Flag Counter

Flag Counter

Sunday, September 11, 2016

كيف خدم سقوط شاه إيران محمد رضا بهلوي مصالح الشركات النفطية الكبرى؟

على الرغم من الفائض المالي في إيران نتيجة لإرتفاع أسعار النفط إثر الحظر النفطي سنة 1973 فإنه وبحلول سنة 1977 فإن نظام الشاه كان يعاني من مظاهرات وإضطرابات من قبل معارضية بالإضافة إلى عجز في الميزانية بلغ 2.4 مليار دولار حيث من المتوقع إزدياد العجز في السنوات المقبلة. شاه إيران وفي مساعية لتغطية العجز فقد أصدر أوامره للحكومة بالإستدانة من أسواق المال الدولية.
بنك تشاس مانهاتن(Chase Manhattan) قام بدور أساسي في تقديم الدعم المالي لنظام الشاه حيث أنه وبنهاية سنة 1978 بلغ مستوى الدعم المالي من قبل البنك 2 مليار دولار تقريبا والتي كانت مبلغا كبيرا بمعايير تلك الفترة حتى على بنك بحجم تشاس مانهاتن.
الأداء الإقتصادي الضعيف وإرتفاع مستوى البطالة قد أدى إلى دفع المزيد من الإيرانيين للتظاهر حيث تصدى جهاز السافاك(Savak) والجيش للتظاهرات ونتيجة تفاقم المشكلة فقد غادر الشاه إيران في شهر كانون الثاني\يناير\1979 حيث إنهار نظام الشاه بخلاف التوقعات إستمراره للعشرة سنين القادمة على الأقل.
من ناحية فإن سقوط نظام الشاه قد خدم مصالح الشركات النفطية الكبرى التي كانت قلقة من إنخفاض أسعار النفط لإنخفاض الطلب عليه بصورة قياسية فخروج النفط الإيراني من المعادلة قد أدى لإختلال العرض والطلب وإرتفاع أسعار النفط مرة أخرى. أما من ناحية أخرى فإن بنك تشاس مانهاتن وعلى الرغم من أن النظام الإيراني الجديد لم يتخلف عن إلتزاماته المالية تجاه البنك فإنه كان يعاني مشكلة من نوع أخر في الولايات المتحدة حث مقره الرئيسي بخصوص قروض الرهون العقارية والتي بلغت مستويات قياسية مقارنة بكمية السيولة المتوفرة لدى البنك مما أدى إلى وضع البنك على قائمة البنوك المتعثرة من قبل هيئة مراقبة العملات والبنوك الأمريكية.
الحل الذي تم إتباعه بخصوص قروض البنك لدى إيران هو الدفع بإتجاه إعلان إيران إفلاسها وتخلفها عن دفعات القروض المتوجبة عليها مماكان سوف يؤدي إلى إعلان الرئيس الأمريكي وبموجب الصلاحيات الدستورية الممنوحة له إلى إعلان حالة الطوارئ بخصوص إيران وتجميد الأصول الإيرانية في الولايات المتحدة مماسوف يؤدي إلى إزالة القلق الذي يعتري إدارة البنك بخصوص إحتمالية تعثر قروضها السابقة لنظام الشاه. وزير الطاقة الأمريكي جيمس شليزنجر(James schlesinger) في شهادته أمام لجنة الطاقة في الكونجرس بتاريخ 7 شباط\فبراير 1979 بأن مستويات الإمدادات النفطية سوف تنخفض بشكل حاد على المستوى العالمي وأن تأثير ذالك على الأسعار سوف يفوق التأثير الذي أحدثه الحظر النفطي سنة 1973. النتيجة الفورية لتصريحات وزير الطاقة الأمريكي كانت إنخفاض سعر صرف الدولار وإرتفاع سعر الذهب إلى مستويات قياسية.
المشكلة بالنسبة لكل تلك التصريحات أنها كانت مضللة نوعا ما فمستوى إنتاج النفط سنة 1979 كانت مرتفعة بنسبة 5% عن السنة السابقة ولم يكن هناك نقص في الإمدادات النفطية في الأسواق العالمية على الرغم من خسارة نسبة كبيرة من إنتاج النفط الإيراني بسبب الإضطرابات التي كانت تهدد بسقوط شاه إيران مما شكل عائقا أمام إعلان حالة الطوارئ من قبل الرئيس الأمريكي. بحلول شهر أبريل\نيسان 1979 فقد إستقر الوضع السياسي في إيران وعادت حقول النفط الإيرانية للإنتاج بكامل طاقتها مما أضاف الملايين من براميل النفط للأسواق المتخمة بالإمدادات. النظام الإيراني الجديد جعل موقفه واضحا في رغبته المحافظة على علاقات تجارية وسياسية طبيعية مع الولايات المتحدة بل وأبدى رغبته في شراء أسلحة أمريكية لحملته العسكرية المرتقبة ضد الأكراد حيث تلقى إشارة مبدئية إيجابية من قبل المسؤولين الأمريكيين.
هينري كيسنجر والذي أصبح خارج الحكومة الأمريكية ولكنه كان يحتل مقعدا في لجنة العلاقات الدولية التابعة لبنك تشاس-مانهاتن وبالتعاون مع أرتشايبلد روزفلت(Archibald Roosevelt) مهندس الإنقلاب ضد حكومة رئيس الوزراء الإيراني مصدق سنة 1953 والتي أعادت شاه إيران محمد رضا بهلوس للسلطة قد قامت بتكثيف جهودها لدى الرئيس الأمريكي الجديد جيمي كارتر للقبول بإتجاه إستضافة شاه إيران للعلاج في الولايات المتحدة على الرغم من التقارير التي بحوزة وزارة الخارجية الأمريكية أن القبول بذالك قد ينجم عنه عواقب وخيمة من بينها الهجوم على السفارة الأمريكية في طهران.
الثلاثي زبيغنيو بريزنسكي والذي كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي في حكومة الرئيس جيمي كارتر, هينري كيسنجر وأرتشايبلد روزفلت قاموا بحملة مكثفة من أجل دفع الرئيس الأمريكي القبول بمنح شاه إيران بهلوي اللجوء لأسباب إنسانية وطبية حيث أنه في أبريل\1979 إتصل هينري كيسنجر بالرئيس الأمريكي وتلاه في اليوم التالي زيارة شخصية من قبل ديفيد روكفيلر الذي إلتقى بالرئيس الأمريكي في المكتب البيضاوي والهدف هو حثه على القبول بشاه إيران في الولايات المتحدة بهدف العلاج الطبي. وأخير بتاريخ 18 تشرين\الأول أكتوبر فقد أستعان ديفيد روكفيلر بطبيبه الشخصي بينجامين كين(Benjamin Kean) الذي أوصى بقبول دخول شاه إيران للولايات المتحدة من أجل إجراء فحوصات طبية مكثفة. ديفيد روكفلر تأكد من أن وزارة الخارجية الأمريكية تنظر بعناية لتوصية طبيبه الشخصي بخصوص شاه إيران.
وأخيرا وبتاريخ أكتوبر 21\1979 فقد قبل الرئيس الأمريكي بالتوصيات دخول شاه إيران إلى الولايات المتحدة من أجل العلاج من مرض السرطان الذي كان يهدد حياته وأن ذالك العلاج متوفر حصريا في الولايات المتحدة. الطبيب الشخصي لديفيد روكفلر, بينجامين كين صرح في وقت لاحق أن الحالة الصحية لشاه إيران لم تكنن تهدد حياته بشكل عاجل وأنه شخصيا أوصى بعدة بلدان أخرى تتوفر على العلاج المناسب لحالة الشاه الصحية.
وبتاريخ نوفمبر 14\1979 وبعد مضي عشرة أيام من أصل 444 يوما هي عمر أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران والذي كان مصيرهم يعد عاملا ثانويا في الأزمة, فقد صدر أمر من قبل الحكومة الأمريكية بتجميد كافة الأرصدة البنكية الإيرانية في الولايات المتحدة. بنك تشاس-مانهاتن تحرك وبشكل سريع في اليوم التالي 15\نوفمبر\1979 وأعلن أن الحكومة الإيرانية قد تخلفت عن أداء أقساط  أحد أكبر قروضه للحكومة الإيرانية والذي يبلغ 500 مليون دولار أمريكي وتحت بنود الإقراض المعقدة يعد ذالك إعلان إفلاس على الرغم من أن الحكومة الإيرانية لم تتخلف حتى تلك اللحظة عن دفعة واحدة من دفعات القروض المستحقة لدائنيها الدوليين خصوصا البنوك الأمريكية. وبسبب الظروف المضطربة التي كانت إيران تمر بها فلم تتمكن الحكومة الإيرانية وفي ذالك الوقت القصير, يوم واحد, من ترتيب طريقة أخرى لإرسال دفعات قروضها المستحقة خصوصا لبنك تشاس-مانهاتن والذي تلقى من وزارة الخزانة الأمريكية تعويضات على كافة ديون الحكومة الإيرانية للبنك حتى أخر سنت مستحق وتم إلغاء تلك الديون من سجلات البنك وتنفس مسؤولوه الصعداء.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
النهاية

No comments:

Post a Comment