الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة. هناك أشخاص سوف يظهرون على وسائل التواصل الإجتماعي ومنصات مثل يوتيوب ينتحلون صفة طبيب أو ممرض أو خبير تسويق أو تغذية وغيرها من المجالات, الشخص ذاته ينتحل كل تلك الصفات ويقوم على تسويق بضاعتك مقابل أجر ويعرضون خدماتهم في مواقع متخصصة.

المعركة على وعي المستهلك والشركات العابرة للقارات تحاول بإستمرار سرقة ذلك الوعي وتحقيق الأرباح من خلال بيع الوهم. لو قمت بشراء حذاء جوردان الرياضي فإنك سوف تعيش تجربة مايكل جوردان أحد أشهر لاعبي كرة السلة في دوري المحترفين الأمريكي(إن بي أيه). الدواجن التي تعيش حياة الرفاهية في المزارع والتي هي في الحقيقة أقرب الى المسالخ وسجون العصور المظلمة في أوروبا. الغازات التي تخرجها الأبقار هي السبب في ثقب الأوزون والتغير المناخي وليس إستهلاك الوقود الأحفوري. مؤسسات الدفاع عن البيئة تتلقى التمويل من شركات النفط و جمعية مكافحة السرطان تتلقى التمويل من شركات صناعة التبغ ومؤسسة العناية بمرضى القلب تتلقى التمويل من شركات صناعة الأغذية ومطاعم الوجبات السريعة. العلم الزائف أصبح هو الحقيقي ومن يناقش أو يشكك سوف يطرد من وظيفته أو يحرم من التمويل الحكومي أو يتعرض الى المضايقة. إن ذلك هو عالم الرأسمالية الذي نعيش فيه حيث تسير الأمور بالمقلوب وحيث تلعب الشركات والمصرفيون بمصائر الشعوب وحساباتهم البنكية.

دمتم بخير وعافية

عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة

الوطن أو الموت

النهاية


No comments:

Post a Comment