Flag Counter

Flag Counter

Sunday, October 25, 2020

هل كان جمال عبد الناصر عميلا أمريكيا؟

كنت قد قرأت نقلا عن مايلز كوبلاند في كتاب "لعبة الأمم" أن الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر كان عميلا للولايات المتحدة ودولة الكيان الصهيوني. أحزاب الإسلام السياسي وعلى رأسها حزب الإخوان المسلمين تلقفت الكتاب وروَّجت له أكثر من مؤلف الكتاب نفسه. الكتاب أثار الكثير من الجدل بسبب طبيعة عمل مؤلفه وصلاته في داخل دوائر المخابرات وصنع القرار في الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى. ورغم أنه هناك عشرات الكتاب التي تتحدث عن عمالة تنظيم الإخوان المسلمين لدول غربية وتآمرهم مع تلك الدول ضد القوى التقدمية في الوطن العربي, إلا أنهم ينفون صحة تلك الكتب و يهاجمونها ويطعنون في مؤلفيها.

ولكن كتابا بعنوان "لعبة الشيطان" نشر سنة 2006 من تأليف الصحافي الأمريكي روبرت دريفوس نفى روايات كوبلاند وروى القصة من وجهة نظر مختلفة. الولايات المتحدة وبريطانيا حاولتا الإطاحة بجمال عبد الناصر بالتعاون مع الإخوان المسلمين وأن حادثة المنشية الشهيرة تمت بمعرفة الأجهزة الأمنية البريطانية والأمريكية التي كانت على علم مسبق بها. ولا يوجد مايؤكد كلام مايلز كوبلاند من أرشيف الأجهزة الأمنية في كلا البلدين من أن عبد الناصر تم تجنيده من الأجهزة الأمنية البريطانية والأمريكية قبل الثورة. ولكن عبد الناصر ذو التوجهات القومية كان يعتبر تهديدا لمنابع النفط في المملكة العربية السعودية خصوصا عبر تدخله في اليمن وذلك أمر لم تنظر اليه الولايات المتحدة بعين الرضا.

جمال عبد الناصر لم يكن شيوعيا وكذلك رئيس وزراء إيران محمد مصدق واجه تهما بأنه شيوعي بسبب قيامه بتأميم صناعة النفط في إيران, بروباغندا إعلامية مصدرها دول غربية ضد أي شخصية سياسية تهدد مصالحها. حتى أنه يشاع أن شاه إيران محمد رضا بهلوي في أواخر فترة حكمه بدأ بمطالبة شركات النفط الغربية بزيادة حقوق الملكية الحكومية من عائدات النفط. هناك من يقول أن الولايات المتحدة تتخلى عن حلفائها ولكن ذلك لم يكن صحيحا على الدوام. رئيس تشيلي السابق أوغستو بينوشيه بقي متمتعا بالحماية الأمريكية حتى وفاته سنة 2006 على الرغم من أنه مسؤول عن قتل وإختفاء آلاف من مواطني تشيلي.

حتى الرئيس صدام حسين تم اتهامه بأنه عميل أمريكي وقبل كلام نقلا عن الرئيس المصري جمال عبد الناصر أنه كان يعلم بإرتباط صدام حسين بأجهزة أمنية أجنبية, أمريكية تحديدا وأن كتابا من تأليف خالد جمال عبد الناصر ذكر أن اللاجئ العراقي في مصر صدام حسين زار الرئيس المصري في مكتبه برفقة جورج بوش الأب الذي كان يشغل منصب رئيس السي أي إيه. مع ملاحظة أنه لايوجد نسخة واحدة متوفرة للكتاب ويقال أنه إختفى من الأسواق أو تم إخفائه. كل رئيس بعثي أو قومي يتبنى قوانين تعارض المصالح الأمريكية والأجنبية مثل تأميم الشركات أو قوانين الإصلاح الزراعي, سوف يتم شن حملة إعلامية غربية مضللة ضده بالتعاون مع أحزاب الإسلام السياسي وعلى رأسهم حزب التحرير وحزب الإخوان المسلمين. صدام حسين لم يكن عميلا أمريكيا لأنه من المستحيل أن يتم تنصيب رئيس بموافقة أمريكية حتى يقوم بتأميم صناعة النفط وذلك ما قام به صدام حسين سنة 1972. حتى الرئيس الليبي معمر القذافي لم يسلم من تلك الاتهامات بالعمالة لدول غربية. بل وتم تلفيق قصة غريبة بأن والدته يهودية وأن أختها تعيش في دولة الكيان الصهيوني. وربما كان للرئيس الليبي السابق بعض الأمور الغريبة, ولكنه مرة أخرى, طرد القواعد العسكرية الأمريكية من ليبيا وقام بتأميم صناعة النفط الليبية وكان مقربا من الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر وحاول في أواخر أيامه تحريض دول إفريقية بيع ثرواتها الطبيعية خصوصا النفط مقابل الدينار الذهبي الإفريقي حصرا.

المرحلة الناصرية هي مرحلة زمنية إنقصت ومن الخطأ الحكم عليها وفق معايير غير موضوعية تخضع للهوى والعاطفة. الرئيس المصري ونظام حكمه كان لهم إيجابيات وسلبيات ولم يكن الرئيس المصري ملاكا وفي عالم السياسة, لا مكان للملائكة. الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة, بريطانيا وفرنسا مهتمة وعبر وسائل الإعلام المختلفة مهتمة بتشويه صورة رموز عربية شغلت مساحة مهمة من تاريخ وذاكرة المنطقة العربية جيلا بعد جيل وذلك أمر خطير هدفه إفراغ وعي المواطن العربي وذاكرته بهدف استبدال ذلك برموز وقيم غربية. جمال عبد الناصر, صدام حسين ومعمر القذافي تجاوزوا خطوطا غربية وأمريكية حمراء أكثر من مرة وكانت نهايتهم دراماتيكية ومحزنة ولكنها في بعض الأحيان شجاعة, دفعوا ثمن أخطائهم أحيانا وثمن تحديهم للهيمنة الأمريكية في المنطقة أحيانا أخرى. الإعلام الغربي لن يكشف عن عملائه الحقيقيين ولن تقرأوا عنهم في وسائل الإعلام الغربية.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment