Flag Counter

Flag Counter

Thursday, July 15, 2021

المشتقات المالية والأزمة الإقتصادية القادمة

يمكن تشبيه النظام المالي العالمي بسفينة على وشك الغرق والجميع يسعى الى القفز منها. الدولار الذي مازال يعتبر العملة الاحتياطية العالمية منذ اتفاقية جامايكا(1978) يخسر المزيد من مناطق نفوذه وتتراجع قيمته تدريجيا وببطئ. النظام المالي العالمي الحالي خرج الى حيز الوجود مع توقيع إتفاقية بريتون وودز سنة 1944 والتي نصَّت على إنشاء صندوق النقد والبنك الدولي وعلى إعتبار الدولار مرتبطا مع الذهب بسعر صرف ثابت 35 دولار/أونصة. نظام التحويلات(السويفت) هو أحد أعمدة ذلك النظام الأساسية حيث تمر من الولايات المتحدة, مدينة نيويورك تحديدا جميع الحوالات المالية من جميع أنحاء العالم حيث يتم إعطائها رقم سويفت(Swift Code). الولايات المتحدة وبسبب سيطرتها على نظام السويفت تستطيع فرض عقوبات على الدول والأفراد والكيانات الإقتصادية.

النظام المالي العالمي سوف ينهار ولكن السؤال عن التوقيت. إن جميع الأطراف المعنية بما فيهم صندوق النقد الدولي على يقين بحصول ذلك. وقد تم قبول اليوان في سلة عملات صندوق النقد الدولي في مسعى نحو منح الصين دورا متزايدا في إدارة دفة الاقتصاد العالمي في حال حصول الانهيار القادم. والبديل عن ذلك الانهيار هو حرب عالمية كما حصل في الحرب العالمية الثانية حيث سوف يعاد ترتيب الأوضاع الإقتصادية والمالية للعالم بناء على أسس وقواعد جديدة. الولايات المتحدة تعلم أن الدولار سوف ينهار أو هو قد إنهار بالفعل, ولكن إدارة الأزمة هو ما تجيد الإدارة الأمريكية القيام به حيث ترغب في أن يتم الأخذ في عين الإعتبار المصالح الأمريكية. الولايات المتحدة سوف تتخلى عن الدولار وتعود الى قاعدة الذهب بطريقة أو بأخرى ولكن في الوقت المناسب الذي يحقق أهدافها ومصالحها.

في كتابه "حرب العملات," يتحدث المؤلف والاقتصادي الأمريكي جيمس ريكاردز عن سيناريو حرب اقتصادية وهمية شارك بها وذلك بطلب من الحكومة الأمريكية حيث يصف هجوم صيني/روسي اقتصادي ضد الولايات المتحدة باستخدام المشتقات المالية(Derivatives)  والتي وصفت بأنها قنبلة موقوتة تهدد الإقتصاد العالمي بأكمله. ولكن الذي أغفله ريكاردز من كتابه هو أنَّ المشتقات المالية عبارة عن إبتكار أمريكي وأن جميع المنتجات المالية المرتبطة به خرجت من رحم البنوك الإستثمارية الأمريكية. أحد تلك المشتقات المالية كان عبارة عن تجميع القروض العقارية منخفضة الجودة(Subprime Mortgages) في حزم تضم آلاف من تلك القروض وإعطائها تقييما مرتفعا(AAA) من وكالات التصنيف الائتماني وتسويقها الى البنوك وصناديق التقاعد والتحوط على أنها استثمارات آمنة. ذلك النوع من الأدوات المالية التي توصف بأنها مسمومة(منخفضة القيمة) كانت هي السبب الرئيسي في الأزمة الإقتصادية العالمية(2007-2008). 

وفي بداية سنة 2007 أصبحنا نسمع عن مصطلحات مثل التزام الدين المكفول(CDO- Collateral Damage Obligation), مقايضة الائتمان الإفتراضي(CDS- Credit Default Swap) والرهون العقارية منخفضة الجودة وهي مصطلحات بقيت في الظل للعامة بإستثناء بعض الاقتصاديين والمختصين. إن كل تلك الأدوات المالية اعتمدت على الإرتفاع المستمر في أسعار المنازل والعقارات في الولايات المتحدة التي بدأت بالانهيار بسبب عجز المقترضين عن السداد حيث تحولت الأزمة المحلية الى عالمية بسبب تشابك الأنظمة المالية حول العالم بطريقة تشبه أحجار الدومينو مما يجعل من الصعب تجنب سقوط النظام بأكمله بسبب إنهيار أحد أجزائه. إنهيار ثلجي كانت سببه نُدفة, أو كما يقال في اللغة العامية (القشة التي قصمت ظهر البعير), حيث تبخرت أصول مالية حول العالم بأرقام خيالية بلغت تريليونات الدولارات وأزمة كساد عالمي مازال العالم يعاني من آثارها الى يومنا هذا. إن المشتقات المالية بشكل عام والتزام الدين المكفول(CDO) سوف تكون السبب في الأزمة المالية القادمة كما يتوقع بعض المحللين والتي قد وفق عدة سيناريوهات مثل قيام الصين ببيع حصة كبيرة من سندات الدين الحكومي الأمريكي أو قراصنة إنترنت يشنون هجوما إلكترونيا على سوق المشتقات المالية ويصدرون أوامر بيع حصص ضخمة مما يؤدي الى إنهيار قيمتها.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية


No comments:

Post a Comment