Flag Counter

Flag Counter

Wednesday, October 1, 2014

ماهي العلاقة التي تربط النفط بالنمو الإقتصادي والناتج الإجمالي المحلي في البلدان المستوردة له؟

سوف أتكلم في مواضيع قادمة إن شاء الله عن النفط فالجميع يعلمون أهميته في النمو الإقتصادي المتعلق بأي بلد وتأثيره على إجمالي الناتج المحلي(GDP) حيث أنه مسؤول عن ثلث(١/٣) الطاقة المستهلكة في العالم وكما أن ثلثي (٢/٣) النفط المستهلك يكون فيما يتعلق بوسائل النقل و المواصلات سواء كانت سيارات, طائرات, قطارات وسفن.
ولكي نعلم مدى تأثير النفط وتقلباته السعرية على إقتصاديات الدول وسير الحياة فيها فلنأخذ أمريكا على سبيل المثال, فأثناء حرب رمضان ١٩٧٣ وبسبب قرار التوقف عن تصدير النفط كليا أو جزئيا والذي إتخذته الدول المصدرة للنفط(أوبك) بحق بعض الدول وخصوصا أمريكا وبريطانيا فقد تم تحديد سرعة سير السيارات على الطرقات في أمريكا بحد أقصى ٥٥ميلا/ساعة بموجب قانون الطوارئ الخاص بحفظ الطاقة.
الولايات المتحدة تستهلك مانسبته خمس(١/٥) إجمالي إنتاج النفط في العالم. وقد كانت الولايات المتحدة تحقق فائضا في الميزانية حين كانت أسعار النفط لا تتجاوز ٢٠ دولار للبرميل ولكنها الآن قد تصل إى أكثر من ١٤٠ دولار والولايات المتحدة غارقة في عجز ميزانية بلغ أكثر من تريليون دولار حتى تم الإتفاق على رفع سقف الدين لإنقاذ الولايات المتحدة من شبح الإفلاس حيث توقفت الحكومة لفترة معينة عن دفع رواتب الموظفين في الأجهزة الحكومية المختلفة.
ومن الآثار السلبية لإرتفاع سعر النفط هي تباطئ النمو الإقتصادي وهي نقطة سوف أعود لشرحها لاحقا ولكن لها تأثيرات مثل إنخفاض الإنتاجية وزيادة نسبة البطالة مما يعني إنخفاض إجمالي الناتج المحلي, الولايات المتحدة سجلت نسبة بطالة في بعض السنين بلغت مستوى ٧.٣% وسنة ٢٠١٣ بلغت ٧.٨%ووصلت إلى ١٢% في سنين أخرى بما لذالك من آثار إجتماعية وإقتصادية حيث بلغ عدد العاطلين أحيانا ١٢ مليون عاطل عن العمل.
مثال آخر هو بريطانيا والتي كانت تعتمد في إستهلاكها النفطي على ٣٠% من مصادر متنوعة و٧٠% من النفط مصدره دول الخليج وتحديدا السعودية التي لها نسبة ٣٠% من النفط المصدر من دول الخليج العربي إلى بريطانيا, مما يعني أن النسبة الإجمالية لصادرات السعودية النفطية إلى بريطانيا تبلغ ٤٣% تقريبا. الحكومة البريطانية إتخذت مجموعة إجرائات أثناء فترة الحظر النفطي وتخفيض إنتاج النفط منها تقديم برنامج يتضمن مجموعة بنود الهدف منها تخفيض إستهلاك الطاقة. تلك البنود تضمنت برنامج عمل حكومي لثلاثة أيام من الأسبوع, خمسة أيام عمل أسبوعيا للمصانع والشركات الخاصة وإنتهاء البث التلفزيوني الساعة ١٠:٣٠ مساء. وحتى تضاف المشاكل الناجمة عن العجز في توفير مصادر الطاقة إلى أجندة الحكومة البريطانية التي رأسها في تلك الفترة إدوارد هيث فقد صادفت فترة الحظر النفطي وتخفيض الإنتاج مع إضراب نقابة عمال المناجم مما أدى إلى تراجع حاد في كميات الفحم التي يتم توريدها لمحطات إنتاج الكهرباء لتزداد الأزمة تعقيدا.
الدول الصناعية الأوروبية في فترة الحظر النفطي وتخفيض الإنتاج سنة ١٩٧٤ سجلت عجزا في الميزانية بلغ ٤٨ مليار دولار بالمجمل مقارنة بفائض ١٠ مليار دولار في الفترة التي سبقت تلك السنة بينما سجلت الدول الخليجية المصدرة للنفط فائضا يقدر بمبلغ ٦٩مليار دولار لسنة ١٩٧٤.
إن المعادلة الإقتصادية التي تتحكم بالعلاقة بين تسعيرة النفط والنمو الإقتصادي بسيطة ومباشرة: النمو الإقتصادي مرتبط بإستهلاك الطاقة. وبكل بساطة أيضا فإن أي متخصص بالإقتصاد يعتمد على عاملين مهمين لقياس القوة الإقتصادية لأي بلد موضوع البحث والدراسة وهما (١) نمو الإنتاجية, (٢) نمو القوة العاملة.
ويتم تعريف نمو الإنتاجية بأنها معدل التغير في الإنتاجية للفرد وأما نمو القوة العاملة فيتم تعريفها بأنها عدد الأشخاص المؤهلين لدخول سوق العمل وبالجمع بين المفهومين فإننا نحصل على مفهوم جديد هو (GDP) أو مايعرف الناتج المحلي الإجمالي والذي يقيس القدرة المحتملة للنمو الإقتصادي في دولة معينة.
وبالرجوع إلى التعريفين السابقين فإذا فرضنا أن نسبة نمو الإنتاجية في بلد ما لا على التعيين هي ٢% ونسبة نمو القوة العاملة في ذالك البلد هي ٣% فيصبح المجموع وهو يعبر عن الناتج الإجمالي المحلي ٥% وأي نمو إقتصادي أكثر من تلك النسبة سوف يؤدي لمشاكل عديدة منها إرتفاع نسبة التضخم مما يعني زيادة عدد العاطلين عن العمل وإنخفاض القدرة الشرائية وتآكل قيمة مدخرات التقاعد ولكن كيف يكون ذالك؟
إن إرتفاع إنتاجية الفرد تعني إرتفاع مستوى دخله الإقتصادي فيرتفع طلبه على السلع الإستهلاكية وذالك يعني زيادة الطلب على السلع الإنتاجية التي تستخدم بشكل رئيسي في تصنيع تلك المنتجات. المصانع في تلك الحالة سوف تعمل بأقصى قدرة لها وذالك يعني زيادة إستهلاكها للطاقة وإذا طبقنا ذالك على بلد بأكمله ووفق قانون العرض والطلب فإن ذالك يؤدي إلى إرتفاع الطلب على النفط والغاز وعالميا والنتيجة سوف تكون إرتفاعا حادا في أسعار النفط والغاز بسبب كثرة الطلب وقلة المعروض ويتسبب ذالك بحصول فجوة إقتصادية أو كما يتم إستخدام مصطلح فجوة الإنتاج.
إن الفرق بين قدرة النمو الإنتاجية لإقتصاد بلد معين والمخرجات الفعلية لذالك الإقتصاد يؤدي إلى مايعرف بإسم فجوة الإنتاج وكلما إزادت تلك الفجوة فسوف يكون هناك نتائج قد تكون كارثية مثل إرتفاع مستوى التضخم وتآكل مدخرات التقاعد وإنخفاض شديد في أسعار العقارات وتلك الأخيرة كانت نقطة البداية للإنهيار الإقتصادي الكارثي الذي بدأ في أمريكا سنة ٢٠٠٧/٢٠٠٨ وتسبب في ضياع عشرات المليارات من الدولارات بلغت قيمة بعض التقديرات بمائة(١٠٠) مليار دولار.
أسعار النفط كانت تبلغ سنة ٢٠٠٤ للبرميل الواحد ٣٠ دولارا بينما إرتفعت في الفترة بين سنة ٢٠٠٧ و٢٠٠٨ بشكل تدريجي حتى بلغت ١٤٧ دولار للبرميل في صيف عام ٢٠٠٨ مما أدى إلى إبتلاع أي قيمة مادية لحزمات الإنعاش الإقتصادي التي بلغت قيمتها ٨٠٠ مليار دولار وحاولت الحكومة الأمريكية ضخها لإنقاذ الإقتصادي الأمريكي المتداعي. إن حزمات الإنعاش الإقتصادي قد تؤدي إلى نتائج عكسية في حالة كان النمو الإقتصادي في بلد ما لا على التعيين يقترب من حاجز القيمة الفعلية لقدرته على النمو فإن حزمات الإنعاش الإقتصادي سوف تؤدي إلى المزيد من المشاكل لذالك االبلد.
إذا درسنا تأثير إرتفاع أسعار النفط على بلد بحجم الصين أو الهند فإن النتائج سوف تكون مرعبة وكارثية حيث أن البلدين كانا يدركان أن خام برنت تجاوز حاجز مائة دولار أمريكي للبرميل حيث وصل سعره ١٢٦ دولار للبرميل طوال سنة ٢٠٠٨ في أشد لحظات الأزمة الإقتصادية وأعمقها, الجميع أصبح مدركا أن ٨ سنوات متواصلة من النمو الإقتصادي قد شهد الجميع نهايتها.
إن إرتفاع أسعار النفط يؤدي إلى نقاش من نوع أخر متعلق بإحتياطي النفط ومدى المتوفر منه والمخزونات المتبقية وهي مواضيع لا تحبذ الشركات النفطية خروج النقاش فيها إلى العلن بل إبقائه داخل الأبواب المغلقة وحتى بعض الدول لا تحبذ تلك النقاشات العلنية حيث يقال وعلى نطاق واسع وتصريحات لكبرى الشركات الإستشارية الأمريكية مثل (بيرا) ونقلا عن وكالة رويترز للأنباء أن السعودية سوف تصبح دولة مستوردة للنفط بحلول سنة ٢٠٣٠ وأن أمريكا سوف تتجاوز السعودية في معدل الإنتاج النفطي بفضل طفرة إنتاجية للنفط الصخري(كنت قد أوضحت هذه النقطة في موضوع سابق (الأثار المترتبة على تحقيق الولايات المتحدة الإكتفاء الذاتي من النفط والعوامل المؤثرة على سعره) ومن الممكن الرجوع لذالك الموضوع للمزيد من الإيضاحت. إن هاذا الموضوع هو فكرة مطورة عن الموضوع السابق مع مزيد من المعلومات المفصلة فأرجو أن ينال إعجابكم.
النهاية
أشكر تفاعلكم ووقتكم

No comments:

Post a Comment