Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, March 8, 2022

أساطير توراتية, أكاذيب سفر الخروج وتأسيس دولة الكيان الصهيوني

يمكن أن نعتبر عالم الآثار إسرائيل فرانكشتاين أحد أكثر الأكاديميين الإسرائيليين إثارة للجدل بنظرياته التي تتعدى الخطوط الحمراء وتشكِّكُ في الرواية التوراتية للكثير من الأحداث التي تعتبر هي الجذور التي تأسَّسَ عليها الكيان الصهيوني. ولكن وجهة النظر تلك لا تبقى بدون منتقدين ومعترضين حيث يرى معارضوه أن بروز إسرائيل المبكر كان نتيجة إنهيار الثقافة والحضارة الكنعانية وأنَّ ذلك كان بشكل تدريجي وأنَّ الإسرائيليين لم يأتوا من الخارج بل ظهروا من داخل فلسطين. إذا ورجوعا إلى فرانكشتاين  ونظريته فإنَّ الإسرائيليين الأوائل هم من ذوي أصول كنعانية. إنَّ منتقدي نظرية فرانكشتاين يعتبرون أنه ليس هناك دليل على أنَّ المستوطنات التي ظهرت في المرتفعات الوسطى والجليل ترتبط بنشوء إسرائيل المبكِّرة أو إسرائيل التوراتية.

إنَّ قصة الخروج التي وردت في الرواية التوراتية معرَّضة الى الكثير من الشكوك حول دقة تلك الرواية وصلت الى وصفها بأنها من خيال التراث الشعبي وأنها لم تحدث على أرض الواقع. إن الجفاف الذي أصاب منطقة اليونان وبحر إيجه وإمتدَّ الى أجزاء من بلاد الشام خلال القرن السادس عشر وصولا الى القرن الثالث عشر قبل الميلاد قد أدى الى موجة نزوح بإتجاه مصر بحثا عن الكلأ ولكن تمت هزيمتهم من الفرعون مرنفتاح سنة ١٠٢٢ ق.م والفرعون رمسيس الثالث من بعده الذي سمح للفيلست منهم بعد ذلك بإستيطان منطقة السهل الساحلي من جنوب لبنان الى نهر الأردن حيث ذابوا في الثقافة الكنعانية والدليل هو الإختفاء التدريجي هو إختفاء الخزفيات وغيرها من الآثار التي تدل على نشاط سكاني يختص بمجموعة عرقية محدَّدة.

ولو قرَّرنا أن نقوم بنقد رواية سفر الخروج من وجهة نظر تاريخية, سوف نجدها أنه من الصعب تقبُّل المعطيات التوراتية أو الروابة التي أصبحت معتمدة وتحولت الى أمر واقع بمفاعيل سياسية هدفها تثبيت الحق اليهودي في فلسطين ومحاولة إيجاد خلفية تاريخية يستند عليها. ليس هناك دليل على استيطان مجموعات سكانية في صحراء سيناء خلال تلك الحقبة الزمنية وغياب أي ذكر لليهود في النقوشات الفرعونية ورسائل تل العمارنة التي تثبت مجموعة من الحقائق يستحيل معها صحة رواية الخروج.

إنَّ تعداد اليهود الخارجين من مصر على حسب الرواية التوراتية هو ٦٠٠ الف تقريبا وأنهم تاهوا في صحراء سيناء ٤٠ سنة وهي منطقة معروفة بظروفها المناخية القاسية. ولكنهم على الرغم من تواجدهم في تلك المنطقة خلال تلك الفترة الزمنية فإنهم لم يتركوا آثارا تدل عليهم خصوصا حول الواحات ومنابع المياه. كما أن المعلومات التي تفصح عنها رسائل تل العمارنة تؤدي إلى استنتاج التواجد العسكري المصري القوي في تلك المنطقة حيث تم بناء عدد من الحصون والقلاع القوية حيث تقوم حاميات عسكرية بدوريات منتظمة يستحيل معها تسرب مجموعات بشرية لا تقل عن ٦٠٠ الف بدون أن يلاحظها أحد. كما أن الرقم نفسه, ٦٠٠ الف شخص, يثير إشكالية إحصائية خصوصا أن بعض المصادر تشير الى أنَّ عدد المقاتلين بلغ ذلك الرقم وأن المجموع الكلي من رجال ونساء وأطفال يبلغ تقريبا ٣ ملايين. إنَّ عدد أبناء يعقوب وأحفاده الذين دخلوا معه الى مصر لا يتجاوز ٧٥ شخص وأنه خلال أربعة أجيال هي الفترة الزمنية الفاصلة من دخولهم مصر الى خروجهم منها يستحيل وصول تعدادهم الى ثلاثة ملايين أو حتى ٦٠٠ الف.

إنَّ الروية التوراتية لا يمكن الإعتماد عليها وثيقة تاريخية من أجل تحديد دقيق للأحداث وصحتها. ولكن الأخطر هو التفسير الصهيوني لتلك الرواية خصوصا إستعباد المصريين لليهود وتسخيرهم في الأعمال الشاقة خصوصا بناء الأهرامات وهي إدعائات لها تبعات تاريخية خطيرة. أن الرواية التوراتية حول خروج اليهود من مصر غير مفهومة خصوصا النص التالي:"(١٢:٣٥) و فعل بنو إسرائيل بحسب قول موسى طلبوا من المصريين أمتعة فضة وأمتعة ذهب و ثيابا(١٢:٣٦) و اعطى نعم نعمة في عيون المصريين حتى اعاروهم فسلبوا المصريين." أن ذلك يتناقض مع وضع العبودية الذي وصفت فيه التوراة فترة تواجد بني إسرائيل في مصر واضطهادهم وحتى إصدار الفراعنة أمرا بقتل جميع ذكور بني إسرائيل من المواليد الجدد.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment