Flag Counter

Flag Counter

Friday, January 3, 2020

الإعلام القطري والسعودي والأزمة السورية, الهبوط الى جهنم

أدت الأحداث التي حصلت في سوريا نهاية العام 2010 وبداية العام 2011 الى انقلاب كامل في المفاهيم والمصطلحات لعب فيها الإعلام الغربي والنفطي, خصوصا السعودي والقطري, دورا رئيسيا. أحد أهم المفاهيم التي حاول الإعلام المضلل أن يقنع المتابعين بها أن الأزمة في سوريا مجرد مواجهة في إطار الربيع العربي بين متظاهرين سلميين يرغبون في التعبير عن رأيهم ونظام ديكتاتوري طائفي. بينما أنه  في ذلك الإطار تم تحوير وتقزيم الحقيقة حول الأحداث التي بدأت تعصف في سوريا, تهميش دور تركيا, قطر ودول عربية وغربية في تقديم الدعم اللوجستي والتمويل في محاولة نزع صفة النزاع الكوني عن الأزمة السورية. الأدوار التي لعبتها السعودية وقطر كانت محورية عبر تسخير فتاوى رجال دين بارزين من أجل شيطنة نظام الحكم في سوريا بوصفة طائفي, مقيت واستبدادي وتم تقديم الأعمال الوحشية التي كان يقوم بها مسلحون إسلاميون راديكاليون على أنها شهادة خلاص للسوريين.
ولكن لماذا سوريا بشكل خاص مستهدفة من قبل دول غربية وأدواتها من أحزاب الإسلام السياسي والراديكاليين الإسلاميين؟
الإسلام الراديكالي والذي يسعى الى إقامة خلافته المزعومة التي تحدثت عنها كتب التراث والتي من المفترض أن سوف تشمل العالم بأكمله يعتبر سوريا الكبرى أو مايعرف بإسم بلاد الشام حجرة عثرة في سبيل إعادة دولة الخلافة التي أسقطها الزعيم التركي مصطفى كمال أتاتورك رسميا سنة 1924. سوريا دولة ذات بعد حضاري وثقافي وديني حيث كانت دمشق عاصمة دولة الخلافة الأموية التي بسطت سيطرتها على رقعة شاسعة من العالم القديم. مدينة دمشق كانت عاصمة الدولة العربية الكبرى التي وعدت بريطانيا العرب بأنها سوف تدعم إقامتها على أنقاض دولة الخلافة العثمانية وقلب العروبة النابض. وفي الأساطير الدينية, مركز قيادة المسلمين يوم المعركة الفاصلة(الملحمة) بين قوى الخير والشر في الغوطة من ريف دمشق ومكان المعركة الفاصلة هو منطقة قرب مدينة حلب تدعى مرج دابق. كما أن عيسى إبن مريم سوف ينزل عند المنارة البيضاء في مدينة دمشق. سوريا تعتبر معقلا للفكر القومي العربي واكتسبت أهمية ومكانة لايمكن أن تجاريها فيها أي دولة عربية أخرى. سوريا هي دولة فاعلة ومؤثرة على الساحة الإقليمية والدولية حيث لايمكن فرض حل سياسي في الوطن العربي بدون موافقة ودعم سوريا. وقد التقت مصالح الإسلامويين الدمويين مع مصالح الدول الغربية في سوريا  حيث موقعها المتميز عقدة نقل خطوط الطاقة الى أوروبا. كما أن سوريا تتموضع فوق احتياطيات ضخمة من الطاقة يسيل لها لعاب الشركات الغربية.
إن وصف الإحتجاجات في سوريا بأنها ذات طابع سلمي هو إحتقار للحقيقة, المظاهرات المُنَظمة التي كانت بدايتها في مارس/آذار ترافقت مع أعمال شغب وحرق للممتلكات العامة والخاصة خصوصا الدوائر الحكومية والمصانع والمؤسسات بما ينفي عنها صفة السلمية. وقد كان وصف المظاهرات بأنها سلمية هو عبارة  عن لعبة بروباغندا إعلامية بينما كانت المعارضة السورية تقوم بتكديس السلاح خلال الفترة التي سبقت الأحداث. أول مظاهرات في مدينة جسر الشغور كانت في شهر أبريل/نيسان ثم تبعتها مواجهات في شهر يونيو/حزيران قتل خلالها 8 من قوات الأمن وأعقبها هجوم قوات المعارضة المسلحة على مركز أمني في جسر الشغور في يونيو/حزيران وقتل وتشويه جثث جميع العناصر الذي كانوا يدافعون عنه بعد نفاذ ذخيرتهم وفشل قوات حكومية في نجدتهم بعد نصب كمائن من قوات المعارضة المسلحة. تطور سريع خلال ثلاثة أشهر من السلمية الى القدرة على محاصرة مراكز أمنية حكومية ونصب كمائن أثبتت فاعليتها حيث لايمكن أن يقوم بتلك الأعمال متظاهرون سلميون تطورت قدراتهم بشكل معجزي خلال فترة زمنية قصيرة عبار عن 3 أشهر.
الإعلام النفطي خصوصا السعودي والقطري تجاهل كل ذلك وقام بالتركيز على أن قوات الأمن تطلق النار على متظاهرين سلميين. وسائل الإعلام النفطية مثل الجزيرة والعربية تجاهلت مظاهرات ضخمة مؤيدة للرئيس السوري في مدن دمشق وحلب ونشرت مزاعم كاذبة أن المتظاهرين تم تهديدهم من أفراد الأمن وأجبروا على الخروج في تلك المسيرات المؤيدة. وسائل الإعلام المعارضة والقنوات الدينية وجهت تهديدات مبطنة الى سكان المدينتين على لسان رجال دين مقيمين في السعودية مثل السوري عدنان العرعور بالإنتقام منهم بسبب عدم ولائهم للثورة المزعومة. كما صدرت تهديدات صريحة الى الأقليات على لسان عدنان العرعور بفرم لحوم السوريين من الأقليات مثل المسيحيين وإطعامها للكلاب بسبب عدم مساندتهم لأعمال التخريب التي كانت تتخذ من المظاهرات غِطاءً لها. ولكن وسائل إعلام غربية وعربية تجاهلت في إزدواجية وقحة دعوات طائفية أطلقها خلال المظاهرات أشخاص مثل عبد الباسط الساروت في حمص حيث دعا الى طرد المسيحيين الى لبنان وإبادة سكان سورية من المنتمين الى الطائفة العلوية. وسائل إعلام تتبع المعارضة السورية استمرت في إطلاق أوصاف مثل بلبل الثورة السورية على عبد الباسط الساروت الذي كان يعمل حارس مرمى نادي الكرامة السوري قبل بداية الأحداث.
في الختام, إطلاق وصف الحرب الأهلية على الأحداث التي حصلت في سوريا هو جزء من عملية التضليل الإعلامي حيث كان يعتبر أحد أهم أهداف تلك الحملة إقناع المتابعين بذلك وتقديم قرار الى الأمم المتحدة من أجل التدخل الإنساني على غرار القرار (1973) حول ليبيا والذي تم إستخدامه من أجل غزو ليبيا عسكريا. إطلاق صفة الحرب الأهلية على الأحداث في سوريا يعني أن ساحة المواجهة في سوريا تم تقسيمها الى نصفين: النصف الأول مؤيد للرئيس السوري بينما النصف الثاني معارض له وذلك منافي للواقع. الإشكالية السياسية حول مسألة الحرب الأهلية بسيطة للغاية, حكومة ذات شرعية محلية ودولية يدعمها أغلبية السكان عن (قناعة أو خشية مما هو أسوأ) بينما المعارضة السورية عبارة عن تشكيلات عسكرية مسلحة أغلب أعضائها من المرتزقة الأجانب حيث بدا ذلك واضحا من عملية الاستيلاء على مطار تفتناز في ريف إدلب سنة 2013, فقد كان جميع قادة الفصائل المسلحة التي هاجمت المطار من المرتزقة الأجانب.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment