Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, March 29, 2022

الأزمة الروسية-الأوكرانية, مالها وما عليها

في تحليل الاقتصاد السياسي للأزمات وتطبيق مبادئه على الأزمة الروسية-الأوكرانية, علينا حتى نصل الى إجابة منطقية ومعقولة عن أسباب تلك الأزمة وتداعياتها أن نجيب على السؤال التالي, من هو المستفيد؟ صناعة الأزمات أو استغلالها هو قطاع اقتصادي قائم بذاته لا يمكن تجاهل دوره في الأحداث العالمية, أزمة فيروس كورونا والأزمة الروسية-الأوكرانية هي أمثلة على ذلك.

لقد مرَّ العالم بأوقات عصيبة خلال أزمة فيروس كورونا (٢٠١٩-٢٠٢٢) حيث تم إغلاق المصانع والمصالح التجارية والشركات وتعرَّضت حركة الشحن العالمية الى صعوبات بالغة مما أدى الى خلل في الإمدادات وإرتفاع الأسعار رغم إنخفاض القدرة الشرائية بما يعرف بمصطلح الإقتصاد التضخمي. ولكن شركات الأدوية وصناعة المستحضرات الطبية والصيدلانية كانت تعيش أزهي أوقاتها حيث حقَّقَت أرباحا خيالية بسبب إرتفاع الطلب على المنتجات الطبية والأدوية وفرض إلزامية اللقاح في أغلب دول العالم.

ولكن أحد أكثر القطاعات تضرُّرا هو شركات النفط والغاز وكل ماله علاقة بمنتجات قطاع الطاقة. فقد انخفض الطلب بسبب انخفاض النشاط الصناعي وانخفاض استهلاك الوقود على مستوى سائقي المركبات وإنخفاض حركة الشحن العالمية وإصابة حركة الطيران بما يشبه الشلل الكامل. ولكن يبدو أن ذلك لن يستغرق الكثير من الوقت حيث إرتفعت أسعار النفط حتى وصل سعر برميل خام برنت إلى ١٣٠ دولار/برميل وأدى ذلك الى انتعاش قطاع الطاقة خصوصا شركات النفط الصخري والرملي التي ترتفع تكلفة إنتاجها ويعتبر سعر ٦٠-٧٠ دولار/للبرميل هو الحد السعر الأدنى من أجل استمرارها في الإنتاج.

المجمع العسكري-الصناعي الأمريكي الذي حذَّرَ منه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور من الممكن إعتباره مساهما رئيسيا في الأزمة الروسية-الأوكرانية حيث من المتوقع أن تحقق شركات صناعية الأسلحة والشركات الأمنية الخاصة أرباحا ضخمة نتيجة مبيعات الأسلحة والعقود الأمنية أو بعبارة أخرى تجنيد المرتزقة من أجل إرسالهم الى القتال في أوكرانيا. ألمانيا أعلنت خطة تسليح قيمتها ١٠٠ مليار دولار والولايات المتحدة أعلنت خطة مساعدات عسكرية الى أوكرانيا قيمتها ١٣ مليار دولار وذلك غيض من فيض.

وعلينا أن لا ننسى أنَّ الحكومة الأمريكية قد قامت بطباعة كميات ضخمة من الدولار من أجل تمويل برامج الإنفاق خلال أزمة فيروس كورونا. إنَّ ذلك أمر مهم حيث أنه يتردَّد بين المختصين أن تلك الكمية قد بلغت ٧ تريليون دولار رغم أنني أعتقد أن ذلك مبالغة حيث لن تزيد الكمية عن ٢-٣ تريليون دولار وإن كان تأثيرها مازال كارثيا على الإقتصاد العالمي. الاقتصاد الأمريكي ليس اقتصاديا حقيقيا لأنه قائم على مضاربات البورصة والأسهم والفقاعات مثل أزمة دوت كوم(٢٠٠٠-٢٠٠١) وأزمة الرهون العقارية منخفضة الجودة(٢٠٠٧-٢٠٠٨). إنَّ طباعة تلك الكمية من العملة خلال فترة زمنية قليلة سوف يؤدي الى إرتفاع التضخم في الولايات المتحدة وهو ما يحصل حاليا. وحتى يتم خفض مستوى التضخم, لا بد من تصديره إلى خارج الولايات المتحدة عبر رفع سعر الفائدة مما يؤدي الى تجفيف السيولة المالية في الأسواق وازدياد الطلب على الدولار الأمريكي خصوصا بسبب إرتفاع سعر النفط مما سوف يؤدي إلى إرتفاع سعر صرف الدولار أمام العملات الأخرى.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment