Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, December 25, 2019

كلاكيت مرة ثانية, الصين ومشكلة المسلمين الإيغور

لعلها مجرد صدفة أن يتم إثارة الزوابع الإعلامية ضد الصين من زاوية بورما والمسلمين الإيغور في مقاطعة سنجان(شينجيانغ) حيث أغلبية السكان في تلك المقاطعة هم من الإيغور وإن كانوا يشكلون أقلية في دولة الصين مترامية الأطراف التي يزيد عدد سكانها عن مليار نسمة. كمية الضخ الإعلامي المتزامن على كافة الجبهات والأصعدة يؤكد أن هناك حملة إعلامية منظمة ضد الصين بدأت بالتصعيد مع تصاعد حدة الخلافات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتبادل فرض التعرفات الجمركية والتلويح بعصا العقوبات. برامج تلفزيونية وقنوات يوتيوب وصحف ووسائل إعلام ومواقع إنترنت تتحدث بشكل مستمر عن مشكلة الإيغور المسلمين في الصين. دعوات الى مقاطعة المنتجات الصينية. حتى أن مسألة الإيغور كانت حاضرة على مائدة النقاش في القمة الإسلامية المصغرة التي عقدت في العاصمة الماليزية كوالالمبور.
بداية, الصين دولة ذات مساحة شاسعة مترامية الأطراف وعدد سكان يتجاوز مليار نسمة. وبالتالي, فإن المشاكل التي تواجهها الصين توازي حجمها الجغرافي ودورها الجيوسياسي في العالم. يقال أن كرسي الحكم له شياطينه والصين ليست دولة فاضلة ولا يوجد مفهوم المدينة الفاضلة ولايمكن إستمرار أي نظام حكم لو حاول أن يجعل من دولته مدينة فاضلة لأنه لايمكن إرضاء جميع الناس. لايمكن للحكومة الصينية, والصين فيها 55 أقلية عرقية معترف بها, أن تمنح الحرية من أجل مطالبات انفصالية تحت مزاعم الإضطهاد أو أن تلك الأقلية تعتبر في منطقة ما من الصين أغلبية سكانية. من الصعب معرفة الحقيقة المطلقة فيما يتعلق بمشكلة الإيغور في الصين والروهينجا في بورما, وهي مشكلة يتم توجيه أصابع الاتهام الى الصين رغم بورما دولة مستقلة ذات سيادة ومشكلة الروهينجا مسألة داخلية.
قناة الجزيرة القطرية والتي تعتبر الذراع الإعلامي لتنظيم الإخوان المسلمين وأداة من الأدوات الإعلامية للولايات المتحدة في الوطن العربي عرضت مقابلة مع ناشط أيغوري يُزعَم أنه من الناجين من معسكرات الإعتقال المزعومة أجاز لزوجته وشقيقته الإنتحار بينما تم الترويج إعلاميا لدعوات أطلقها لاعب كرة القدم الألماني من أصل تركي مسعود أوزيل بمقاطعة المنتجات الصينية. دعوات مسعود أوزيل لقيت تأييدا من قناة الجزيرة خصوصا من لاعب كرة القدم المصري محمود أبو تريكة الهارب الى قطر والمتهم بدعم تنظيمات إرهابية. المطربة اللبنانية إليسا المشهورة بلقب مطربة الشرشف غرَّدت تأييدا للمسلمين الإيغور. وحتى وزير الخارجية الأمريكي  مايك بومبيو دخل على الخط وعبر عن تعاطفه مع مسلمين الإيغور في الصين في الوقت نفسه الذي تقوم بلاده بالتدخل في شؤون دول أخرى حيث يسقط آلاف الضحايا بسبب ذلك. بل هناك وسائل إعلامية مغرمة بأخبار الإثارة جعلت الأمر يبدو على أنه صراع نفوذ إسلامي-بوذي له طابع ديني وإقتصادي.
تلك النوعية من الحملات الإعلامية التي تحاول تضخيم مشكلة ما وإعطائها أبعادا أخرى خصوصا سياسية  أصبحت أمرا مألوفا ومكشوفة للجميع. مشكلة الفلسطينية إسراء غريب التي تعرضت للقتل على يد أفراد من أسرتها هي مثال على تلك النوعية من الحملات الإعلامية المنظمة والمنسقة والتي لايمكن أن تتخذ صفة العشوائية. فعلى الرغم من أن التحقيق في قضية إسراء الغريب قد إنتهى وأعلنت نتائجه علنا في مؤتمر صحفي وتم تحويل الفاعلين المجرمين الى القضاء إلا أن بعض اليوتيوبرز ممن يرغبون في المزيد من الشهرة والمغرمون بالأضواء وزيادة اللايكات والتعليقات على فيديوهاتهم, مازالوا مصرين على الحديث عن تلك القضية رغم أن 99% منهم لايقيمون في فلسطين أو في المدينة حيث وقعت تلك الجريمة النكراء. مثال آخر هو أقلية الروهينجا في بورما حيث كمية الهراء التي يتم ضخها في الإعلام وحجم التضليل الإعلامي حيث أن أغلبية الصورة التي تذرف عليها دموع التماسيح ويتم الترويج لها أنها جرئام ضد المسلمين في بورما ليس لها أي علاقة من بورما لا من قريب ولا من بعيد. مشكلة المسلمين الإيغور هي أحد الأمثلة على حملات إعلامية منسقة وممولة جيدا يتم استغلالها من أجل أهداف سياسية.
الحملة الإعلامية ضد الصين بسبب مشكلة الإيغور تذكرني بحملات إعلامية ضد سوريا تم إطلاقها مع إنطلاق أحداث ربيع الدجال ونتنياهو حيث يتم توجيه الاتهامات للحكومة السورية انها حكومة أقلية تضطهد أغلبية السكان من المسلمين السنة وتم إرسال آلاف المغفلين الى حتفهم وتم تجميع كل مرتزقة ومجرمي الكرة الأرضية من أجل نصرة المظلومين في سوريا. حتى أن دعوات الجهاد المزعوم في سوريا وصلت الى دولتي جزر القمر وجزر المالديف ونيجيريا. الحملة الإعلامية ضد سوريا يجمعها عامل مشترك مع تلك التي يتم توجيهها ضد الصين وهو اللعب على وتر العواطف الدينية والإبادة العرقية. حتى الأمريكية من أصول أفغانية  فيروزة عزيز والتي لم أسمه بإسمها من قبل قد أصبحت مشهورة بسبب فيديو عن مزاعم اضطهاد مسلمي الإيغور في الصين. كل من يريد أن يستحم بأضواء الإعلام وينال نصيبه من الشهرة أصبح يتحدث عن مسلمي الإيغور في الصين كأنه شاهد عيان رغم أنه يعيش على بعد آلاف الأميال. ولكن لا أحد يتحدث عن الأعمال الإرهابية التي قام ومازال يقوم بها بعض من مسلمي الإيغور حيث يروعون السكان الآمنين ويستهدفون الحكومة الصينية. وقد تكون بعض الروايات حول ما يتعرض له الإيغور في الصين صحيحة ولكنها مشكلات لايخلو منها أي بلد حتى لو كان بلدا غربيا مثل الولايات المتحدة التي فيها أكبر نسبة سجناء مقارنة بعدد السكان من دولتي الصين وروسيا مجتمعتين. مايك بومبيو لم يتضامن مع ضحايا الإرهابيين في سوريا وضحايا الإحتلال الصهيوني في فلسطين وهو عامل مشترك مع مسعود أوزيل ومحمد أبو تريكة الذين لم يتضامنوا ولم يذكروا ضحايا التنظيمات الإرهابية في سوريا وكأنها لاوجود لها. مسعود أوزيل أو محطة الجزيرة يخفون الحقيقة أن القوات الحكومية في بورما تواجه تمردا مسلحا من مسلمي الروهينغا منذ سنة 1947 وكذلك من أقلية الكارين المسيحية.
لايمكن قبول وجهات نظر مزدوجة أو انتقائية على أنها تمثل الحقيقة فيما يتعلق بمسألتي الإيغور في الصين والروهينجا في بورما. منظمات حقوق الإنسان التي أدانت الصين فيما يتعلق بمسألة الإيغور أو تقديمها الدعم الى حكومة بورما هي نفسها التي تتغاضى عن جرائم دولة الاحتلال الصهيوني في حق الفلسطينيين والجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العالم ومازالت. تقارير دعائية لا تستند الى معلومات موثقة ذات مصداقية حول إغتصاب النساء في معسكرات إعادة التأهيل أو كما تزعم وسائل إعلام غربية وعربية أنها معسكرات إعتقال على الطريقة النازية ليس إلا تقارير مضللة لها سوابق في الماضي في دول أخرى. وأنا هنا أستحضر على سبيل المثال قضية الليبية إيمان العبيدي التي زعمت أن أفرادا من كتائب القذافي إغتصبوها جماعيا ليتبين فيما بعد أنها كاذبة وأنها إمرأة ذات سمعة مشبوهة وأنها قد تلقت المال مقابل قيامها بتمثيليتها الشهيرة أمام الصحفيين الأجانب في فندق ريكسوس في العاصمة الليبية طرابلس. حتى كوريا الشمالية تتعرض الى حملات إعلامية يتم خلالها تزييف الحقائق بل تأليف كتب كاملة تعتمد على شهادات غير موثقة وأدلة تنقصها المصداقية. الصحافة الغربية اعترفت على استحياء أن كتاب "المعسكر 14" اعتمد على بعض المعلومات الغير حقيقية أو المبالغ فيها, ولكن الحقيقة أنه كتاب مكذوب من بدايته الى نهايته. وسائل الإعلام الفرنسية خصوص فرانس-24 تتهم الصين بأنها تقدم الدعم الى الحكومة البورمية للحفاظ على مصالحها الإقتصادية. ولكن في الوقت نفسه لا توضح تلك الوسيلة الإعلامية الحكومية سبب تواجد قوات فرنسية في دولة مالي ومن كانت الجهة التي تلقت الدعم من فرنسا في جمهورية إفريقيا الوسطى.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والمعرفة

النهاية

No comments:

Post a Comment