Flag Counter

Flag Counter

Saturday, June 11, 2022

الإقتصاد السياسي للأزمة الأوكرانية, من هو المستفيد؟

في بحثنا عن أسباب اندلاع الأزمات وآثارها والعواقب المترتبة عليها, يقدِّم لنا الإقتصاد السياسي أدوات مفيد وطرق غير تقليدية من الممكن إستخدامها في التحليل وإستخلاص النتائج. الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا تستخدم وسائل الإعلام بشكل رئيسي في عمليات غسيل دماغ والهدف خداع الجماهير والشعوب وتحويل أنظارهم عن الفاعل الحقيقي والمستفيد من الأزمات التي يمر بها العالم.

الأزمة الأوكرانية وعمليات التدخل الوقائي للجيش الروسي هي أحد الأمثلة التي يمكن دراستها في إطار الاقتصاد السياسي وأدواته التي من الممكن أن نستفيد منها في تبسيط المفاهيم والأحداث. الإتحاد الأوروبي هو تكتل اقتصادي وسياسي بدأ خلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية والهدف هو وضع نهاية للحرب بين دول القارة الأوروبية. وقد كان من الممكن قيام ذلك التكتل بفضل المساعدات الأمريكية من خلال خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا والتي كان من ضمن بنودها تحقيق الوفرة في مصادر الطاقة والذي كان ممكنا بفضل اتفاقية بين عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية وفرانكلين روزفلت رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ملخصها هو النفط مقابل الحماية.

الولايات المتحدة تسعى دائما وأبدا الى منع قيام أي تكتلات إقتصادية أو سياسية أو نمو تلك التكتلات حتى تكون السبب في تهدِّد هيمنها وسيطرتها على العالم. الإتحاد الأوروبي كان ومايزال هدفا للسياسات التخريبية الأمريكية حيث الولايات المتحدة ليس لها حلفاء دائمون بل تعتمد سياسة المصالح. سلاح الطاقة هو السلاح المفضَّل الذي تستخدمه الولايات المتحدة من أجل عرقلة نمو الإتحاد الأوروبي وتحوِّله الى قوة مهيمنة ومنافسة للولايات المتحدة. أول مناسبة تم من خلالها استخدام سلاح النفط هي الحظر النفطي خلال حرب رمضان/أكتوبر سنة ١٩٧٣ حيث إرتفعت أسعار النفط ٤٠٠% وهو أمر تمت مناقشته خلال اجتماع مجموعة البلدربيرغ حضره وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر في الأشهر التي سبقت الحرب. إرتفاع أسعار الطاقة أدى الى أزمة إقتصادية في أوروبا حيث أنَّ إرتفاع أسعار النفط والغاز أشبه بسقوط حجار الدومينو واحدا تلو الأخر حيث سوف تبدأ أسعار جميع السلع والخدمات بالإرتفاع.

ولأنَّ الولايات المتحدة دولة يعتمد نظامها الإقتصادي النيوليبرالي على الإستفادة من الأزمات والكوارث التي تصيب الدول الأخرى حتى لو كانت مفتعلة وإصطناعية, فقد عرضت على أوكرانيا أن تنضم الى الإتحاد الأوروبي وتحالف الناتو العسكري وهو خطوة سوف تستفز دولة روسيا الاتحادية ورئيسها فلاديمير بوتين الذي لم ين لديه حل سوى عملية عسكرية في أوكرانيا. وعلى الرغم من أن أوكرانيا طلبت الانضمام الى تحالف الناتو منذ عدة سنين, إلا أن الولايات المتحدة أبقت على الموضوع عائما حتى تستفيد منه سياسيا في التلاعب بمصير أوكرانيا والقارة الأوروبية بأكملها. وقد قامت الولايات المتحدة بتقديم عرض الى دول فنلندا والسويد بالإنضمام إلى الناتو من أجل تضخيم الأزمة وتحقيق أكبر قدر من الشو الإعلامي ولكن تركيا اعترضت بسبب إحتضان السويد للمعارضين الأتراك خصوصا الأكراد وطالبت بتسليمهم وهو أمر يعلم رجب طيب أردوغان أنه مستحيل الحدوث.

عواقب الأزمة الأوكرانية وتأثيرها على دول أوروبا والعالم متعدِّدة والسبب هو مجموعة ن القرارات الإقتصادية التي قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإتخاذها ولعل أهمها قطع النفط والغاز عن الدول الأوروبية التي تصنَّف انها دول عدوَّة إلا إذا قبلت أن تدفع قيمة مشترياتها من الطاقة بالروبل الروسي الذي إرتفع مؤخرا الى مستويات قياسية. إن مساعي دولة روسيا الإتحادية من أجل التخفيف من آثار العقوبات الغربية والقرارات التي تم اتخاذها مثل بيع النفط والغاز مقابل الروبل وسداد الديون السيادية الروسية بواسطة عملة الروبل وليس الدولار قد أدت إلى انقسامات داخل دول الإتحاد الأوروبي وحتى داخل دول مثل بريطانيا التي تعاني عدة أزمات منها التضخم وارتفاع البطالة وأزمة سائقي الشحن وارتفاع أسعار الطاقة والحبوب.

 إنَّ التأثيرات الغير مباشرة لإرتفاع أسعار الطاقة هو إفلاس وإغلاق عدد من مصانع الأسمدة في بريطانيا ودول أخرى مما أدى الى تفاقم أزمة الحبوب ونقص الغذاء في عدة دول منها الولايات المتحدة التي تعاني من مستويات تضخم قياسية مما أدى الى قيام بنك الإحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة. ألمانيا هي أيضا تعاني من مستويات تضخم قياسية والبطالة المرتفعة ونقص في الحبوب يضاف الى كل ذلك الأعباء المترتبة على تواجد أكثر من مليون لاجئ سوري وأعداد ضخمة من جنسيات أخرى. 

المستفيد من الأزمة الأوكرانية هي الولايات المتحدة التي افتعلت تلك الأزمة بالتعاون مع رئيس أوكرانيا والذي تم الكشف أنه من أصول يهودية. وحتى أكون أكثر دقَّة ووضوحا فإن بنوك وول ستريت التي تعتبر المستفيد الأول من رفع أسعار الفائدة وشركات النفط الأمريكية خصوصا شركات النفط الصخري وشركات النفط الكندية تعتبر أيضا مستفيدا رئيسيا حيث أنَّ أسعار النفط وصلت الى ١٢٠ دولار/برميل. شركات الأسلحة الغربية وشركات المرتزقة تعتبر من المستفيدين من الأزمة الأوكرانية والتي تعتبر فرصة أيضا من أجل القيام بعمليات غسيل للأموال خصوصا أموال المخدرات بدون إثارة الكثير من الشكوك. 

مع تمنياتي للجميع دوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment