Flag Counter

Flag Counter

Friday, July 16, 2021

الرأسمالية, المنافسة والاستهلاك الاستعراضي

الرأسمالية هو مصطلح له جوانب متعددة أحدها هو التحكم في رغبات المستهلكين حتى لو كان ذلك يعني تصنيع إحتياجات زائفة. ولكن ذلك الجانب قد يكون ظلاميا ومتوحشا لأن ترويج تلك الإحتياجات الزائفة قد لا يكون محصورا في المجتمعات الغنية بل قد يتخذ من المجتمعات الفقيرة ضحية له. على أرض الواقع, يمكن تشبيه مدراء صناديق التحوط والبنوك الاستثمارية في نيويورك ولندن بأنهم أقرب الى القراصنة في أخلاقهم وسلوكياتهم منهم الى كونهم رجال أعمال حيث كان القراصنة يتباهون بثرواتهم وكنوزهم كما تفعل تلك الطبقة الجديدة من الأثرياء التي بدأت في الظهور مع نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات. عالم الإقتصاد الأمريكي ثورستين فيبلين أطلق على تلك الظاهرة الإستهلاك الاستعراضي(Conspicuous Consumption) حيث يتم توظيف الثروة في ممارسات غير منتجة اقتصاديا تتميز في الاستهلاك المظهري والرفاهية المظهرية. 

إن الاستهلاك الاستعراضي هو عبارة عن مرض إجتماعي يصيب المجتمعات الغنية والفقيرة على حد سواء. هناك الكثير من الأمثلة التي لا تعد ولا تحصى على تلك النوعية من الاستهلاك بهدف التباهي. قيام أحد المشاهير بشراء منزل من 50 غرفة و20 حمام أو إمتلاك أحد الأثرياء عشرة منازل في أماكن مختلفة حول العالم أو شراء أنواع من السيارات الفارهة وقيادتها في الأحياء الفقيرة بهدف التباهي. إن الرأسمالية تشجِّع على ذلك النوع من الإستهلاك لأن الهدف النهائي للنظام الرأسمالي هو تحقيق الربح ولو على حساب الأخلاق والقيم. ولعل الجميع تابع مؤخرا السباق على الفضاء الذي يقوده ثلاثة من أثرى أثرياء العالم وهم: جيف بيزوس, ريتشارد برانسون وإيلون ماسك حيث يتم إنفاق عشرات المليارات من الدولارات. 

الدعاية تعتبر مهمة وحيوية من أجل الترويج المستمر لثقافة الاستهلاك في عالم الرأسمالية. خلال مباريات كرة السلة أو الأحداث الرياضية, هناك وقت محدود جدا من أجل القيام ببث الدعاية التجارية. ولكن تلك أحداث رياضية تذاع على الهواء مباشرة وليست مسجلة حيث يختلف الأمر ويكون هناك متسع من الوقت من أجل الدعاية والترويج. وذلك طبعا إذا أخذنا في عين الإعتبار الملصقات ولوحات الدعاية والملصقات التي تكون موجودة في كل مكان في الملعب وخارجه. إن الرياضيين يعتبرون أداة مفيدة من أجل الترويج للمنتجات خصوصا الأحذية والأدوات الرياضية حيث تركز الدعاية على معايشة تجربة المشاهير وأحاسيسهم إن قام شخص ما بشراء المنتج وذلك اغراء قوي جدا. هناك أموال ضخمة يتم رصدها من أجل الدعاية والإعلان وقد تصل الى عشرات المليارات سنويا. على سبيل المثال لاعب كرة السلة في فريق لوس أنجليس ليكرز ليبرون جيمس تقاضى مليار دولار من أجل توقيع صفقة بهدف الترويج لمنتجات إحدى العلامات الرياضية الشهيرة. 

وسائل التواصل الإجتماعي مثل فيسبوك, تويتر, إنستغرام دخلت بقوة الى مجال الدعاية والترويج في منافسة مع وسائل الإعلام التقليدية. رجل الأعمال الأمريكي جورج سوروس هاجم فيسبوك وطالب بإخضاع وسائل التواصل الإجتماعي الى الرقابة. هناك منافسة أو صراع النخب حتى أكون أكثر دقَّة حيث سحبت وسائل التواصل الإجتماعي البساط من وسائل الإعلام التقليدية التي خسرت قسما كبيرا من مداخيل الدعاية والإعلان التي كانت تعتمد عليها من أجل دفع نفقاتها من رواتب وتكاليف طباعة. كما أن وسائل التواصل الإجتماعي أصبحت تستخدم من المشاهير في التباهي بثرواتهم وأسلوب حياتهم مما أدى الى تشكيل وعي زائف لدى متابعيهم ومحاولة الآخرين تقليدهم ولو بأي ثمن. في أحياء الجيتو الأمريكية وهي أحياء فقيرة حيث تعيش غالبية السكان من الأمريكيين السود, قد يتعرض طفل الى السرقة أو حتى القتل من أجل حذاء رياضي ماركة إير جوردان(Air Jordan) أو حذاء نايكي. حتى أن الكثيرين أصبحوا يمتهنون السرقة, بيع المخدرات وكافة أنواع الأنشطة الغير قانونية في محاولة للوصول الى الثراء السريع بأقصر الطرق حيث ينتهي الأمر بهم إما بالقتل أو السجن.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment