Flag Counter

Flag Counter

Tuesday, November 4, 2014

العولمة وتأثيرها على النمو الإقتصادي وإرتفاع النزعة القومية لبعض الدول

في عالم تهيمن عليه مفاهيم العولمة وتحرير التجارة وإتفاقيات الجات فإن أي مشكلة في بلد معين سوف تنتشر عبر الحدود وتؤدي إلى تأثيرات في البلدان المجاورة,  إحدى تلك المشاكل هي النزعة القومية(Nationalism).
تصاعد النزعة القومية يرجع إلى الطفرة الإقتصادية في الكثير من البلدان حيث دخلت منظمات حكومية وغير حكومية ضمن مفهوم ونطاق العولمة ومع تشعبها وإزدياد نفوذها يصبح التوفيق بينها من أجل سياسة موحدة أصعب مع الوقت.
سوف نأخذ مثالا على اليابان و الصين وتايوان حيث يرى الكثير من الصينيين أنه على حكومة بلادهم أن تغزو تايوان في حالة أعلنت الأخيرة إستقلالها. أما بالنسبة لليابان فإن الكثير من الصينيين مازال لديهم ذكريات مريرة من الغزو الياباني للصين وإحتلاله أجزاء واسعة منها, حتى الجيل الصيني الشاب ممن لم يعايشوا الإحتلال الياباني تتصاعد لديهم تلك النزعة القومية.
هناك مجموعة عوامل في الصين قد أدت إلى تصاعد النزعة القومية منها الثقل السكاني الذي تتماع به الصين, زيادة معدل توزيع الدخل بالنسبة للفرد, ثروات طبيعية, قوة عسكرية وصناعية يضاف إليها ٤٠٠ مليون شخص تم إنتشالهم من خط الفقر في الصين وذالك بفضل السياسات الإقتصادية للحكومة الصينية. السياسة التعليمية للحكومة الصينية تساهم أيضا في زيادة النزعة القومية وخصوصا مع إنتشار التعليم بالتوازي مع بروز الصين كقوة صناعية حيث إزدادت الحاجة إلى عمالة مؤهلةحيث من المؤكد أن المناهج التعليمية في الصين لا تبرز اليابان بشكل إيجابي ولا تتلكم عن تايوان إلا بوصفها مقاطعة صينية.
من الممكن دراسة أمريكا كمثال على تصاعد النزعة القومية حيث أن أمريكا أكثر تنوعا من الناحية العرقية من الصين حيث قد تجد مواطنين أمريكيين من أصول أفريقية وأسيوية وشرق أوسطية ومن أمريكا اللاتينية وليس هناك بلد في العالم إلا لديها ألاف من مواطنيها يقيمون في أمريكا ويحملون جنسيتها.
في كتب التاريخ الأمريكية التي تدرس لطلاب المدارس والجامعات وحتى الكتب التي يضعها مؤرخون أمريكيون, فإننا نجد أنه يتم التكلم فيما يتعلق بأوروبا على أنها كانت الميدان الرئيسي للمعارك في الحرب العالمية الثانية بينما الجبهة الشرقية التي كان مسرح معاركها الإتحاد السوفياتي لا يتم الحديث عنها إلا بوصفها جبهة مساندة أو ثانوية. الحقيقة هي غير ذالك فأكبر نسبة من القتلى الذين سقطوا أثناء تلك الحرب كانوا في الجبهة الشرقية سواء من الجيش الروسي أو المدنيين أو الجنود الألمان الذي كان العدد الأكبر منهم متواجدا على تلك الجبهة وليس أوروبا. معركة كورسك كانت أكبر معركة في التاريخ حيث حارب ١.٥ مليون ونصف جندي ألماني وروسي فيها بالإضافة إلى كونها وقعت فيها أكبر معركة بالدبابات بين الجيشين الروسي والألماني ولكنها بالنسبة للمؤرخين الأمريكيين لا تحتل تلك المكانة حيث يتكلمون بإستفاضة عن معركة جزيرة سيسلي في إيطاليا التي إنتصر فيها الحلفاء على ٦٠ ألف جندي ألماني فقط كانت مهمتهم تأمين الجزيرة والدفاع عنها.
تصاعد النزعة القومية لها أثار أخرى منها تنوع الأساليب التي ينظر إليها للأمور بإختلاف البلد. إنتشار التعليم وتنوعه, الثورة المعلوماتية, الإنترنت, سهولة تبادل المعلومات وتطور وسائل الإتصالات والمواصلات قد أدى إلى أن بروز معارضة للإزدواجية الغربية وأصبح إمتلاك المعرفة والمعلومات يؤهل الطرف الأخر للمجادلة بالحجة والبرهان. يعني بإختصار العالم تحول كله إلى قرية صغيرة.
حتى تركيبة المنظمات والمؤسسات الدولية تعاني خللا يعزز النزعة القومية للطرف الأخر فتركيبة الأعضاء الخمسة الدائمين في الأمم المتحدة لم تأخذ في الحسبان عند تشكيلها بروز الهند كقوة نووية وصناعية معترف بها ومعاهدة كيوتو المتعلقة بالتغيير المناخي كانت بالإتفاق بين الدول الغربية وسياسة فرض الحلول على دول العالم الثالث وتحميلها أعباء المعاهدة. هناك أيضا صندوق النقد الدولي رئيسه على الدوام أوروبي بينما البنك الدولي رئيسه على الدوام أمريكي وليس صيني أو هندي أو برازيلي.
اللورد لويس ماونتباتين أخر حاكم بريطاني للهند جاء لغاندي وقال له " إذا غادرنا الهند سوف تكون فوضى " فأجابه غاندي " ولكن تلك الفوضى سوف تخصنا نحن " وذالك هو شعور قوي يزداد في وقتنا الحالي خصوصا بين الدول النامية, شعور أن تحكم نفسك بنفسك بدون تدخل من أحد.
هناك مشكلة حقيقية تواجهها الكثير من الدول وهي ليس كيفية تجنب الفشل ولكن كيفية إدارة النجاح وإستثماره. هناك دول تعاني نقصا في الموارد الطبيعية وهناك دول أخرى تعاني وفرة منها. النمو الإقتصادي للكثير من الدول كالصين والهند زاد الطلب على النفط والمواد الأولية مما أدى إلى إرتفاع أسعارها.
عقود من الإنتعاش الإقتصادي كان سببها الرئيسي توفر مصدار الطاقة والمواد الأولية وخصوصا النفط الذي كان سعر البرميل يتراوح بين ٢٥-٥٠ دولار أمريكي. وقد أساء البعض تفسير إرتفاع سعر النفط سنة ٢٠٠٧-٢٠٠٨ على أنه بسبب تخفيض الإنتاج ولكنه كان بسبب إزدياد الطلب من دول مثل الهند والصين حيث وصل سعر البرميل إلى ١٠٠-١٥٠ دولار أمريكي مع توقعات بأن يرتفع إلى ٢٠٠ دولار أمريكي للبرميل.
الدول المنتجة للنفط تمتعت بإنتعاش إقتصادي لا سابق له حيث إزدادت مداخيلها المالية من تصدير الذهب الأسود بالإضافة إلى عدم معاناتها من الأثار المترتبة على إرتفاع أسعاره وإضطرارها لإتباع قوانين السوق العالمي التي تحكم جانب العرض والطلب.
ولكن علينا أن ننظر للجانب الأخر من المسألة هو أن إرتفاع أسعار النفط صاحبه إرتفاع أسعار جميع السلع والمواد الأساسية تقريبا يضاف إلى ذالك زيادة الطلب عليها مما أدى إلى خلق مشاكل مثل إرتفاع أسعار المنتجات الزراعية مما أدى لحصول إضطرابات سياسية في الكثير من الدول النامية والفقيرة حيث أصبح تجنب حصول مجاعة أمرا أساسيا وعاجلا.
هناك زيادة للكتلة السكانية في الكرة الأرضية تلتهم كل النمو الإقتصادي وتشكل ضغطا على الموارد كالماء والهواء والزراعة كما تشكل خطرا على البيئة. ولكن زيادة الطلب على الكهرباء في الصين والهند أدى إلى بناء ٨٠٠ محطة مولدة سوف تعمل بالفحم وذالك بين سنتي ٢٠٠٦-٢٠١٢ وذالك بسبب توفر الفحم ورخص ثمنه ولكن ذالك لن يستمر لوقت طويل. إرتفاع أسعار النفط والإتجاه نحو الفحم كمصدر لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية سوف يؤدي إلى زيادة الطلب وإرتفاع السعر وهو ماينطبق على جميع الموارد الأولية بدون إستثناء.
وفي الختام فإن النظرية القائلة بأن الزيادة السكانية تلتهم النمو الإقتصادي وتشكل ضغطا على الموارد ليس إلا مزاعم معاهد أبحاث ومنظمات تزعم أنها غير حكومية يتم تمويلها من قبل شركات نفط ورجال أعمال نافذين مرتبطين بطريقة غير مباشرة بجهات وهيئات حكومية والهدف هو أبقاء أسعار السلع ومصادر الطاقة مرتفعة بزعم ندرتها وأنها في طريقها للنفاذ. كما أن لها أهداف أخرى متعلقة بالزيادة السكانية في دول تلك تلك الشركات ومعاهد الأبحاث أنها قد تشكل بكتلتها السكانية خطرا يتهدد مصالحها حيث أن العديد من تلك الشركات ومعاهد الأبحاث ذات منشأ في الولايات المتحدة أو تتلقى التمويل من رجال أعمال أمريكيين. سوف أتناول تلك النظرية في موضوع أو سلسلة مواضيع قادمة عندما يحين وقتها إن شاء الله حيث كانت تناولت أحدها إختصارا في موضوعي (من تسبب حقا بمقتل السفير الأمريكي في بنغازي؟ فزورة الحرب الأمريكية على الإرهاب) وإن لم أكن سميتها بالإسم حيث كنت أتكلم عن (The Heritage Foundation) وهو معهد أبحاث ينتمي لمدرسة الفكر المحافظ ومرتبط بأسرة بوش وخصوصا جورج بوش الإبن وإدارته.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment