Flag Counter

Flag Counter

Saturday, January 2, 2021

في سبيل الحصول على المال, الغاية تبرر الوسيلة

إن رأسمالية الكوارث هي أفضل من يطبق المبدأ القائل "الغاية تبرر الوسيلة," حيث يشمل ذلك جميع المجالات سواء السياسية أو الإقتصادية أو حتى على مستوى حياتنا اليومية. لايمكن تفويت أزمة جيدة كما ينادي المؤمنون بتطبيق مبادئ رأسمالية الكوارث في تنفيذ أجندات لايمكن تمريرها في الأوقات العادية. وقد تكون تلك الأزمة كارثة طبيعية مثل الإعصار كاترينا سنة 2005, أزمة تسونامي 2004 أو أزمة وبائية مثل أنفلونزا الخنازير أو فيروس كورونا(كوفيد-19). ولكن المسألة لا تتوقف عند بضعة أشخاص شجعين بل هي منظومة كاملة تجردت من كل وازع أخلاقي والمهم في النهاية هو جمع المال. والحقيقة أن الرأسمالية إنحرفت عن أهدافها وأَّسَّسَت أحد أكثر المنظومات اللاأخلاقية التي عرفها تاريخ البشرية.

وقد صدمت حين شاهدت مجموعة من الوثائقيات على قناة سي بي سي الكندية حول الغش التجاري وتقييمات المنتجات المزيفة حيث تدفع الشركات اموالا الى أشخاص مهمتهم منح المنتج تقييما مرتفعا في مواقع متخصصة أو على صفحة الشركة على الإنترنت على الرغم من أنهم ينتحلون صفات ومهن مختلفة ولم يستهلكوا ذلك المنتج في الحقيقة. حتى أن الكثير من تقييمات الكتب التي يتم نشرها قد تكون مدفوعة الأجر حيث لم يقم الشخص بقرائة الكتاب ويمكن ملاحظتها عبر زيادة التقييمات المرتفعة للكتب حديثة النشر. حتى متاجر التخفيضات التي تبيع السلع ذات العلامات التجارية المشهورة تمارس الغش التجاري حيث أن تلك السلع تم تصنيعها خصيصا لتلك المتاجر وتختلف في جودتها عن تلك التي يتم بيعها في متاجر العلامة التجارية.

قضية الاحتباس الحراري والتغير المناخي هي قضية أخرى من الممكن تناولها من منطلق رأسمالية الكوارث واستغلال الأزمات. شركات التنقيب عن النفط تروِّجُ لنظرية إنتهاء عصر النفط ومبدأ الندرة مما يسمح لها بالتحكم بأسعار النفط. بينما على الجانب الأخر, الصناعيين المتضررين من تآكل أرباحهم وارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب ارتفاع سعر النفط الذي وصل الى مستوى 130-140 دولار للبرميل يقومون بالدعاية والترويج للطاقة البديلة وإدارة أزمات لها علاقة بالمناخ والبيئة. يصرخون في آذاننا عبر وسائل الإعلام ويطالبوننا أن نستمع الى العلماء ولكنهم في الوقت نفسه يحولون مراهقة سويدية تدعى غريتا تونبرج لم تنهي مدرستها الثانوية الى شخص يوبِّخُ رؤساء العالم ورمز من رموز النضال ضد شرور الوقود الأحفوري. لكن المثير للضحك أن هناك مؤتمرات تعقد حول مسألة التغير المناخي يحضرها مئات الأشخاص يساهمون بفعالية في تلويث البيئة عبر سفرهم بإستخدام الطائرات الخاصة والسيارات, أشخاص مثل ليوناردو دي كابريو الذي يطالب برفع سعر الوقود الى 7 دولار/غالون بينما يمتلك سيارات تعتبر الأكثر استهلاكا للوقود, ونائب الرئيس الأمريكي السابق جون كيري الذي يمتلك عدة منازل فارهة وطائرات خاصة وسيارات.

إن الدافع الأخلاقي ليس هو الذي دفع ليوناردو دي كابريو الى تبني قضايا البيئة حيث يمكنه أن يطالب برفع سعر الوقود الى 7 دولار/غالون لأنه لايهتم بتأثير ذلك على الفقراء والمسحوقين ومعدومي الدخل في بلدان فقيرة ويكتفي بمشاهدتهم عبر التلفاز. إن قضايا مثل التغير المناخي والاحتباس الحراري يتم استغلالها من حكومة جزر المالديف التي تقوم بإخلاء سكان بعض الجزر بذريعة ارتفاع مستوى مياه المحيط بينما تمنح شركات سياحية وعقارية حقوق بناء منتجعات فاخرة فيها. كما أن الحكومة السريلانكية منعت سكان القرى الشاطئية من العودة الى منازلهم في أعقاب تسونامي 2004 بذريعة الخوف على سلامتهم بينما قامت بمنح تراخيص من أجل بناء فنادق ومنتجعات فاخرة. حتى قضية الأدوية واللقاحات دوافعها ليست أخلاقية بل مادية بحتة. بيل غيتس لم يخفي في إحدى مقابلاته السبب في تحوله من التكنولوجيا الى صناعة اللقاحات بسبب عائدها المرتفع حيث أصبحت ارتباطه بشركة مايكروسوفت شكليا.

إن المادة أصبحت هي التي تحكم العالم بينما الأخلاق تراجعت الى المرتبة الأخيرة. إن أي رأي يخالف العرف السائد يتم اتهامه بنظرية المؤامرة. وبسبب ذلك فإن  كثيرا من أشكال الرفض والمعارضة بدأت تأخذ منحى العنف خصوصا في قضايا البيئة والعولمة بسبب إستمرار قمع الآراء والسيطرة من وسائل الإعلام الرئيسية على مخرجات الأخبار والتحكم بنوعها. إن الصراع بين شركة فيسبوك وآبل على خصوصية الأفراد تقف خلفه دوافع مادية حيث أن شركة أبل ليست بأكثر حرصا على خصوصية مستخدميها من شركة فيسبوك, كلاهما يبيع معلومات المستخدمين لمن يدفع أكثر. كما أن الصراع بين مارك زوكربيرغ وملياردير الثورات الملونة جورج سوروس هو صراع نخب لأسباب إقتصادية وسياسية ولا علاقة للأخلاق بذلك لا من قريب أو من بعيد.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment