Flag Counter

Flag Counter

Monday, August 10, 2020

مملكة الإنسانية, مدينة نيوم وتكميم الأفواه

أصبحنا نسمع ونقرأ ونشاهد على مواقع التواصل الإجتماعي ومواقع مشاركة الفيديوهات مثل يوتيوب قصصا تجعل الشخص يشعر أنه يعيش في حقبة العصور الوسطى حيث أمراء الحرب وانعدام القانون. ملوك ورؤساء ومسؤولين حكوميين يتصرفون كأنهم في حرب صليبية مقدسة ضد المواطن. في السابق, كان إعتقال النساء حتى بسبب جريمة تم ارتكابها يتم في أضيق نطاق ومع الكثير من المحاذير تشمل عدم تعاطي شرطيين من الذكور مع المعتقلة. وقلما كنا نسمع عن إعتقال إمرأة من أجل إجبار زوجها على تسليم نفسه أو إعتقال أفراد من أسرة معارض هارب للخارج من أجل إجباره على العودة. القرآن يقول: أنه لا تزر وازرة وزر أخرى, ولكن الوازرة أصبحت  تزر وزر الأخرى عند الحكومات العربية وأجهزتها الأمنية خصوصا زوار الليل. في دولة عربية وفي إطار جهود حكومية من أجل إصلاح الأجهزة الأمنية, تم منع الإعتقالات الليلية. ولكن في النهار, يدخلون المنازل بدون مذكرات ويخربون المنزل بحجة التفتيش ويعتقلون شخص ما لأشهر بدون رؤية محامي ومنعه من الزيارة.
المشكلة مع السعودية أنهم يقومون بكثير من الدعاية والبروباغندا من أجل تلميع صورة المملكة أمام الرأي العام العالمي وينفقون في سبيل ذلك مبالغ طائلة. كما أن نسبة مؤثرة من تلك الدعاية هي ضد دول أخرى لا تتفق مع مواقف المملكة السياسية. أجهزة الإعلام السعودية تثير الكثير من الضجة وبالتالي تجذب الكثير من الإنتباه والانتقاد. 
خلال الفترة التي سبقت رفع الحظر عن قيادة المرأة في السعودية, تم شن حملة اعتقالات ضد عدد كبير من الناشطات ممن كن يطالبن برفع الحظر, فزورة لايمكن أن تقوم على تفسيرها إلا الحكومة السعودية. لجين الهذلول هي إحدى تلك النشاطات التي تحولت قضيتها الى فضيحة دولية ولم يفرج عنها حتى هذه اللحظة. لجين تعرضت في عدة سجون سعودية تنقلت بينها الى الإهانة والتعذيب خصوصا الصعق بالكهرباء والتحرش الجنسي. كما تم الضغط على زوجها فهد البتيري من أجل تطليقها. رائف بدوي لم يمنح معاملة تفضيلية مثل معتقلي الريتز كارلتون بل حكم عليه عشرة سنين والف جلدة بسبب تأسيسه المنتدى الذي أنشر فيه هذا الموضوع وبسبب آرائه حيث أنه متهم بالإسائة  الى الإسلام وهي تهمة لم مطاطية, كليشيه يتم إستخدامها ضد كل من ينقد الحكومة السعودية. وحتى تضع الملح على الجرح, قامت السلطات السعودية باعتقال سمر بدوي, شقيقة رائف بدوي. وقد قامت الحكومة السعودية في السابق بإعتقال وليد أبو الخير, زوج سمر بدوي.
من متابعتي لكثير من مواقف أولئك المعتقلين, لست أتفق معهم في الأسلوب خصوصا الإستقواء بجهات خارجية مثل الناشطة منال الشريف التي كتبت أكثر من مرة الى وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون وطالبتها بالتدخل في شأن داخلي سعودي. ولكن إنتفاء أسباب سجنهم يجب أن يؤدي الى إطلاق سراحهم خصوصا بعد رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة وتأسيس هيئة الترفيه وقرب افتتاح قاعات السينما وأخبار عن إلغاء نظام الولاية على المرأة, أمور كانت تعتبر مطالب أساسية لأولئك المعتقلين. إن إعتقال أولئك الأشخاص وأمثالهم ليس فقط في السعودية بل في بلدان أخرى في الوطن العربي يعني أن أنظمة الحكم هشَّة وتخاف من مجرد تغريدة في تويتر أو مشاركة على الفيسبوك أو موضوع على مدونة وبدلا من رفع مستوى معيشة المواطن والخدمات المقدمة له, تختار الحل الأسهل وهو وضعه في المعتقل.
ربما كان على الحكومة الكندية أن تكون أكثر دبلوماسية في تعاملها مع السعودية لأنهم في النهاية لهم مشاكلهم خصوصا مع السكان الأصليين. ولكن عقد مقارنات بين السعودية وكندا أثار ضحكي حيث تميل الكفة لصالح الأخيرة وحيث يمكن للمواطن الكندي إختيار رئيس وزراء ونواب في البرلمان كل أربع سنوات, وانتقاد المسؤولين الحكوميين على وسائل التواصل الإجتماعي بدون الحاجة الى إخفاء هوياتهم. زوجة رائف بدوي مازالت تقيم في كندا مع أولادها الثلاثة. وقد أصبح من الواضح أن كندا ليست دولة يسهل الافتئات عليها وليست لقمة سائغة وأن كل تهريج الإعلام الحكومي السعودي لم يهز شعرة واحدة في رأس رئيس الوزراء الكندي أو أصغر مسؤول حكومي كندي. بل قامت الحكومة الكندية بتوجيه صفعة تلو الأخرى للسعودية خصوصا بعد الإستقبال الإحتفالي الذي لقيته رهف القنون التي فرَّت من أهلها ووجدت ملجأ لها في كندا.
المستعرب الياباني  نوبوأكي نوتوهارا كتب مستهجنا في كتابه "العرب وجهة نظر يابانية" الإهمال الشعبي الذي يلاقيه المعتقلون السياسيون والناشطون الحقوقيون وكأنهم كانوا يناضلون من أجل قضايا خاصة وليس من أجل تحسين حياة القطاع العريض من الجماهير. وأنا في الحقيقة أستغرب أنه في الموقع الذي أسسه رائف بدوي, لا يتم الكتابة عنه أو التذكير بما تعرض له هو وغيره من المعتقلين مثل شقيقته ولجين الهذلول وغيرهم الكثير ممن غيَّبتهم السجون حتى يومنا هذا. من أجل هؤلاء كتبت هذا الموضوع.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment