Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, December 16, 2020

مناقشة حول أسباب إزدهار وإنحطاط الحضارة الإسلامية

هناك حقيقة لايمكن إنكارها وهي أن الإسلام يبقى أكثر الأديان تسامحا حتى في قمة انحطاط الحضارة الإسلامية وأن المسلمين كانوا سادة الدنيا. خلال فترة العصور المظلمة في أوروبا, ازدهرت التجارة والفنون والعلوم والثقافة وكافة أنواع المعارف وكانت مدن مثل قرطبة, بغداد ودمشق حواضر تشع تسامحا وعلما وحضارة.  جامعة القرويين في مدينة فاس المغربية هي أقدم جامعة في العالم حيث تم تأسيسها سنة 859 ميلادي بمبادرة من سيدة مغربية ثرية تدعى فاطمة الفهري. كما أن أول جامعة أسسها المسلمون في أوروبا هي جامعة سالرنو والتي تم تأسيسها سنة 1050 ميلادي وليس جامعة بولونيا التي تم تأسيسها سنة 1088 ميلادية. الملكة إيزابيلا قامت بتدمير الحمامات في الأندلس وهي من المشهور عنها أنها لم تستحم في حياتها إلا مرتين. بل وكان رائحة الأوروبيين النتنة هي السبب في شهرة العطور الفرنسية التي تم اختراعها من أجل التغطية على رائحتهم التي لاتطاق.

إن دور الإنحطاط الذي عانت منه حضارات العالم لا يلغي مساهمتها في تقدم الإنسانية في مجالات العلوم والفنون ومجالات أخرى. وما تعاني منه الحضارة الإسلامية ليس من أمر بجديد كل المطلعين على تاريخ الحضارات ودور ازدهارها وانحطاطها. ولكن الحضارة الإسلامية تمرض ولكنها لاتموت, تضعف ولكنها لا تسقط. وحتى أيامنا هذه مازالت علامات تلك الحضارة شاهدا عليها مثل قصر الحمراء في الأندلس كما أن الكولوسيوم في العاصمة الإيطالية روما مازال شاهدا على حضارة الإمبراطورية الرومانية والأهرامات في مصر شاهد على تقدم الفراعنة ورقي حضارتهم. ولو
أننا يتوجب علينا أن نأخذ على القياس الأخبار التي تؤرخ غريب الأخبار خلال دور ازدهار أو انحطاط الحضارة الإسلامية لكان بالأولى الأخذ بأن الإمبراطورية الرومانية قامت على الغزو والسلب والنهب لشعوب وأمم أخرى وأن آلاف العبيد والمصريين قد كانوا ضحية العبودية والسخرة في بناء صروح الحضارة الفرعونية وأن المسلمين لم يكونوا ضحية محاكم التفتيش الوحيدة في أوروبا بل إن المسيحيين ممن تصفهم الكنيسة بأنهم مهرطقون قتلوا بعشرات الآلاف وأحرقوا أحياء وتم تعذيبهم في الأقبية والسجون.

إن الانقسامات العرقية والطائفية والمطامع الشخصية هي السبب في دور الانحطاط الذي تعيشه الحضارة الإسلامية منذ سقوط الأندلس حتى يومنا هذه. ولكن مرة أخرى ذلك ليس بأمر من المستحدثات في تاريخ الحضارات حتى الأوروبية التي عانت من الانقسامات الطائفية والدينية والعرقية ومن الحروب الدموية خصوصا الحرب العالمية الأولى والثانية ولكنها نجحت في تجاوزها بسبب تطور الفكر الأوروبي وهي عملية تمت عبر آلاف السنين بدأت بحضارة ولدت منحطة وبدائية وخالية من أي قيم أخلاقية وإنتهت الى ماهي عليه في عصرنا الحالي. بينما الحضارة الإسلامية على العكس تماما, بدأت بدستور أخلاقي ينظم حياة الإنسان في كافة المجالات حتى قبل ظهور الإسلام وإنتهت الى ما إنتهت عليه من انحطاط سببه الأول التخلي عن الأخلاق. إن مقارنة بسيطة في معاملة صلاح الدين الأيوبي للمسيحيين والصليبيين عند استرداد بيت المقدس والمذابح البشعة التي قام بها الصليبيون في المدينة سنة 1099 وازدهار الحضارة الإسلامية في الأندلس واستيعابها جميع مكونات المجتمع خلال 800 سنة سوف  يختصر الجانب الأخلاقي في مسألة عدالة المسلمين وتسامحهم مع خصومهم. 

وفي الختام أرى أن البعض قد يستخدم الحجة الواهية بأن المسلمين فعلوا كذا وكذا وفي عهد الخليفة الفلاني حصل كذا وأن الجيوش الإسلامية قد فعلت وارتكبت مقتلة عظيمة في هذا البلد أو ذلك وهي الأمور التي من الممكن الرد عليها بأن المسلمين لم يكونوا مثاليين وأن الكمال لله وحده وأن الفراعنة والرومان والفرس وجميع الدول والممالك والإمبراطوريات يسري عليهم ما يسري على المسلمين وحضارتهم. إن تأثير الحضارة الإسلامية في البلدان التي استقر فيها المسلمون وتعاقبوا على حكمها فترات زمنية طويلة هو أمر لايمكن إنكاره وحيث أنه حتى يومنا هذا مازالت أبراج الكنائس في أسبانيا التي تم تصميمها وفق الطراز الإسلامي المعماري لمآذن المساجد أحد الشواهد. ولو كان النصر حليف المسلمين في معارك فاصلة مثل معركة بلاط الشهداء أو معركة حصن العقاب لكان حال أوروبا سوف يكون مختلفا تماما لما ذكرته من تعاقب أدوار ازدهار الحضارة الإسلامية وانحطاطها ولنا في الأندلس خير مثال على ذلك. وحتى يومنا هذا, هناك موكب عسكري واحتفالي يقام بتاريخ 20/يوليو تاريخ معركة حصن العقاب حيث يتم إخراج راية الموحدين والطواف بها ابتهاجا بذلك النصر الحاسم الذي تحقق لجيوش الممالك الإسبانية والذي كان بداية النهاية للتواجد الإسلامي في الأندلس.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment