Flag Counter

Flag Counter

Friday, August 2, 2019

المناضل دانييل أورتيغا يتحدى الولايات المتحدة الإستعمارية في نيكاراغوا

يبدو أن الولايات المتحدة عازمة على إعادة إحياء الحرب الباردة في أمريكا اللاتينية حيث تقوم بالتدخل في شؤون دولة نيكاراغوا التي يرأسها دانييل أورتيغا, أحد قادة الجبهة الساندينية ورئيس نيكاراغوا خلال فترة سابقة(1985-1990). الصحف الأمريكية والبريطانية على رأسها الغارديان,البي بي سي والنيويورك تايمز بدأت تحذر من نشوب الحرب الأهلية مجددا في نيكاراغوا. الإضطرابات اندلعت بعد إجهاض الرئيس أورتيغا لمجموعة قوانين تقدمت بها أحزاب المعارضة للحد من المزايا الإجتماعية التي يحصل عليها العمل والموظفون وتحديدا زيادة في مقدار مساهمات أرباب العمل والعمال لصناديق التأمينات الاجتماعية. الرئيس قام بسحب اقتراحه وإلغاء القانون ولكن الاحتجاجات استمرت وسقط فيها حتى الأن 295 قتيل(السي إن إن بالإسبانية) أو 448 قتيل(جمعية حقوق الإنسان-نيكاراغوا) وهو ما تنفيه الرواية الرسمية وتحدد عدد القتلى 195 قتيل.الولايات المتحدة لها تاريخ من التدخل في نيكاراغوا حيث دعمت نظام سوموزا دي بايل في الثلاثينيات مما أدى الى ثورة نجحت من خلالها الجبهة الساندينية سنة 1979 في الإطاحة بديكتاتورية سوموزا المدعوم من الولايات المتحدة وجرت انتخابات سنة 1984 نجح فيها أحد قادة الجبهة دانييل أورتيغا وحكم نيكاراغوا حتى سنة 1990.
 إنتخابات سنة 1984 في نيكاراغوا كانت نزيهة باعتراف مؤسسات وهيئات دولية مقارنة بانتخابات جرت خلال نفس الفترة في كل من غواتيمالا والسلفادور حيث قمعت الحكومتان المعارضين واغتالت عشرات من قادة أحزاب المعارضة وكانت الجثث مقطوعة الرؤوس والأطراف تظهر بشكل يومي في شوارع المدن في كلا البلدين. التسجيل في إنتخابات نيكاراغوا كان إجباريا لغايات إحصائية لكن التصويت لم يكن كذلك حيث لم تجبر الحكومة بقوة القانون المواطنين على التصويت بعكس حكومتي غواتيمالا والسلفادور حيث وصف من يمتنعون عن المشاركة في انتخابات شابتها شبهة التزوير بأنهم خونة. السلطات في غواتيمالا والسلفادور كانت تقوم بثقب هويات المواطنين ممن يشاركون في التصويت مما يعرض الممتنعين عن التصويت للإنتقام في حال تم توقيفهم من قبل دوريات الشرطة أو الجيش وإبراز هويات شخصية غير مثقوبة. حكومة نيكاراغوا سمحت حتى لأحزاب المعارضة التي كانت تعتبر ممثلة عن عصابات الكونترا بالمشاركة في الانتخابات حيث كانت تتبعهم عدد من وسائل الإعلام التي تتمتع بالحرية في توجيه الانتقادات للحكومة.
وسائل الإعلام الرئيسية تتهم دانييل أورتيغا بقيادة ميليشيات موازية تقوم على قتل المواطنين والمشاركة في قمع الإحتجاجات. تلك هي التهمة نفسها التي رددتها وسائل الإعلام الأمريكية خلال فترة الثمانينات بأن ميليشيات موالية للحكومة الساندينية كانت تروِّع المواطنين وتهددهم في حال عدم المشاركة في الإنتخابات والتصويت لصالح مرشح الجبهة, دانييل أورتغا. ولكن في الوقت نفسه الذي كانت وسائل الإعلام الغربية تردد تلك الاتهامات, كانت الولايات المتحدة تقوم بتقديم التدريب والتمويل والتسليح لميليشيات الكونترا(1980-1990) والتي هي عبارة عن عصابات إجرامية كانت تقوم بالإغارة على القرى المعزولة حيث يقوم أفرادها بإغتصاب النساء وقتل ضحاياها بأبشع الطرق. وفي سبيل تجنيب نيكاراغوا المزيد من الدماء, وافق دانييل أورتيغا على إجراء إنتخابات رئاسية فازت فيها مرشحة المعارضة فيوليتا تشامورو التي تلقت الدعم من الولايات المتحدة.
الرئيس دانييل أورتيغا وبدعم من الجبهة الساندينية قاموا خلال الفترة الزمنية التي تلت إسقاط نظام ساموزا المدعوم من الولايات المتحدة, بدأت حملة لمحو الأمية ونشر التعليم وتحسين الخدمات الصحية وتوزيع الأراضي على الفلاحين المعدمين وتأميم القطاع المصرفي وغير ذلك الكثير من الإجرائات التي هدفت الى تحسين حياة قطاع واسع من سكان نيكاراغوا خصوصا في الأرياف. ولكن الثورة الساندينية عانت من كثير من الأخطاء خصوصا أن إجرائات إعادة توزيع الأراضي كانت بطيئة مما أدى الى تحول تأييد قسم من الفلاحين الى ثوار الكونترا. كما كان هناك نوع من الطفولية الثورية التي تصيب الأنظمة اليسارية الحاكمة خصوصا السلطوية حيث تظن تلك الأنظمة اليسارية أن إنتصارها على نظام مدعوم من دول غربية يمنحها شيكا على بياض أمام الجماهير. دانييل أورتيغا شخص عائد من شبح الحرب الباردة ليحكم دولة من أكثر دول أمريكا اللاتينية معاناة من الفقر والاضطرابات السياسية. الإجرائات التي اتخذها دانييل أورتيغا والمتعلقة بزيادة في مقدار مساهمات أرباب العمل والعمال لصناديق التأمينات الاجتماعية هي إجرائات اعتيادية وتجري في عدد من الدول الأوروبية مثل المانيا, السويد, الدنمارك وكندا, حيث قد تتعرض مساهمات التأمينات الإجتماعية للزيادة أو النقصان بحسب مقتضى الواقع الإقتصادي والسياسي للدولة.
والسؤال هو, هل ينجح دانييل أورتيغا في مقاومة الضغوطات الأمريكية والحفاظ على مكانته في نيكاراغوا بوصفه أحد قادة الثورة الساندينية وعلى منصبه الشرعي بوصفه رئيسا منتخبا؟ سؤال سوف تجيب عليه الأيام.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment