Flag Counter

Flag Counter

Friday, July 23, 2021

من كتب الأناجيل؟

لم يعد مقبولا من الناحية الأكاديمية بين المختصين وعلماء الدراسات اللاهوتية الإعتقاد بصحة نسب الأناجيل الأربعة عدد من الرسائل في العهد الجديد الى مؤلفيها. هناك نص في إنجيل القديس مرقس(14:50) أنه حين تم القبض على يسوع المسيح:"فَتَرَكَهُ الْجَمِيعُ وَهَرَبُوا." وفي نص آخر (مر 15:40):"وَكَانَتْ أَيْضًا نِسَاءٌ يَنْظُرْنَ مِنْ بَعِيدٍ، بَيْنَهُنَّ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ، وَمَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ الصَّغِيرِ وَيُوسِي، وَسَالُومَةُ." وفي الساعات القليلة التي سبقت القبض عليه وحين ذهب رفقة تلاميذه ال بستان جَثْسَيْمَانِي من أجل أن يصلي (مر 14:41) ثُمَّ جَاءَ ثَالِثَةً وَقَالَ لَهُمْ: «نَامُوا الآنَ وَاسْتَرِيحُوا! يَكْفِي! قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ! هُوَذَا ابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي الْخُطَاةِ. وقد كان التلاميذ مختبئين ومغلقين عليهم الأبواب خوفا من اليهود حين ظهر لهم يسوع المسيح في أول الأسبوع (يو 20:19).إن تلك النصوص وغيرها تطرح إشكالية حقيقة حول هوية مؤلفي الأناجيل الحقيقية. 

إن أول الأناجيل في الترتيب هو إنجيل القديس متى وهو موظف حكومي يعمل جابي ضرائب في كفرناحوم . وحيث  يؤمن الكثير من الباحثين بأن متى أو لاوي كما جاء على ذكره في إنجيل القديس لوقا ليس أحد تلاميذ يسوع المسيح. إنَّ النسخة التي بين أيدينا من إنجيل القديس متى قد تُرجمت عن اللغة اليونانية القديمة. وكما نعلم أنَّ أقدم مخطوطات الكتاب المقدس هي المخطوطة السينائية(Codex Sinaiticus), المخطوطة الفاتيكانية ومخطوطة جامعة كامبردج والتي تعود الى أوائل ومنتصف القرن الرابع ميلادي. المؤرخ يوسابيوس القيصري ذكر في كتابه تاريخ الكنيسة نقلا عن بابياس(60-130)ميلادية أن القديس متى كتب إنجيله باللغة العربية القريبة الشبه مع اللغة الآرامية. 

إنجيل القديس مرقس هو ثاني الأناجيل في الترتيب ولكن الكنائس تضعه الأول والأقدم في تاريخ كتابته حيث ترجعه الى 70 ميلادية بينما إنجيل متى يعود تاريخ كتابته الى 80م-90م. القديس مرقس هو تلميذ أحد الحواريين ويقال أنه رافق الحواري بطرس الى روما. وقد ورد ذكر مرقس في رسالة بطرس الأولى(5:13)"تُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّتِي فِي بَابِلَ الْمُخْتَارَةُ مَعَكُمْ، وَمَرْقُسُ ابْنِي." وكذلك في سفر أعمال الرسل(12:12)"ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ مُنْتَبِهٌ إِلَى بَيْتِ مَرْيَمَ أُمِّ يُوحَنَّا الْمُلَقَّبِ مَرْقُسَ." ولكن في الإنجيل نفسه, لم يرد أي إشارة الى القديس مرقس أو الى هوية كاتبه. 

إنَّ القديس لوقا كان طبيبا ومرافقا بولس في رحلاته ولكنه ليس أحد الحواريين حيث ينسب اليه إنجيل لوقا وسفر أعمال الرسل. إن لوقا يعترف في مقدمة إنجيله أنه وكما الآخرون بتأليف قصة عن يسوع المسيح فإنه سوف يقوم بذلك بعناية وتدقيق. ويتفق المؤرخون أن لوقا والذي كان أديبا مرهفا إضافة الى كونه طبيبا قد كتب إنجيله وسفر أعمال الرسل باللغة اليونانية. وقد تفرد إنجيل القديس لوقا عن باقي برواية قصة الميلاد المعجزة حيث قد يكون لديه مصدر لم يكن باقي مؤلفي الأناجيل على إطلاع عليه. كما أنه هناك روايات أخرى تفرَّدَ بها لوقا رغم أنه لم يكن شاهد عيان على الأحداث مثل رواية قيام المسيح بإعادة أُذن عبد رئيس الكهنة التي قام أحد التلاميذ بقطعها(لو 22:51).

إنَّ إنجيل القديس يوحنا هو الإنجيل الرابع في الترتيب وأحد أكثر الأناجيل تلاوة في الطقوس الكنسية. وقد تعرَّضَ ذلك الإنجيل تحديدا الى الكثير من النقد منها أن هناك أكثر من مؤلف وأن كاتبه ينتمي الى الصوفية اليهودية أو أحد الفرق الغنوصية وأنه لايمكن القبول بأن مؤلف إنجيل القديس يوحنا هو يوحنا الرسول حواري يسوع المسيح. ولقد تفرَّد الإنجيل برواية عدد من المعجزات منها تحويل الماء الى خمر في عرس قانا الجليل(يو 2: 1-11), إقامة لعازر من الموت(يو 11: 41-45) والمرأة الزانية(يو 8: 1-7).

تأليف الأناجيل ورسائل الرسل تمَّ بواسطة عدد من الأشخاص طوال مئات السنين حيث خضعت الى تعديلات مختلفة حتى وصلت الينا كما هي بين أيدينا الأن. إن ظهور الأناجيل كان سنة 140م والتصديق عليها بوصفها مقدسة منسوبة الى مؤلفيها من الحواريين وتلاميذهم كان سنة 170 ميلادي والاعتراف بها سنة 325م في مجمع نيقية حيث تم استبعاد عدد من الأناجيل التي وصفت بأنها غير قانونية. وخلال تلك الفترة التي سبقت سنة 140م, كانت الأناجيل ورسائل بطرس ويوحنا عبارة عن أقوال شفهية وتقاليد غير مكتوبة وسيرة حياة يسوع المسيح التي كان يتم تناقلها شفاهة حيث تتداخل مع روايات وأساطير محلية.

مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية

النهاية

No comments:

Post a Comment