Flag Counter

Flag Counter

Sunday, July 25, 2021

إنجيل القديس يوحنا ومقدمة من كتاب المعجزات

إنَّ رسائل القديس بولس تعتبر أقدم التقاليد المكتوبة في العهد الجديد من الكتاب المقدس حيث تشير دراسات المتخصصين الى أنَّ تاريخ تأليفها يسبق أقدم الأناجيل(مرقس)* بفترة زمنية 20 عاما. ولكن بولس لم يتحدَّث عن أسرة يسوع المسيح بإستثناء يعقوب "أخ الرب" في رسالة غلاطية (1:19, 2:12) وميلاد يسوع المسيح في غلاطية(4:4) بأنه ولد من امرأة وأنه ولد تحت الناموس. ولكن اللافت في غلاطية(4:4) أنَّ إستخدام كلمة امرأة(Woman) لا يشير بالضرورة الى كونها عذراء حيث لا يؤكد بولس على تلك النقطة التي ربما لم تكن ذات أهمية بالنسبة إليه.

وعندما نقوم بقرائة إنجيل القديس مرقس, أقدم الأناجيل كتابة, سوف نلاحظ أنه في نسخة الملك جيمس(مر 3:21) قم تم إستخدام كلمة "Beside Himself" والتي ترجمتها في النسخ العربية هي مختَل وأن مريم أم يسوع المسيح كانت تعتقد أنه مثير للشفقة وأنه يسيئ الى سمعة العائلة حيث ذهبت رفقة إخوته حتى يصطحبونه الى المنزل ولكنه رفض وكان ردُّ أنه أمه وإخوته الحقيقيين هم من ينفذون مشيئة الرب (مر 3:34 لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي). وفي نفس الإنجيل (مر 6: 1-4) حيث قام يسوع المسيح بالتعليم في المجمع اليهودي في بلدته الناصرة وأثار استغراب بعضهم الذين صرخوا من بين الجموع:"أَلَيْسَ هذَا هُوَ النَّجَّارَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَأَخُو يَعْقُوبَ وَيُوسِي وَيَهُوذَا وَسِمْعَانَ؟ أَوَلَيْسَتْ أَخَوَاتُهُ ههُنَا عِنْدَنَا؟» فَكَانُوا يَعْثُرُونَ بِهِ."

إنجيل القديس متّى ذكر اسم مريم أربع مرات مقرونا مع يوسف حيث كان دورها ثانويا. الأولى هي (مت 1:16) حيث ذُكِرَ أن يوسف هو زوج مريم, الثانية هي (مت 2: 13-15) حين قرَّرَ يوسف الهروب من مصر مع "الصبِّي وأمَّهُ, الثالثة (مت 2:19) حيث ظهر الملاك مرَّة أخرى وطلب من يوسف أن يعود مع الطفل وأمِّه الى بيت لحم حيث توفي هيرودوس الذي "مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ."(مت 2:13). الرابعة هي (مت 2:23) فقد إنتقل يوسف مع الطفل وأمه من أجل أن يسكن في الناصر بعد أن سمع أنَّ "أَرْخِيلاَوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضًا عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ"(مت 2:22.) 

إنَّ ماذكر في إنجيلي متَّى ومرقس هو كل مايمكن أن نجده عن مريم أم يسوع المسيح حتى 90م وهو التاريخ التقريبي لظهور إنجيل القديس لوقا حيث يمكن إعتبار ماتمت كتابته مجرَّد أساطير وليس مرويات تاريخية. إن ما يؤكِّدُ ذلك هو أنه هناك صلة وصل بين العهد القديم والجديد فيما يتعلق بشخصية يوسف زوج مريم أم يسوع المسيح وهو شخصية بقيت تفاصيل حياتها مجهولة. وقد يوحي التشابه بين شخصية يوسف زوج مريم ويوسف النبي الذي قصته معروفة في العهد القديم (تك: 37,50). إن أوجه التشابه هي التالي: إسم والد كل منهما هو يعقوب, مصير كل منهما مرتبط مع الأحلام بطريقة أو بأخرى و كل منهما مرتبط بنفس المهمة وهي إنقاذ بني إسرائيل وذلك بالخروج من من مصر(تك 45, مت 2: 13-15). حتى أن قصة قيام الملك هيرودس بقتل أطفال اليهود من عمر سنتين وأقل حسب نبوئة مجوس الشرق الذي سألوا عن ملك اليهود الذي ولد(مت 2: 16-18) قد تم اقتباس بعض تفاصيلها من قصة النبي موسى في العهد القديم حيث أمر فرعون بقتل كل طفل ذكر يولد من بني إسرائيل(خر 1:15) وذلك حتى لا يتكاثر بنو إسرائيل ثم يثيرون القلاقل في مصر. 

إن ظهور إنجيل القديس لوقا (83-90) قد أدى الى تغيير في بناء شخصية مريم والدة يسوع المسيح التي بدأت في لعب دور هام ومحوري بينما تراجع يوسف زوج مريم الى خلفية المشهد. إن الملاك أخبر مريم بميلاد يسوع المعجزة وليس يوسف زوج مريم كما ذَكَرَ متى. كما أنَّ الإقتباس من اش(7:14) والذي قام به متى(1:23) ليس صحيحا ولا يستند على أي أساس تاريخي إنما في إطار صناعة الأسطورة التي كان يحاول متى القيام بها والتركيز على نصوص من العهد القديم كان يحاول إسقاطها على شخصية يسوع المسيح في إنجيله. إن حوادث هامَّة ذكرها لوقا في إنجيله لعبت دورا في تأكيد قضية الميلاد المعجزة حيث قبلت مريم بمصيرها الذي أخبرها به الملاك مع إبداء تحفظها في أنها لم تعرف رجلا(لو 1:43). وثم قرَّرَت مريم أن تغادر الى جبال منطقة يهوذا حيث تعيش قريبتها اليصابات زوجة نبي الله زكريا التي كانت حاملا بولدها يوحنا المعمدان والذي إبتهج في بطن أمه "وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ"(لو 1:41) وذلك فرحا بقدوم مريم الحامل هي أيضا بجنينها. ويكمل لوقا قصة يسوع المسيح وميلاده المعجزة حيث زار القدس خلال عيد الفصح عندما كان سنُّه 12 عاما وضاع من والدته التي وجدته بعد ثلاثة أيام في الهيكل يسأل المعلمين ويجيبهم(لو 2:46) وعندها قامت بتوبيخه فأخبرهم بعلاقته مع الرب ولكنهما لم يفهماه(لو 2: 48-50).

إنَّه من الممكن أن نلاحظ أنَّ روايات إنجيل القديس لوقا تقتبس أيضا من العهد القديم في عدة مواقع أهمها الأغنية التي قامت مريم بغنائها في منزل قريبتها اليصابات(لو 1: 46-55) وهي تتشابه مع الأغنية التي غنتها حَنَّة حين ولدَت صموئيل(1صم 2: 1-10) المذود الذي أضجعت مريم فيه وليدها(لو 2:7) قد يكون مصدره من (اش 1:3), القماط الذي لفَّت به يسوع(لو 2:7) مصدره سفر الحكمة(7: 4-5)*, وأخيرا قصة سفر يسوع المسيح مع أمه وزوجها الى أورشليم(لو 2:42) تبدو مجرَّدَ أعادة صياغة من قصة النبي صموئيل(1صم 1:24). حتى أن لوقا أطلق إسم هالي على والد يوسف(لو 3) وهو يشابه اسم الكاهن عالي الذي خدم تحت إمرته صموئيل.

إن المشهد الإفتتاحي الذي ظهرت فيه مريم والدة يسوع لأول مرَّة في إنجيل القديس يوحنا في عرس قانا الجليل له دلالات عديدة حيث يختلف عن باقي الأناجيل في أنه تجاهل قصة الميلاد العذري. وحيث أن مريم ظهرت في العرس ذات شخصية قوية وهي تدرك قدرات ابنها والمعجزات التي كان قادرا على القيام بها. كما أن كمية الماء التي قام يسوع المسيح بتحويلها الى خمر هي عبارة عن ستة أجران(600 لتر تقريبا). إن رمزية تحويل الماء الى خمر تعبِّرُ عن رسالة يسوع الى اليهود التي أعلنها في تجمُّع ضم عددا كبير منهم وهي الإنتقال من العهد القديم الى العهد الجديد, عهد يسوع المسيح. 

* هناك آراء أخرى ترى أن إنجيل القديس متى هو أقدم الأناجيل وأنَّ جميع الأناجيل الأخرى قد إقتبست منه

* كتاب سفر الحكمة أو سفر حكمة سليمان هو أحد الكتب الأبوكريفا الذي لا تعترف به الكنيسة البروتستانتية

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment