أمن الطاقة يعتبر سببا رئيسيا في نشوب الحروب, النزاعات, الانقلابات والاضطرابات في دول العالم والولايات المتحدة دائما في عين العاصفة. شركات النفط الأمريكي يمكن اعتبارها دولة داخل الدولة حيث تنفق أموالا طائلة في الدعاية والترويج ولديها لوبيات ضغط ذات نفوذ في العاصمة واشنطن. الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مقابلة خلال فترة رئاسته الأولى(٢٠١٦-٢٠٢٠), أجاب على سؤال عن سبب وجود القوات الأمريكية في سوريا "أريد حصتي من النفط." الولايات المتحدة التي تتعلم من دروس التاريخ وأن سبب هيمنة بريطانيا على بحار العالم كانت السبب في تحولها من دولة إقليمية الى الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وبالتالي تسعى الى السيطرة على المضائق الحيوية خصوصا مضيق هرمز, باب المندب وغيرها من المضائق التي تعتبر حيوية في ضمان أمن الطاقة. ولكن هناك تساؤل يتردد عن سبب مساعي الولايات المتحدة في السيطرة على إنتاج النفط بكميات تفوق حاجتها الفعلية. الجواب هو التحكم والسيطرة على الاقتصاد العالمي وصناعة القرار بما يخدم أهدافها ومصالحها.
وسائل الإعلام الأمريكية توجه الاتهامات الى منظمة الدول المصدرة للنفط(أوبك) بأنها ترفع الأسعار من خلال تخفيضات في الإنتاج وأن الحظر النفطي خلال حرب رمضان ١٩٧٣ أدى الى رفع الأسعار بنسبة ٤٠٠%. ولكن "وراء الأكمة ما يخفى" حيث لا تصرح وسائل الإعلام بالحقيقة كاملة. الولايات المتحدة وبسبب حرب فيتنام والإنفاق الضخم خلال فترة حكم الرئيس ليندون جونسون على برامج اجتماعية "الزبدة والمسدس" كانت تقوم بطباعة الدولار بكميات مفرطة وتصدير التضخم الى العالم مما أدى الى ارتفاع الأسعار. كما أن قرارات الرئيس ريتشارد نيكسون بتحديد سقف أسعار النفط دفعت العديد من الشركات الى الامتناع عن الاستثمار في اكتشاف حقول جديدة وزيادة مستويات إنتاج النفط. الولايات المتحدة وشركات النفط كانت المستفيد الرئيس من زيادة الأسعار بالإضافة الى الدول المنتجة للنفط.
شركات النفط الأمريكية تتبع رؤوس أموال خاصة وبالتالي ليست شركات حكومية وأولوياتها تحقيق أعلى العائدات لصالح حملة الأسهم وليس مصلحة المواطن الأمريكي. إن العوائد التي حققتها الدول المنتجة للنفط استفادت منها الولايات المتحدة بطريقة مباشرة وغير مباشرة. الدول المنتجة للنفط كانت تقوم باستثمار عائدات النفط في سندات تصدرها وزارة الخزانة الأمريكية. كما أن تلك الدول كانت تقوم بشراء الخدمات والمنتجات من شركات أمريكية خصوصا صفقات السلاح الضخمة. إذا فإن تحالف شركات النفط والسلاح مستفيد رئيسي وليس من مصلحتهم زيادة إنتاج النفط وإنخفاض الأسعار. كما أن شركات النفط الأمريكية التي لديها استثمارات ضخمة في دول مثل الولايات المتحدة, كندا و دول أخرى تنتج النفط بشكل رئيسي ليس مايعرف النفط الخام عالي الجودة ومنخفض التكلفة ولكن النفط الصخري والزيتي الذي يعتبر سعر ٦٠ دولار للبرميل هو الحد الأدنى وأي انخفاض في أسعار النفط سوف يكون السبب في تحقيقها خسائر ضخمة. إن مشروع الإستغناء عن النفط المستورد خصوصا من منطقة الشرق الأوسط الذي كان يعتبر خلال فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما أولوية هامة ليس أكثر من مجرد بروباغندا إعلامية فاشلة وتحول الولايات المتحدة الى دولة مصدرة للنفط يعتبر مجرد كذب. إنتاج الغاز وازدياد الاعتماد عليه في الولايات المتحدة أدى الى توفير كميات إضافية من النفط أصبح بالإمكان تصديرها والسبب ليس زيادة إنتاج النفط.
شركات النفط والغاز الأمريكية كانت المستفيد الرئيسي من الأزمة الأوكرانية وكانت تحقق أرباحا على كل ناقلة غاز سوبر تنكر العملاقة ٢٠٠ مليون دولار على الأقل. كما أن تلك الشركات تبيع النفط الى الدول الأوروبية بأسعار أعلى من الأسعار العالمية. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبَّر عن تذمره علنا من تلك السلوكيات وجشع شركات النفط والغاز وشكك في التحالف الأوروبي مع الولايات المتحدة ودعا الى تأسيس قوة تدخل أوروبية خارج إطار تحالف الناتو لا تشترك فيها الولايات المتحدة بهدف ضمان أمن الدول الأوروبية. إن شركات النفط الأمريكية التي مازال يسيطر عليها تحالف شركات روكفلر (الأخوات السبعة) ترفض التدخل في أزمة الطاقة وأسعار النفط والغاز المرتفعة في أمريكا والدول الأوروبية لأنها تحقق مبالغ هائلة وأرباح غير مسبوقة في تاريخها وليس من مصلحتها أن تنتهي تلك الأزمة التي يعتبر المحللون أن تلك الشركات ترغب في إستمرار الأزمة وتعمل من أجل ذلك. شعار شركات النفط الأمريكية يمكن إختصاره بالمقولة التالية(What is good for oil companies is good for America).
دمتم بخير
عاشت الجمهورية العربية السورية حرة مستقلة
الوطن أو الموت
النهاية
No comments:
Post a Comment