إمبراطورية قطر مهرج سياسي

إنَّ أخطر وأخبث ماقامت به قناة الجزيرة القطرية هي أنها زرعت في العقل العربي وعيا مزيفا أنَّ هناك للمحتلين والقتلة وجهة نظر. قناة الجزيرة أدخلت المحتل الصهيوني الى كل منزل عربي والذريعة هي سماع وجهة نظر الطرف الآخر. وقد صار المواطن العربي يسمع مع كل عملية عسكرية فلسطينية في قلب الأراضي المحتلة أصواتا إعلامية وشعبوية تدين العمليات الإرهابية الفلسطينية وممارسة العنف من الجانب الفلسطيني. وقد أصبحت تلك النغمة متكرِّرة خصوصا مع مشروع صفقة القرن الذي تبنَّته السعودية والذي رفضه الجانب الفلسطيني قيادة وشعبا بل وحتى بعض الأطراف العربية.

الموقف القطري من فلسطين والقضية الفلسطينية مثير للإهتمام. هناك سفارة إسرائيلية في قطر وزيارات رسمية بين المسؤولين في البلدين مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق وجزار قانا شيمون بيريز وكذلك وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني. وعلى الرغم من العلاقات الوثيقة بين قطر وإسرائيل فإنَّ قطر تستضيف قادة حركة حماس من الصف الأول وتقدِّم تمويلا سخيا الى الحركة وجناحها العسكري عز الدين القسام وتتعاون في الوقت نفسه ضد قادة الحركة في فلسطين المحتلة. صفقة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط في أكتوبر/٢٠١١ تمت بوساطة قطرية ومليار دولار دفعتها قطر إلى حركة حماس و أعقبتها في أكتوبر/٢٠١٢ زيارة حاكم قطر حمد بن خليفة آل ثاني إلى قطاع غزة حيث التقى عددا من قادة حركة حماس السياسيين والعسكريين منهم أحمد الجعبري الذي أعقبت عملية إغتياله الزيارة بشهر واحد في نوفمبر/٢٠١٢.

وخلال أحداث الغزو الأمريكي في أفغانستان, كانت قناة الجزيرة تقوم بدور الناطق الرسمي لتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن. حنى أنَّ الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن قد فكر في تنفيذ عمل عسكري ضد القناة, ربما قصف أحد مقراتها. وخلال أحداث العراق, حاولت قناة الجزيرة التلاعب بعقل المواطن العربي في أنها ضد غزو العراق بينما هي في الواقع على العكس تماما. قناة الجزيرة قناة حكومية قطرية تتلقى تمويلا حكوميا وقطر هي مقر أكبر القواعد العسكرية الأمريكية خارج الولايات المتحدة وهي قاعدة العيديد وقاعدة السيلية والتي تُدفع نفقاتها من الموازنة القطرية. القواعد العسكرية الأمريكية في قطر لعبت دورا رئيسا في حرب الخليج الأولى ١٩٩١ وحرب الخليج الثانية ٢٠٠٣ حيث كانت تنطلق من تلك القواعد الطائرات الأمريكية التي تقصف العراق وتراقب منطقة الحظر الجوي.

ولكن أحد أقذر الأدوار الذي لعبته قطر كان خلال أزمة الربيع العربي في سوريا وذلك بالتعاون مع السعودية حيث قدَّمت الدولتان الأموال والأسلحة الى تنظيمات المعارضة السورية على إختلاف إسمائها مثل الجيش الحر, جبهة النصرة أو داعش وهي ليست إلا واجهات تمثِّل تنظيم الإخوان المسلمين وإن إختلفت الأسماء. كما قدَّمت الدولتان الدعم الإعلامي حيث تموَّلت قناة الجزيرة القطرية والعربية السعودية الى ناطق يإسم تنظيمات المعارضة السورية, تنظيم جبهة النصرة كان يتلقى التمويل من السعودية بينما تنظيم داعش كان يتلقى التمويل من قطر. موقع صحيفة بي بي سي عربي قام بنشر خبر أن قطر كانت تدفع للمنشق وأسرته في سوريا ٥٠ الف دولار سنويا وأنَّ إنفاق قطر على المعارضة السورية بلغ ٣ مليارات دولار في سنتين وأنه ينقل عن وزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني أن قطر كانت تدفع ٣٠ الف دولار للضابط المنشق و١٥ الف دولار للعسكري العادي. إنَّ إجمالي التمويل الذي قدَّمته قطر الى المعارضة السورية بلغ ٣٦ مليار دولار بينما تحاول السعودية عبر مواقع مثل صحيفة المرصد الإلكترونية تبرئة نفسها من تهمة التورط في تقديم الدعم الى تنظيمات إرهابية في سوريا.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية