Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, January 4, 2022

قضية كشمير, جبل الجليد الذي لا يُرى إلا قمته

عالم السياسة مثل جبل الجليد الذي نرى فقط قمَّتَه فوق الماء. الصراع بين الهند وباكستان على منطقة كشمير ليس مجرَّد صراع على بضعة كيلومترات هناك وهناك أو صراع له خلفية دينية كما يحاول البعض إختصاره بتلك الصيغة. الصراع في كشمير له خلفية تتعلق بحوض نهر السند(Indus River) والذي يعتبر أطول وأهم نهر في شبه القارة الهندية وباكستان وثالث أكثر الأنهار تدفقا في المنطقة حيث يبلغ طوله ٣١٩٠ كم. وحتى نفهم طبيعة الصراع على كشمير بين الجارتين النوويتين علينا أن نستعرض الخلفية التاريخية للمشكلة. 

في تاريخ ١٥/أغسطس/١٩٤٧ حصلت الهند على استقلالها بعد كفاح طويل كان الزعيم الهندي المهاتما غاندي أحد أبرز رموزه في المقاومة السلمية. ولكن بريطانيا التي ترفض أن تتخلى عن منطقة تستعمرها بدون أن تترك فيها كعب أخيل أقنعت عددا من الطلاب الهنود المسلمين الذين درسوا في جامعات بريطانية منهم الشاعر المشهور محمد إقبال بإعلان الإستقلال يوم ١٤/أغسطس/١٩٤٧ وفق مبدأ السياسة البريطانية المعروفة فرِّق تسد والتي كانت تحقق عده اهداف. أحد هذه الأهداف مع منع قيام دولة قوية موحَّدة وزرع بذور الفتنة بين الهندوس والمسلمين وبين المسلمين والسيخ وبين السيخ والهندوس. 

ولكن منطقة كشمير ليست كعب أخيل الوحيد الذي زرعته بريطانيا في المنطقة بل هناك مشكلة نهر السند ينبع من هضبة التيبت الغربية من جبال كايلاس(Kailas Range) والتي تتبع سلسلة جبال الهملايا ثم يمر في منطقة لداخ(Ladakh) التي تقع في ولاية جامو وكشمير التي تسيطر عليها الهند ثم ينعطف جنوبا الى باكستان حيث يلتقي مع نهر كابول ويستمر في مجراه جنوبا حتى يلتقي مع عدد من الأنهار التي تصب في بحر العرب حيث يشكل دلتا تقع مدينة كراتشي الباكستانية في نهاية المصب الغربية. إنَّ الجزء الذي تسيطر عليه الهند من كشمير يعتبر هو الممر الرئيسي للنهر قبل أن يستمر في مجراه من خلال الأراضي الباكستانية مما يجعل تأثير الخلافات بين البلدين حول مشكلة كشمير مضاعفا.  

إنَّ منطقة وادي البنجاب التي يمر من خلالها نهر السند وتعتمد عليه في الزراعة تعتبر ٢٦ مليون فدان وذلك سنة ١٩٤٨ وبما يزيد عن مساحة الأراضي القابلة للزراعة في الولايات المتحدة بما مقداره ٣ ملايين فدان. خلال فترة الاحتلال البريطاني للمنطقة تم بناء شبكة ري وقنوات ضخمة تعتمد على مياه نهر السند في ري الأراضي الزراعية في مساحات واسعة مما يعرف اليوم الهند وباكستان. بريطانيا التي قبل انسحابها من المنطقة عملت على تقسيمها بطريقة تؤدي إثارة مشاكل مستقبلية ولم يقتصر التقسيم على حدود البلدين بل حتى الموارد المائية. باكستان سيطرت وفق خطة التقسيم البريطانية على أغلب شبكة قنوات وأنابيب الري ولكن الهند كانت هي التي تتحكم في المياه بسبب مرور تفرعات الأنهار التي تغذي نهر السند في الأراضي التي تسيطر عليها. تاريخ ٣١/مارس/١٩٤٨ وحين انتهاء العمل في الإتفاق المؤقت الذي ينظِّمُ حصة كل من البلدين في مياه نهر السند وتفرعاته, أغلقت الهند المياه عن شبكة قنوات رئيسية في باكستان مما أدى الى جفاف أكثر من مليون فدان وحصول مجاعة على نطاق واسع في باكستان.

إنَّ الإتفاق الذي تم توقيعه بين البلدين برعاية دولية والمتعلق بتقاسم حصص المياه قد أعطى باكستان حصة أربعة أخماس كمية المياه التي تتدفق من نهر السند والهند الخُمس. ولكن الهند التي تعاني من الضغوطات من أجل توفير غذاء يكفي سكانها الذين من المتوقع أن يبلغ تعدادهم ١.٥ مليار سنة ٢٠٥٠ قد تجد نفسها غير ملزمة بأن تحافظ على بنود ذلك الاتفاق. باكستان التي تتعرض الى ضغوطات مماثلة قد تجد نفسها في مواجهة عسكرية مع الهند من أجل السيطرة على كامل منطقة كشمير مما سوف يؤدي إلى وقوع حرب إقليمية قد تتحول الى حرب دولية وطوفان من اللاجئين سوف يكون أكبر من أي أزمة لاجئين مرَّ بها العالم. عدد سكان الهند حسب إحصائيات ٢٠٢٠ يقترب من ١.٤ مليار بينما يكاد عدد سكان باكستان يقترب من ٢١٢ مليون حيث سوف يرتفع الى ٢٧٠ مليون سنة ٢٠٢٥ و إلى ٣٥٧ مليون سنة ٢٠٥٠. إنَّ كلا البلدين يعانيان من عدة مشاكل مزمنة مثل الفساد, ازدياد مستوى الفقر, فوضى اجتماعية وصراعات عرقية ودينية حيث سوف يؤدي نقص الغذاء وإنتشار المجاعة على نطاق واسع إلى إحتمال وقوع حرب من البلدين التي سوف تكون المخرج الوحيد للبلدين حيث سوف يفوز المنتصر بالغنيمة كاملة.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment