الإخوان المسلمون, فساد الدين والدنيا

في إحدى خطبه العصماء التي ألقاها في العاصمة القطرية الدوحة, تحدَّث يوسف القرضاوي معاتبا الولايات المتحدة على عدم إسقاطها الرئيس السوري بشار الأسد وأنه إذا وصل (الثوار) الى الحكم والسلطة, فإنَّهم لن يشكلوا خطرا على أمن دولة الكيان الصهيوني. مقاتلي المعارضة السورية لديهم تأمين طبي شامل في المستشفيات الإسرائيلية وهناك تنسيقيات من أجل جمع الدعم المادي لهم في دولة الكيان الصهيوني. إن العداوة بين الإخوان المسلمين واليهود هو أمر أصبح معلوما أنه من صحيح الدين ولكنها السياسة والكرسي. وقد أصبح من الواضح للجميع أن المعارضة السورية يهيمن عليها تنظيم الإخوان المسلمين على إختلاف مسمياتهم, جيش حر, جبهة النصرة وداعش وعشرات التسميات الأخرى التي يتم إستخدامها لأغراض إعلامية.

المثير للشفقة أن أتباع ومؤيدي وأنصار وأيتام الإخوان المسلمين يطالبون بمنحهم فرصة من أجل الحكم ومن ثم من الممكن تبديلهم من خلال الإنتخابات لو كان أداؤهم سيئا. في مصر يطلقون عليهم عاصري الليمون, معلش اعصر ليمونة على نفسك وامنح الإخوان المسلمين فرصة حتى لا يعود الفلول أنصار الرئيس السابق حسني مبارك الى الحكم. السؤال هو لماذا يخاف الإخوان المسلمين من عودة أنصار حسني مبارك الى الحكم؟ أليست ديمقراطية وإنتخابات والشعب هو من يصوِّت ويختار من يحكمه ولو كان من أنصار مبارك أو الفلول؟ أم أنَّ الإخوان المسلمين قرئوا اللوح المحفوظ وشاهدوا ماهو مكتوب فيه وأنهم سوف يفوزون في الإنتخابات لأنَّ ذلك مقدَّر بالحق الإلهي. يذكرني الإخوان المسلمين بأنظمة الحكم في أوروبا خلال العصور الوسطى التي كانت تعتبر الحاكم يحكم بالحق الإلهي وأنه لايجوز معارضة قراراته.

وصل الإخوان المسلمون الى الحكم في السودان سنة 1989 وذلك عبر إنقلاب عسكري لايدينه الإخوان المسلمين لأنهم هم من قاموا به. عمر حسن البشير كان ضابطا في الجيش السوداني ونفَّذَ إنقلابه ضد رئيس الوزراء المنتخب ديمقراطيا الصادق المهدي. إنَّ جردة حساب الفترة التي حكم خلالها عمر حسن البشير سوف تؤدي الى مجموعة من النتائج. الأولى هي تدهور الوضع الاقتصادي فقد أصبح سعر صرف الدولار 2000 جنيه سوداني بعد أن كان 3 جنيهات. الثانية تدهور الوضع السياسي حيث قمع نظام عمر حسن البشير معارضية بكل قسوة وزجَّ الكثيرين منهم في السجون ومنع كل أشكال التعبير الحر عن الرأي. الثالثة هي تدهور الوضع العسكري حيث بدأ تمرد في جنوب السودان من بلدة صغيرة ورغم ذلك لم تتمكن القوات الحكومية من السيطرة على الوضع الذي إنتهى بانفصال جنوب السودان عن شماله. كما أنه هناك حرب أهلية في منطقة دارفور حيث تفتك ميليشيات الجنجويد بالمدنيين بدون رحمة.

عندما ترغب الولايات المتحدة في التدخل في شؤون أي بلد عربي أو تخريب إستقراره السياسي فإنها تقدِّم الدعم الى تنظيم الإخوان المسلمين من أجل الوصول الى الحكم والسلطة وخير مثال على ذلك مايطلق عليه ثورات الربيع العربي وهو مصطلح إعلامي هدفه تلميع الإخوان المسلمين وتقديهم الى الجماهير على أنَّهم ثوار وطنيون ثاروا ضد الظلم والفساد. في فلسطين مثال آخر يتجاهله عاصرو الليمون وهو وصول حماس الى الحكم سنة 2006 من خلال الإنتخابات ثم انقلبت على شرعية الصندوق واستولت على الحكم بأكمله بالقوة وطردت حركة فتح من قطاع غزة. إن وصول حماس الى الحكم والسلطة هو مثال أخر على فساد الإخوان المسلمين فقد أصبح قادة حماس من أثرى أثرياء قطاع غزة بفضل تحكمهم وسيطرتهم على تجارة الأنفاق حيث يفرضون ضرائب مرتفعة للغاية في تجاهل الوضع المعيشي الصعب الذي يعانيه سكان قطاع غزة.

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية